كتب حنا صالح: في صبيحة اليوم الـ1969 على بدء ثورة الكرامة
لأن الموازنة هي مرآة السياسة الفعلية لأي سلطة، فإن إصدار قانون الموازنة( أعدتها حكومة ميقاتي) بمرسوم عن مجلس الوزراء سقطة حكومية سيئة جداً كان ينبغي تجنبها، وكان بالإمكان تجنبها.
حكومة “الإصلاح والإنقاذ” التي وعدت في جلسة مجلس الوزراء يوم أمس بإستكمال الإصلاحات السياسية وأكثرت من الحديث عن الإصلاحات الإقتصادية التي تفرض نفسها، تعرف أن البلد يعيش أكبر المآسي نتيجة الإنهيارات المتلاحقة المالية والإقتصادية والإجتماعية الخانقة، نتيجة نهب مبرمج وإفقار متعمد، كان المطلوب منها بديل يقول أنها مدركة حجم الوجع العام، أو بعضه. حكومة تعرف أن سياسة مد اليد على جيوب الناس متواصل عبر أخطر هيركات يتجسد في تعاميم لا قانونية يصدرها المصرف المركزي، بدأها الفاسد الكبير رياض سلامة ويتابعها الحاكم بالإنابة وفريقه، خدمة لكارتل بنكرجي ما زال يتحكم بالقرارات العامة للبلد..، كان عليها أن توجه رسالة أخرى للمواطنين!
لكن الحكومة بكل أسف أصدرت موازنة ورثتها عن حكومة الثنائي المذهبي التي لم يناقشها البرلمان ويتحمل مسؤوليته عنها، وتجاهلت حكومة “الإصلاح والإنقاذ” في إصدارها لهذه الموازنة واقع أنها لا تحمل أي لفتة إصلاحية أو رؤية، فاصدرتها بدون أي تعديل! إنها خطوة خطيرة غير مقبول تبريرها بالقول أنها هدفت إلى الخروج من الإنفاق على القاعدة الإثني عشرية ومن سلف الخزينة وهي رفض للوقوع في الترقيع! إنها أقل من ترقيع وكيف يمكن للناس أن تقبل في ظل الأزمة المتفاقمة وكل هذه الإنهيارات القول حاسبونا على موازنة العام 2026 التي سنضعها؟
يا دولة الرئيس حتى العام 26 لديك 10 أشهر، فبأي حق مسموح لحكومتك أن تؤجل ورشة إطلاق إصلاحات ضريبية ومالية كل هذا الوقت، إلى السنة القادمة؟ لقد سبق لك وحذرت من تضييع الفرص فماذا فعلت الحكومة بالأمس غير تضييع الوقت والفرص، وبدء خسارة الزخم الشعبي الذي أوصلك إلى الرئاسة الثالثة؟
لقد كان مفترضاً بمجلس الوزراء أن يتوقف ملياً عند ما تضمنته الموازنة من ضرائب جائرة، جلها غير مباشرة، وكان ينبغي إعادة نظر سريعة بأرقامها، وكذلك إغفالها إسترجاع حقوق الخزينة في أكثر من مجال! بأي حال قال الرئيس سلام أن مجلس الوزراء كلف وزير المال ياسين جابر إعداد مشروع قانون خلال أسبوع لإعادة النظر بالرسوم الواردة في الموازنة لتدارك الآثارالإجتماعية والإقتصادية السلبية التي يمكن أن تترتب على المواطنين(..)، هذا الإعتراف بالجور الذي تلحقه موازنة الضرائب الفاحشة بالناس، كانت تفترض قراراً مغايراً، خصوصاً أن المهلة المعطاة لوزير المال هي 7 أيام، فهل غصت الحكومة بهذه المهلة رافضة “الترقيع” لكنها لم تغص بالتبعات على المواطنين، وهل ستصدق وتقدم ما هو مغاير ومقنع بعد أسبوع؟
بداية مخيبة لا يمكن تجميلها ولا ينفع الترقيع! ووفق ما يتردد ويشاع عن أسرار يتم التداوةل بها بين قصور القرار، فإن المواطن يخشى من خيبات على الطريق كأن تتقدم المحاصصة الطائفية في التعيينات؟!