الخميس, أبريل 24, 2025
20.4 C
Beirut

الدولة الدرزية المنتظرة: بمنظور إسرائيلي وفكر قومي درزي .. رفض الدروز أن يصبحوا “حراس حدود” كما حدث مع “قوات لحد” في لبنان!

نشرت في

أخباركم – أخبارنا/ مسعود محمد

سقوط الأسد في أيار 2021:

يعتبر سقوط نظام الأسد في سوريا في مايو 2021 نقطة فارقة في تاريخ البلاد، وهو يشير إلى إمكانات جديدة فيما يتعلق بمستقبل سوريا. مع هذا التحول السياسي، تبرز فكرة تقسيم سوريا مرة أخرى إلى كيانات طائفية وعرقية كما خطط لذلك الانتداب الفرنسي. رغم فشل هذه المخططات في الماضي، يعتقد البعض أن التقسيم الميداني لسوريا إلى خمس دويلات قد يصبح واقعًا: سنّية تحت النفوذ التركي، علويّة تحت السيطرة الروسية وبعض النفوذ الايراني، درزيّة بتوجه إسرائيلي-أردني، كردية تحت حماية أمريكية. هذا التقسيم الميداني قد يستمر على المدى القريب، مع احتمال أن يبقى الحكم المركزي إسلاميًا على نمط تركيا الأردوغانية.

دولة جبل الدروز:

دولة جبل الدروز كانت كيانًا سياسيًا تم تأسيسه خلال فترة الانتداب الفرنسي على سوريا في بداية القرن العشرين، وقد شكلت هذه الدولة إحدى التجارب الهامة التي شهدتها المنطقة خلال تلك الفترة. تم تأسيسها في 1 مايو 1921 بموجب قرارات الانتداب الفرنسي، وكانت الدولة الدرزية تتمتع بحكم ذاتي خاص بها تحت الوصاية الفرنسية، وهو ما يعكس محاولات القوى الاستعمارية لتقسيم سوريا إلى دويلات طائفية وعرقية.

الظروف التاريخية والتأسيس

بعد نهاية الحرب العالمية الأولى، بدأ الانتداب الفرنسي في سوريا نتيجة للاتفاقات الدولية مثل معاهدة سايكس-بيكو (1916)، التي قسمت أراضي الإمبراطورية العثمانية بين القوى الاستعمارية الأوروبية. في تلك الأثناء، كانت سوريا تعيش حالة من التوترات الطائفية، حيث سعى الفرنسيون إلى إدارة البلاد من خلال استراتيجيات تعتمد على تقسيمها إلى كيانات طائفية صغيرة يسهل التحكم فيها.

تم إنشاء دولة جبل الدروز كجزء من هذه السياسة الاستعمارية، وهي الدولة التي ضمت بشكل رئيسي جبل العرب (أو جبل الدروز)، الواقع في الجنوب السوري. وقد كانت هذه الدولة تضم مناطق من السويداء ودرعا، كما امتدت إلى بعض المناطق في شرق الأردن، مثل منطقة الأزرق. كان الهدف من إنشاء هذه الدولة هو ضمان حماية مصالح فرنسا في المنطقة وتحقيق نوع من التوازن الطائفي الذي يعزز سلطتها على المكونات المتنوعة في سوريا.

القيادة الدرزية

تحت الوصاية الفرنسية، كانت القيادة في دولة جبل الدروز في يد الزعماء المحليين من الطائفة الدرزية. وكان الشيخ أحمد طافش أحد أبرز الشخصيات التي كانت تقود هذا الكيان، حيث تولى قيادة منطقة السويداء واحتفظ بالنفوذ الكبير بين أوساط الدروز. على الرغم من أن هذه الدولة كانت خاضعة للانتداب الفرنسي، فإن الزعماء المحليين مثل طافش كانوا يحرصون على الحفاظ على هويتهم الثقافية والسياسية، حيث استمروا في تحدي سلطة الاحتلال الفرنسي في بعض الأحيان.

الأحداث الهامة:

في 1925، بدأت الثورة السورية الكبرى ضد الانتداب الفرنسي بقيادة شخصيات مثل سلطان الأطرش، الذي كان أحد القادة البارزين للطائفة الدرزية. وقد شارك أهل جبل الدروز في الثورة إلى جانب باقي السوريين، مما أدى إلى تأثير كبير على مستقبل الدولة الدرزية.

في عام 1927، وبعد انكسار الثورة السورية الكبرى، قامت السلطات الفرنسية بإعادة هيكلة الكيانات السياسية في سوريا، وأعادت تسمية دولة جبل الدروز إلى “دولة السويداء”، وأصبحت هذه المنطقة تحت حكم مشترك مع المناطق الأخرى التي كانت تحت سيطرة الفرنسيين.

الدمج مع سوريا:

مع تزايد الضغوط القومية السورية وحركات الاستقلال ضد الاستعمار الفرنسي، بدأت القوى الوطنية السورية تسعى إلى توحيد الأراضي السورية وإزالة الدويلات التي أنشأها الفرنسيون. كانت الدولة الدرزية جزءًا من هذا المجهود، وفي عام 1936، تم دمج دولة جبل الدروز مع باقي الأراضي السورية في إطار دولة موحدة بموجب المعاهدة الفرنسية السورية. ورغم معارضة بعض القوى الدرزية لهذا التوحيد، إلا أن القومية السورية قد نجحت في تعزيز الوحدة الوطنية والتأكيد على أن سوريا يجب أن تكون دولة موحدة ذات سيادة.

أثر دولة جبل الدروز على سوريا:

ساهمت دولة جبل الدروز في تعزيز الوعي الوطني السوري بشكل عام، وكانت نقطة انطلاق للفكر القومي السوري في تلك الحقبة. على الرغم من محاولات تقسيم سوريا إلى دويلات طائفية، مثلما كان الحال مع دولة جبل الدروز، فقد ظلت الوحدة الوطنية هي الهدف الأسمى للقوى السياسية السورية. كما أن تجربة دولة جبل الدروز تمثل نقطة تحول في مسار النضال ضد الاستعمار الفرنسي، حيث ساهمت الطائفة الدرزية في هذا الصراع عبر مقاومتهم لمحاولات تقسيم البلاد وحفاظهم على هويتهم الوطنية السورية.

في النهاية، على الرغم من أن دولة جبل الدروز كانت تحت حكم وصاية فرنسية، فإنها كانت تجربة محورية في التاريخ السوري الحديث. وأثبتت الطائفة الدرزية في تلك الفترة أن التزامها بوحدة سوريا الوطنية كان أقوى من محاولات التفريق التي قد تدفعها إليها القوى الاستعمارية.

حلم الصهاينة باستخدام الدروز :

الدروز في فلسطين لم يدعموا المخططات الصهيونية بشكل مباشر، فقد حافظوا على وجودهم في أراضيهم ورفضوا الهجرة كما فعل الفلسطينيون. بعد قيام دولة إسرائيل، أصبح الدروز مواطنين في الدولة العبرية للحفاظ على بقائهم في أراضيهم، وللحفاظ على هويتهم الثقافية والدينية. وبدلاً من أن يكونوا جزءًا من مخططات تقسيمية أو أداة في يد إسرائيل، اتخذ الدروز موقفًا متوازنًا بين الحفاظ على وجودهم في وطنهم والمشاركة في المجتمع الإسرائيلي، بينما ظلوا يرفضون تحويلهم إلى أداة لتحقيق أهداف إسرائيلية في المنطقة. ورغم هذا الموقف، كانت هناك بعض القيادات الدرزية التي قبلت التعاون مع إسرائيل في بعض المراحل، إلا أن ذلك لم يُترجم إلى دعم للمخططات الصهيونية للتقسيم.

العلاقات الدرزية الإسرائيلية:

الدروز في فلسطين لم يشاركوا في مخططات الصهيونية، بل على العكس، حافظوا على هويتهم الوطنية في مواجهة التحديات التي فرضتها السياسات الإسرائيلية، مثلما لعبوا دورًا كبيرًا في الثورة الفلسطينية ضد الانتداب البريطاني من خلال معارك مثل معركة طلحة-تل حاي عام 1919 وثورة الكف الأخضر في 1929. ورغم مساعدة بعض الفصائل العربية لمخططات تقسيمية تهدف إلى تمكين إسرائيل، حافظ الدروز القوميون على موقفهم الرافض للمشاركة في أي مشاريع تتعارض مع هويتهم العربية والقومية السورية.

حملات الإغاثة الدرزية الإسرائيلية:

خلال الأزمات التي مرت بها سوريا، قدم الدروز الفلسطينيون الدعم المالي لإغاثة الدروز السوريين. ورغم النوايا الطيبة وراء هذه المساعدات، فإن الأموال التي تم جمعها قد أُستخدمت بطريقة غير شفافة، مما أدى إلى تعزيز الانقسامات الداخلية في صفوف الدروز وتوجيه مواقفهم نحو تأييد إسرائيل في بعض الأحيان. هذه الأموال لعبت دورًا في تعميق الخلافات بين الدروز في الجبل وفي دعم مواقف معينة على حساب أخرى الا ان الأكثرية بقيت متمسكة بسوريتها.

نتانياهو ورغبته بدعم دروز سوريا:

في ظل محاولات نتانياهو لتوسيع نفوذ إسرائيل في سوريا، سعى إلى تعزيز العلاقات مع الدروز السوريين، بما في ذلك تقديم الدعم في محاولة لتحقيق حلم قديم في تأسيس دولة درزية تحت النفوذ الإسرائيلي. ورغم بعض الدعم الذي قد يتلقاه من فئات معينة من الدروز، خاصة في مناطق مثل الجولان والكرمل، يبقى هناك رفض واسع من قبل أغلبية الدروز الذين يرون أن هذا يدعم تدخل إسرائيل في الشؤون السورية.

التاريخ العروبي الثوري لدى الدروز:

الجانب الأكثر بروزًا في تاريخ الدروز هو ارتباطهم العميق بالهوية العروبية الثورية، التي شكلت جزءًا من نضالهم الوطني على مر العصور. من خلال مشاركتهم في مقاومة الاحتلالات الأجنبية على مدار التاريخ، كانت العروبة هي الرابط المشترك بين الدروز وبقية أبناء الشعب السوري. لعب الدروز دورًا رئيسيًا في دعم الحركات الثورية ضد الانتداب الفرنسي، وقاوموا محاولات تقسيم سوريا التي كانت تهدف إلى إشعال الفتن الطائفية. هذا التاريخ العروبي الغني يجعل من المستحيل أن يتقبل الدروز أي محاولة لتقسيم سوريا أو تحويلهم إلى أداة في مشاريع خارجية تهدف إلى تدمير الوحدة الوطنية السورية.

التحديات المستقبلية:

لا شك أن التحديات المستقبلية التي يواجهها الدروز في سوريا تتضمن الكثير من المخاطر، خصوصًا في ظل الطموحات الإسرائيلية في المنطقة. إلا أن الفكر القومي الدرزي، الذي يرفض التورط في المشاريع الخارجية ويؤمن بالوحدة الوطنية السورية، سيظل حائط الصد الرئيسي ضد أي محاولات لتقسيم البلاد.

الجولاني والمكون الدرزي في سوريا

1. الوضع السياسي في سوريا:
في الوقت الراهن، تمر سوريا بحالة من الانقسام السياسي والصراع المستمر، مع تدخلات خارجية متعددة من قوى إقليمية ودولية. إضافة إلى ذلك، العديد من المناطق السورية خارج سيطرة الحكومة المركزية في دمشق، ما يجعل إدارة البلاد أكثر تعقيدًا. فيما يتعلق بالمكون الدرزي، يعتبر الدروز جزءًا أساسيًا من نسيج سوريا الاجتماعي والعرقي، ويواجهون تحديات عدة تتعلق بالتوزيع السياسي والتمثيل، مثل بقية الجماعات السورية التي تعاني من الضغوط الأمنية والسياسية.

2. التحديات أمام المشاركة الدرزية في إدارة الدولة:
رغم رفض الدروز القاطع لأي محاولات تقسيمية لسوريا، تظل التحديات التي يواجهونها عديدة، خاصة فيما يتعلق بتمثيلهم في الحكومة المركزية والمشاركة في الأجهزة الأمنية. إن التفاوض حول تمثيل الدروز في المناصب الحكومية قد يرتبط بعدد من العوامل السياسية، مثل المواقف التي قد تتخذها القوى العسكرية الكبرى في سوريا (كالجيش السوري و”هيئة تحرير الشام” في إدلب)، بالإضافة إلى موقف الحكومة المركزية في دمشق.

3. الجولاني والتمثيل الدرزي:
فيما يتعلق بأحمد الشرع، قائد الرئيس المؤقت لسوريا، فهو يعد شخصية بارزة في المنطقة. ورغم أن الشرع يرتبط ارتباطًا وثيقًا بمصالح القوى الإسلامية الجهادية، فإن موقفه تجاه الطوائف والمكونات العرقية الأخرى في سوريا يعكس حذرًا ومرونة في التعامل. حتى الآن، لا توجد مؤشرات واضحة على أن الشرع سيستجيب لدعوات تمثيل الطائفة الدرزية في إدارة الدولة السورية أو في المناصب الحكومية والأمنية. ومع ذلك، قد تطرأ تغييرات مستقبلية على هذا الموقف إذا ظهرت توافقات سياسية جديدة بين الدروز والحكومة السورية أو الفصائل الأخرى، ومعلوماتنا انه يتم العمل عليها وقد تشهد الحكومة الجديدة تعيين وزير درزي.

4. احتمالية ضم الدروز للأجهزة الأمنية:
تظل إمكانية ضم الدروز إلى الأجهزة الأمنية وإدارة المحافظات السورية مرتبطة بالظروف السياسية الراهنة. إذا تم التوصل إلى تسوية سياسية شاملة ومستدامة، من الممكن أن يتم تمثيل الدروز في المناصب الحكومية، بما في ذلك الوزارات، وقد يساهمون في تكامل الأجهزة الأمنية بما يتناسب مع رغبتهم في الحفاظ على هويتهم الثقافية والدينية وضمان الاستقلالية ضمن وحدة سوريا. لكن هذا القرار مرتبط بالتحولات السياسية التي قد تحدث مستقبلاً، خاصة إذا تطورت التحالفات السياسية داخل سوريا.


من الممكن أن يكون هناك في المستقبل فرصة لتمثيل الدروز في إدارة الدولة السورية إذا تحقق نوع من التسوية السياسية الوطنية الشاملة. ويشمل ذلك احترام المبادئ الأساسية للوحدة الوطنية السورية التي يسعى إليها الفكر القومي الدرزي. على الرغم من ذلك، تبقى القضية معقدة بالنظر إلى التحديات السياسية والأمنية الحالية، مما يجعل من الصعب تحديد ما إذا كانت هذه التغييرات ستحدث في الوقت القريب، خاصة في ظل الوضع السياسي الداخلي والخارجي المتقلب.

شارك الخبر:

اضغط على مواقع التواصل ادناه لتتلقى كل اخبارنا

آخر الأخبار

#همسة_صباحية: قرار تسليم سلاح حزب الله… في طهران

أخباركم - أخبارنا بقلم: مصطفى أحمد بدأت قصة تأسيس حزب الله على يد الحرس الثوري...

الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين: رفض الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين ودعوة للحوار بين الفصائل الفلسطينية

أخباركم - أخبارنا أدان عضو اللجنة التنفيذية والمكتب السياسي للجبهة الديمقراطية، رمزي رباح، التصريحات التي...

إسرائيل وحربها المستمرة: تحديات الجيش وتوقعات المواجهة في غزة

أخباركم - أخبارنا بقلم: حلمي موسى من غزة تحتفل إسرائيل في هذه الأيام بذكرى المحرقة...

قوى تحالف المقاومة الفلسطينية: ندين ونشجب خطاب عباس في المجلس المركزي واعتداءه اللفظي على المقاومة!

أخباركم - أخبارنا بيان صحفي صادر عن قوى تحالف المقاومة الفلسطينية ندين ونشجب خطاب عباس...

More like this

بلديات الجبل في عين الاستحقاق: تنافس محلي على وقع التحولات السياسية والاجتماعية!

أخباركم - أخبارنا/ عايدة الأحمديةتشكّل الانتخابات البلدية والاختيارية في قضائي الشوف وعاليه استحقاقاً ديمقراطياً...

إيران وتجارة الكبتاغون في المنطقة الجزء الخامس: العقوبات الدولية – هل يمكن كسر شبكة إيران وحلفائها في تجارة الكبتاغون؟

أخباركم - أخبارنافي السنوات الأخيرة، تحوّلت تجارة الكبتاغون من نشاط إجرامي متخفٍ إلى ملف...

يا مينا الحبايب… بيروتي التي لا تموت

أخباركم - أخبارنا/ بقلم: مسعود محمد الى روحي أبي فوزي محمد والعم نديم عبود...