الأربعاء, أبريل 23, 2025
20.4 C
Beirut

تفسير آيات الكفر في القرآن وتأثيرها على تفسير الجماعات الجهادية: تحليل للفكر المتشدد في العالم الإسلامي المعاصر!

نشرت في

أخباركم – أخبارنا/ مسعود محمد

تعد الآيات القرآنية التي تتحدث عن “الكفر” من الأركان الأساسية التي يعتمد عليها العديد من الجماعات الجهادية في تشكيل رؤيتهم حول من هو “العدو” ومن هو “المؤمن”. هذه الآيات، والتي غالبًا ما تُفهم بشكل ضيق، أصبحت جزءًا من أدوات التفسير التي يستخدمها المتشددون لتبرير العنف والقتل تجاه المختلفين معهم في المذهب أو الدين. وفي هذه السياقات، يُستغل مفهوم “الكفر” لتصنيف الأفراد والجماعات الذين لا يتفقون مع تفسيرهم الضيق للإسلام على أنهم “كفار”، وبالتالي يستحقون العقاب الإلهي والدنيوي.

يتم استخدام هذه الآيات بشكل أساسي لتبرير العنف ضد من يعتبرونهم “أعداء الإسلام”، سواء كان ذلك ضد غير المسلمين أو ضد المسلمين الذين يختلفون معهم في فكرهم أو مذهبهم. في هذا السياق، يستخدم الجهاديون تفسيرات متشددة لهذه الآيات ليبرروا أعمال العنف والتطرف الذي يمارسونه، كما في العديد من المناطق التي شهدت صراعات طائفية، مثل العراق، سوريا، ومصر. وفي هذا المقال، سنتناول بعضًا من هذه الآيات، مع تحليل لتفسيرها في السياق الجهادي، بالإضافة إلى عرض أفكار مفكرين عرب تناولوا ظاهرة التشدد الديني وعجز هذه الجماعات عن التغيير الفكري أو العقائدي.

من المهم أن نلاحظ أن هذه الآيات ليست بطبيعتها دعوة للعنف أو التفرقة بين البشر، ولكن يتم تلاعب تفسيراتها من قبل بعض الجماعات الجهادية لتناسب أهدافهم السياسية والعسكرية. تتيح لنا هذه الدراسة أيضًا فهم أسباب لجوء بعض الجماعات إلى التفسير الضيق للنصوص الإسلامية، ولماذا لا يستطيعون التكيف مع التحديات الفكرية والاجتماعية الحديثة. كما سنتطرق إلى تحليل مفكرين عرب بارزين، مثل هشام شرابي، محمد عابد الجابري، فؤاد زكريا، وعبد الله العروي، الذين قدموا تحليلات نقدية حول التشدد الجهادي، وناقشوا الأسباب الفكرية والعقلية التي تقف وراء إصرار هذه الجماعات على التمسك بتفسيرات ضيقة وعنيفة، مما يحول دون تطور الفكر الإسلامي وتكيفه مع الواقع المعاصر.

ستركز هذه المقالة أيضًا على الآيات التي تتحدث عن “الكفر” وكيفية استغلال الجماعات الجهادية لها لتحديد “المؤمنين” من “الكفار”، ومناقشة كيفية استخدام هذه التفسيرات الضيقة للآيات في أحداث معاصرة مثل تلك التي جرت في العراق وسوريا، إضافة إلى تطبيق مفهوم “التقية” في الفكر الجهادي وأثره على تصرفات هذه الجماعات.

1. الآيات المتعلقة بالكفر في القرآن وتأثيرها على تفسير الجماعات الجهادية:

الآية: “إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ

(آل عمران: 19)
التحليل: تؤكد هذه الآية أن الإسلام هو الدين الذي يرضاه الله. الجماعات الجهادية مثل القاعدة وداعش تعتمد على هذه الآية لتأكيد “الحق” الإسلامي كما يرونه، ويرون أن جميع الأديان الأخرى غير مقبولة من الله، مما يبرر العنف ضد غير المسلمين.

الآية: “إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَأُو۟لَـٰٓئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ ٱللَّهِ وَٱلْمَلَـٰٓئِكَةِ وَٱلنَّاسِ أَجْمَعِينَ

(آل عمران: 87)
التحليل: هذه الآية تتحدث عن الذين يموتون على الكفر بأنهم ملعونين من الله والملائكة والناس. بعض الجماعات الجهادية تستخدم هذه الآية لتكفير غير المسلمين أو من يختلفون معهم في الدين أو المذهب، باعتبارهم “كفارًا” يستحقون اللعنة والعقاب.

الآية: “إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُوا۟ وَيَعْمَلُونَ ٱلصَّٰلِحَٰتِ أُو۟لَـٰٓئِكَ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَٰلِدُونَ

(البقرة: 217)
التحليل: تتحدث هذه الآية عن الذين يكفرون بالله ويعملون الصالحات. الجماعات الجهادية تستخدم هذه الآية لتبرير الهجمات على “الكفار”، مبررين أعمال العنف كجزء من تطبيق الشريعة الإسلامية.

الآية: “وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ ٱلۡإِسْلَـٰمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِى ٱلۡأٓخِرَةِ مِنَ ٱلۡخَٰسِرِينَ

(آل عمران: 85)
التحليل: هذه الآية توضح أن الدين الذي يقبله الله هو الإسلام، وأن من يبتغِ غيره لا يُقبل منه. الجماعات الجهادية تستخدمها لتكفير أي شخص يتبع دينًا غير الإسلام، وهذا يشمل غير المسلمين وكذلك من يختلف معهم في تفسير الإسلام نفسه.

الآية: “إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَٰتِ ٱللَّهِ وِيَقْتُلُونَ ٱلنَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ ٱلَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِٱلۡقِسْطِ مِنَ ٱلنَّاسِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ

(آل عمران: 21)
التحليل: الآية تتحدث عن الذين يكفرون بآيات الله ويقتلون الأنبياء. تُستخدم هذه الآية من قبل بعض الجماعات الجهادية لتبرير قتل المسلمين المخالفين لهم (مثل الشيعة والعلويين) بناءً على تكفيرهم.

الآية: “إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُوا۟ بِٱللَّهِ وَرُسُلِهِۦ وَرَادُّوا۟ۖآنِيۢ يَقْتُلُونَ رُسُلَ ٱللَّهِ فَأُو۟لَـٰٓئِكَ فِى ٱلۡنَّارِ خَـٰلِدِينَ فِيهَا

(المائدة: 33)
التحليل: الآية تتحدث عن الذين يكفرون بالله ورسله. الجماعات الجهادية تستخدم هذه الآية لتكفير الحكومات غير الإسلامية أو الأشخاص الذين يرون أنهم لا يتبعون الإسلام كما يفهمونه.

2. تحليل أفكار مفكرين عرب حول تشدد الجهاديين وعدم قدرتهم على تغيير هويتهم:

أ. هشام شرابي

أحد المفكرين البارزين في العالم العربي، هشام شرابي، تناول في أعماله مشكلة التشدد الديني في العالم العربي والإسلامي. في كتابه “النظام الأبوي والإسلام” يطرح شرابي أن الإسلام السياسي الذي تبنته بعض الجماعات الجهادية يتسم بالجمود وعدم القدرة على التكيف مع التغيرات الاجتماعية والثقافية. يرى شرابي أن التشدد الجهادي ناتج عن صراع داخلي بين الحفاظ على الهوية الدينية التقليدية والاستجابة للتحديات الحديثة، ما يجعل هذه الجماعات غير قادرة على التغيير أو التطور.

ب. محمد عابد الجابري

الجابري، المفكر المغربي، في مؤلفاته مثل “نقد العقل العربي” يوضح كيف أن التفسير الضيق والمتشدد للنصوص الدينية، الذي يعتمده الجهاديون، نابع من الفشل في إعادة التفكير في التراث الإسلامي. الجابري يرى أن العقل العربي يعاني من تعطيل التفكير النقدي والتجديد في فهم النصوص، وأن هذا الخلل الفكري يساهم في تعزيز التطرف ورفض التغيير. وبالتالي، فإن الجماعات الجهادية مثل داعش تعتمد على هذا التفسير التقليدي والتشدد في فهم الدين.

ج. فؤاد زكريا

المفكر المصري فؤاد زكريا، في كتاباته عن “الاستبداد الديني” يعرض كيف أن الفكر الجهادي يعتمد على العزلة الفكرية والتكفير كأساس لفهم العالم. يشير زكريا إلى أن الجهاديين يعتقدون أنهم الأوصياء الوحيدون على الدين، مما يحصر تفكيرهم في نموذج واحد ورفض كل الآخر. عدم القدرة على التكيف مع التغيير الاجتماعي والاقتصادي في العالم المعاصر، يساهم في هذا التشدد.

د. عبدالله العروي

المفكر المغربي عبدالله العروي، الذي تناول قضايا الفكر العربي الحديث، يبرز في أعماله كيف أن الانغلاق على النصوص المقدسة وتفسيرها بشكل جامد يؤدي إلى خلق “دين السياسة”. هذا النوع من الدين يركز على تكفير الآخر وفرض الرأي الأيديولوجي بالقوة. العروي يشير إلى أن الجماعات الجهادية تجد في العنف وسيلة لإعادة تعريف الهوية الإسلامية، لكنها في ذات الوقت تفقد قدرتها على التكيف مع الواقع المعاصر..

تُظهر الآيات التي تتحدث عن الكفر في القرآن أهمية التفسير الصحيح والمتوازن للدين الإسلامي. في الوقت الذي تروج فيه بعض الجماعات الجهادية لتفسير ضيق ومتشدد يبرر العنف ضد من يختلفون معهم دينيًا، من المهم أن نعود إلى المبادئ الإسلامية الأساسية التي تدعو إلى العدالة، الرحمة، والتسامح. مفكرون عرب مثل هشام شرابي، محمد عابد الجابري، فؤاد زكريا، وعبدالله العروي قدموا تحليلات نقدية لهذا التشدد الديني، مؤكدين على أهمية العقلانية والتجديد في تفسير النصوص الدينية.

التشدد الجهادي لا يعكس جوهر الإسلام الذي يعزز من التعايش السلمي بين الناس. فهمنا الصحيح للآيات المتعلقة بالكفر يجب أن يكون مبنيًا على العدالة والمساواة، وليس العنف والإقصاء.

تفسير آيات الكفر في القرآن وتطبيقاتها على الجماعات الجهادية والأحداث المعاصرة

من المهم أن نلاحظ أن فهم الآيات التي تتحدث عن الكفر والنار والتفرقة بين المؤمنين وغير المؤمنين يعتمد على السياق التاريخي والديني. هذه الآيات تتعلق بالمفاهيم التي تتبناها الكثير من التيارات الإسلامية في تفسيراتهم للأديان الأخرى ولأتباعها، ولكن ينبغي أن نكون حذرين عند تطبيق هذه الآيات على الأحداث المعاصرة، خاصة عندما يتم استغلالها في سياقات سياسية أو عنفية. في هذا المقال، سنتناول بعض الآيات التي تتحدث عن الكفر ونوضح كيفية استخدامها من قبل الجماعات الجهادية، وتطبيقاتها في السياقات المعاصرة مثل الأحداث التي وقعت في سوريا والعراق.

1. الجماعات الإسلامية في مصر، العراق، والقاعدة وداعش:

تُعتبر الجماعات مثل القاعدة وداعش وغيرها من الحركات الجهادية، التي تتبنى تفسيرات متشددة ومحصورة في مفهوم “الجهاد” والقتال ضد من يعتبرونهم “كفارًا” (ومنهم غالبًا الحكومات الإسلامية التي لا تتبع تفسيرهم الضيق للإسلام)، هم من أبرز الجماعات التي تستند إلى مثل هذه الآيات لتبرير أعمالهم العنيفة. ففي حالتهم، يتم استغلال مفاهيم الكفر والولاء لله ورسوله كأساس لتحديد من هو “العدو” ومن هو “المؤمن”.

  • داعش والقاعدة: جماعات مثل داعش والقاعدة يستخدمون هذه الآيات للتصنيف الديني والمذهبي، حيث يرون أن “الكفار” يشملون الحكومات الإسلامية التي لا تتبع تفسيرهم الخاص للإسلام، وأتباع الطوائف الأخرى مثل الشيعة والعلويين. وبناءً على ذلك، يُستخدم العنف والقتل ضد “الكفار” (الذين يطلقون عليهم “المرتدين” أو “الطائفيين”) كنوع من الجهاد. وهذه الجماعات تعبر عن تفسير متشدد للآيات التي تتحدث عن الكفار، ويرون أن مهمتهم هي “تطبيق الشريعة” وحماية الدين.
  • أحداث العراق ومصر: في العراق ومصر، حيث عانت العديد من المجتمعات من صراعات طائفية، استخدمت بعض الجماعات الجهادية تفسيرات مشابهة للآيات التي تتحدث عن الكفار لتبرير أعمال العنف ضد المسلمين الشيعة والأقليات. القاعدة على سبيل المثال، استهدفت الشيعة والجيش العراقي باعتبارهم كفارًا، مبررين هجماتهم من خلال تفسيرهم الخاص للآيات المتعلقة بالكفر ونجاحهم في تكفير الخصوم.

2. ما حدث في سوريا ضد العلويين:

الآيات التي تتحدث عن الكفر: تُشكّل الآيات التي تتناول موضوع الكفر في القرآن الكريم أساسًا رئيسيًا لتفسير العديد من الجماعات الجهادية، حيث يعتمدون عليها لتحديد مفهوم “العدو” و”المؤمن”. يستندون إلى هذه الآيات لتبرير أعمالهم العنيفة ضد من يعتبرونهم “كفارًا”، سواء كانوا من غير المسلمين أو من المسلمين الذين يختلفون معهم في التفسير والممارسة الدينية.

تفسير بعض الجماعات الجهادية لمفهوم “الكفر” وتطبيقاته:

  1. الجماعات الجهادية في مصر والعراق: تستخدم جماعات مثل القاعدة وداعش تفسيرات متشددة لمفهوم “الكفر” لتبرير أعمال العنف ضد الحكومات والأفراد الذين لا يتفقون مع تفسيرهم الضيق للإسلام. يعتبرون أن الحكومات التي لا تحكم بما أنزل الله، وكذلك أتباع الطوائف الأخرى مثل الشيعة والعلويين، هم من “الكفار” الذين يجوز قتالهم.
  2. الأحداث في سوريا ضد العلويين: في سوريا، قامت بعض الجماعات الجهادية بتفسير العلويين (الذين يتبعون مذهبًا مختلفًا عن السنة) على أنهم “كفار” استنادًا إلى مفاهيم قرآنية. نتج عن ذلك استهدافهم في مناطق مثل اللاذقية وطرطوس، حيث تعرضوا لأعمال عنف واغتيالات. كما تعرض الأكراد في عفرين ومناطق أخرى للهجمات، وتعرض الدروز لاعتداءات من قبل جماعة النصرة، بما في ذلك اختطاف نسائهم.

التوثيق والمراجع:

  • لمزيد من الفهم حول كيفية استخدام الجماعات الجهادية للآيات المتعلقة بالكفر لتبرير أعمالهم، يمكن الرجوع إلى دراسة بعنوان “الكفر عند أهل السنة والجماعة ومخالفيهم” والتي تناقش تفسيرات الكفر وتأثيرها على الفكر الجهادي.
  • بالإضافة إلى ذلك، توفر تطبيقات مثل “آيات: القرآن الكريم” نسخة مصورة من المصحف الشريف مع تفسيرات متعددة، مما يساعد في فهم أعمق للآيات والسياق الذي نزلت فيه.

يُظهر تحليل تفسيرات الجماعات الجهادية للآيات المتعلقة بالكفر كيف يمكن استخدام النصوص الدينية لتبرير العنف والتطرف. ومع ذلك، من المهم التأكيد على أن هذه التفسيرات لا تعكس بالضرورة المعنى الحقيقي للدين الإسلامي، الذي يدعو إلى التسامح والرحمة والتعايش السلمي بين البشر. يجب أن يكون فهمنا للآيات القرآنية متوازنًا ومبنيًا على العدالة والمساواة، بعيدًا عن التعصب والتطرف.

  • التكفير والتبرير: العديد من الجماعات التي نفذت عمليات القتل ضد العلويين في سوريا، كانت تستخدم “الكفر” كذريعة لهذه الهجمات. استنادًا إلى فهمهم لتفسير الآيات التي تتحدث عن الكفر والقتل، اعتبروا العلويين “كفارًا” يستحقون العقاب. وعليه، تم تنفيذ عمليات التطهير العرقي وقتل المدنيين على أساس الهوية الدينية، في محاولة لتوسيع نفوذهم الإيديولوجي.

3. استغلال الآيات في سياق سياسي وعنف ديني:

الآيات التي تتحدث عن الكفر غالبًا ما تُستخدم في تفسير بعض الجماعات المتشددة لتبرير العنف ضد المخالفين في الدين، وهذا لا يعكس بالضرورة المعنى الصحيح لهذه الآيات في سياقها القرآني. إذا كان الهدف هو التفرقة بين المؤمنين والكفار في سياق ديني، فإنه لا يجب أن يكون مبررًا للعنف والإقصاء أو التطهير الديني، لأن القرآن يشدد على العدالة والرحمة والتعايش بين البشر.

على سبيل المثال، الآية “إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَأُو۟لَـٰٓئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ ٱللَّهِ وَٱلْمَلَـٰٓئِكَةِ وَٱلنَّاسِ أَجْمَعِينَ” (آل عمران: 87) قد تستخدمها بعض الجماعات لتبرير العنف ضد غير المسلمين. ومع ذلك، فإن الفقهاء العاديين في العالم الإسلامي يرفضون تمامًا ربط هذه الآية بالعنف أو التطهير العرقي ضد المختلفين دينيًا.

4. آيات أخرى متعلقة بالكفر:

الآية: “إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُوا۟ بِٱللَّهِ وَرُسُلِهِۦ وَرَادُّوا۟ۖآنِيۢ يَقْتُلُونَ رُسُلَ ٱللَّهِ فَأُو۟لَـٰٓئِكَ فِى ٱلۡنَّارِ خَـٰلِدِينَ فِيهَا

(المائدة: 33)
التحليل: هذه الآية تذكر أولئك الذين يكفرون بالله ورسله ويقتلونهم. بعض الجماعات الجهادية تستخدم هذه الآية لتكفير الحكومات غير الإسلامية أو الأشخاص الذين يرون أنهم لا يتبعون الإسلام كما يفهمونه. ومع ذلك، القرآن يعزز التسامح ولا يدعو إلى القتل والإقصاء.

الآية: “إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُوا۟ وَيَعْمَلُونَ ٱلصَّٰلِحَٰتِ أُو۟لَـٰٓئِكَ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَٰلِدُونَ

(البقرة: 217)
التحليل: تتحدث الآية عن الذين يكفرون بالله ويعملون الصالحات. بعض الجماعات الجهادية تستخدم هذه الآية لتبرير الهجمات على “الكفار” معتبرين أن أعمالهم الصالحة لا تكفي، وبالتالي لا يمكن قبولها. مع ذلك، القرآن يركز على المحبة والتعايش.

استنادًا إلى الآيات التي تتحدث عن الكفر، يتم في بعض الأحيان تبرير العنف ضد أفراد أو جماعات على أساس دينهم أو معتقداتهم. ولكن، في الوقت نفسه، الإسلام يعزز من مبادئ التعايش، والعدالة، والرحمة، التي يجب أن تسيطر على فهمنا للإيمان. في هذا السياق، يجب أن نُميز بين التفسير الديني الذي يدعو للتسامح والسلام وبين استخدام النصوص الدينية لتبرير العنف والكراهية.

الآراء الفكرية حول التشدد الجهادي:

أفكار مفكرين عرب قد قدمت تحليلاً عميقًا لمفهوم التشدد الجهادي وعدم قدرة هذه الجماعات على تغيير هويتهم الفكرية:

1. هشام شرابي:

في كتابه “النظام الأبوي والإسلام”، يرى هشام شرابي أن الفكر الجهادي يعكس محاولة لإعادة استرجاع هوية دينية ضائعة من خلال تفسيرات جامدة لا تستطيع التكيف مع الواقع المعاصر.

2. محمد عابد الجابري:

الجابري في كتاب “نقد العقل العربي” يناقش كيف أن الفكر الجهادي يعكس مشكلة عقلية في التراث العربي والإسلامي، حيث أن غياب التفكير النقدي والتجديد الفكري يجعل هذه الجماعات محكومة بتفسيرات محدودة ونمطية للدين.

3. فؤاد زكريا:

فؤاد زكريا أشار إلى أن الفكر الجهادي يعتمد على عزلة فكرية ورفض للاختلاف، مما يؤدي إلى تحول الجهاديين إلى “أوصياء” على الدين، ويعطل التفكير العقلاني ويقيد إمكانية التغيير والتطور.

4. عبدالله العروي:

في كتاباته، يوضح العروي أن التشدد الديني عند الجماعات الجهادية يرتبط بحالة من “التكفير” المتبادل، مما يعوق التطور الفكري ويسهم في تعزيز العنف والتحريض ضد المختلفين.

إن فهم النصوص الدينية بمرونة وتفسيرها في سياق الزمان والمكان هو أساس لتحقيق السلم والتعايش بين الجميع. علينا أن نواجه تفسير النصوص المتشدد بعقلانية ووسطية، وأن نعمل على تشجيع فكر يتيح لجميع الأفراد، بغض النظر عن معتقداتهم، العيش في سلام واحترام متبادل.

تفسير التّقية والجهاد في سياق الجماعات الجهادية:

في العديد من الحالات، جماعات مثل “جبهة النصرة” (التي تغير اسمها إلى “هيئة تحرير الشام”)، وكذلك “داعش” والقاعدة، تمارس ما يمكن تسميته بـ “التقية” في سياقٍ سياسي وعسكري. “التقية” هي مفهوم إسلامي يتيح للمسلم إخفاء دينه أو تغيير سلوكه إذا كان في خطر. رغم أن هذه الممارسة غالبًا ما ترتبط بالمذهب الشيعي، إلا أن بعض الجماعات السنية الجهادية قد تستخدمها لتحقيق أهداف سياسية أو تكتيكية. في السياق السوري، على سبيل المثال، نرى أن بعض قادة الجماعات مثل أبو محمد الجولاني (زعيم “هيئة تحرير الشام”) قد خففوا من مواقفهم المتشددة في بعض الأحيان، مثلما فعل عندما ارتدى ربطة العنق في إحدى لقاءاته، وهو الأمر الذي أثار جدلاً كبيرًا. هذه الممارسات، رغم شكلها الظاهري من “الاعتدال” أو “التغيير”، لا تعكس بالضرورة تغييرًا حقيقيًا في العقيدة أو الفكر، بل قد تكون مجرد تكتيك لتجنب الانتقادات أو لتسهيل التفاوض مع أطراف أخرى.

التقية في فكر الجماعات الجهادية:

  • الجولاني وممارسة التقية: عندما ارتدى أبو محمد الجولاني ربطة العنق في لقاءه مع وسائل الإعلام، جاء ذلك في سياق محاولة لتعديل الصورة العامة للجماعة، خصوصًا بعدما أصبح يشرف على مناطق واسعة في الشمال السوري. قد تكون هذه الخطوة بمثابة محاولة لتسويق صورة أكثر “مقبولية” أو “معتدلة” لإظهار حرصهم على الانفتاح على المجتمع الدولي أو على بعض القوى المحلية، خاصة بعد زيادة الضغوط العسكرية والدبلوماسية.

لكن من المهم أن نلاحظ أن هذه التغييرات في المظاهر أو السلوكيات لا تعكس بالضرورة تغييرًا جوهريًا في المعتقدات الأيديولوجية للجماعة. فالرؤية العقائدية الصارمة للجهاد، والتكفير، والإيمان بضرورة تطبيق “الشريعة” لا تزال ثابتة في عقيدتهم، على الرغم من هذا التغيير الظاهر في الشكل. هذا التفسير قد يعكس التقية التي تمارسها بعض هذه الجماعات لتكييف سلوكها مع تغيرات السياسة والواقع العسكري في المنطقة.

التحليل الفكري حول التقية وعدم التغيير في الفكر:

  • هشام شرابي:
    في فكر هشام شرابي، يتطرق إلى فهم التكيف بين التقليدي والجديد في عقلية بعض الجماعات الدينية، ويقول إن هذه الجماعات تجد في المظاهر والتكتيك فرصة للحفاظ على شرعيتها في عالم معقد ومتعدد الثقافات. شرابي يربط بين مفهوم “التقية” وأيديولوجيا الحفاظ على السلطة والتأثير في سياقات سياسية معقدة، حيث يظهر هذا التكتيك كوسيلة لحماية الذات مع الحفاظ على عقيدتهم الصارمة داخليًا.
  • محمد عابد الجابري:
    الجابري في تفسيره لظاهرة الإسلام السياسي يرى أن مثل هذه الجماعات، رغم أنها قد تستخدم “التقية” لتكيف سلوكها مع القوى المحلية أو الدولية، فإنها تبقى محكومة في أيديولوجيتها الأحادية. الجابري يرى أن هذه الجماعات لا تستفيد من التفاعل مع مجتمعات متنوعة فكرًا وثقافة، بل تسعى بشكل مستمر لتكريس صورة ضيقة من الدين الإسلامي، معتمدين على العنف والتكفير بدلاً من الحوار والانفتاح.
  • عبد الله العروي:
    العروي يشير إلى أن هذه الجماعات، رغم ممارستها للتقية في بعض الأحيان أو ارتداء الملابس الغربية مثل ربطة العنق، لا تغير من جوهر هويتها الفكرية أو العقائدية. هذه الجماعات تبقى متمسكة بالرؤية الصارمة التي تقوم على التفريق بين “المؤمن” و”الكافر”، وتحاول التلاعب بالصور لتوسيع نفوذها، لكن الأيديولوجيا في الأساس تظل راسخة. العروي يعتبر أن هذه الجماعات تقتصر على مفهوم “الحقيقة” من منظور ضيق، مما يؤدي إلى رفض التحولات الفكرية أو التجديد العقائدي.
  • فؤاد زكريا:
    في كتاباته حول “الاستبداد الديني”، يشير فؤاد زكريا إلى أن الجماعات المتشددة التي تعتنق مثل هذه الأفكار تعمل على خلق “صورة مهيمنة” عن الدين، تراها أنها تمتلك الحقيقة المطلقة، وتستخدم “التقية” أو التغيير الظاهري لتحقيق أهدافها في الظل، لكنها تبقى محكومة بمنظورها المتزمت. زكريا يعزو ذلك إلى عدم قدرتها على الاستجابة للتحولات الاجتماعية والفكرية الحديثة، مما يجعلها تعود دائمًا إلى استخدام التكتيكات الظاهرة دون تعديل جوهري في العقيدة.

إن ممارسة “التقية” التي قد تظهر من بعض القيادات الجهادية لا تعكس في كثير من الأحيان تغييرًا حقيقيًا في الفكر أو العقيدة. بل هي مجرد تكتيك سياسي لتكيف مع الظروف المتغيرة، في محاولة للحفاظ على السلطة والنفوذ. ورغم أن هذه الجماعات قد تظهر بعض التنازلات في مواقفها السلوكية أو المظهرية، إلا أن أيديولوجياتها المتطرفة التي تستند إلى العنف والتكفير تظل ثابتة. المفكرون العرب، مثل هشام شرابي، محمد عابد الجابري، فؤاد زكريا، وعبد الله العروي، يقدمون تحليلات نقدية لهذه الجماعات، مشيرين إلى أن التغيير الظاهري الذي يحدث غالبًا لا يعكس تحولًا حقيقيًا في العقلية الجهادية، بل هو تكتيك لاستمرار الهيمنة والنفوذ.

شارك الخبر:

اضغط على مواقع التواصل ادناه لتتلقى كل اخبارنا

آخر الأخبار

إيران تعدم السجين السياسي الكردي حميد حسين نجاد

أخباركم ــ أخبارنا أعدمت السلطات الإيرانية فجر أمس، حكم الإعدام بحق السجين السياسي...

اسرائيل توسع نشاط اغتيالاتها نحو بيروت وتستهدف سيارة قرب الدامور .. وأخرى في الحنية .. والنتيجة قتيلان من الحزب والجماعة الاسلامية

أخباركم - أخبارنا/ تقرير لبنان الميداني في صباح يوم الثلاثاء، استيقظ لبنان على وقع غارة...

اغتيال الشيخ حسين عطوي: الجماعة الإسلامية تحت النار… وماذا بعد؟

استهداف قيادي بارز يفتح الباب أمام أسئلة خطرة حول السلاح، ودور الجماعة في المواجهة...

ماذا بين الجيش وحماس؟

خاص: أخباركم - أخبارنا اكدت مصادر واسعة الاطلاع لـ"أخباركم أخبارنا" ان الجيش اللبناني يواصل...

More like this

وداعًا لراعي الفقراء… البابا فرنسيس يترجل عن منبر الإنسانية .. قادة العالم ينعونه ويشيدون بإرثه الإنساني!

✍️ بقلم: جميل نعمة – أخباركم / أخبارنا في لحظة مؤثرة من تاريخ الكنيسة الكاثوليكية...

برحيل البابا فرنسيس: هل سيتراجع صوت السلام بوصول بابا “ترامبي”؟!

أخباركم - أخبارنا/ الكاتب والمحلل السياسي عبد الرحيم التوراني خلفت وفاة البابا فرنسيس، بابا...

المدن كالنساء… لكلٍّ جمالها، ولكلٍّ سرّها .. ما بين بيروت ونابلس بعيون أم زهير و بافيا!

أخباركم - أخبارنا/ بقلم: مسعود محمد الى رفاقي وأصدقائي في المنفى .. الى حسين...