كتب حنا صالح في صبيحة اليوم الـ1973 على بدء ثورة الكرامة
10 آذار 2025 يوم مجيد بتاريخ سوريا. إنه يوم فرح يعوض بعض ما ألم بالسوريين من وجعٍ نتيجة الإرتكابات والآثام التي تعرض لها الناس في منطقة الساحل. إنه يوم طي صفحة تآمر وإجرام بحق الكرد فتحها حزب البعث الذي تسبب بدمار سوريا والعراق، وكان الأشد تآمراً على الشعب الفلسطيني وقضيته، وألحق الأذى الكبير بلبنان واللبنانيين!
يوم 10 آذار متمم ليوم إستعادة دمشق وإسقاط حكم أسرة التوحش والإستبداد وفرار طاغية الشام إلى موسكو. في هذا اليوم وقع الرئيس السوري أحمد الشرع ومظلوم عبدي قائد “قسد”( قوات سوريا الديموقراطية) إتفاق ‘يتعادة وحدة الأراضي السورية الذي تضمن في أول بنوده “ضمان حقوق جميع السوريين في التمثيل والمشاركة في العملية السياسية وكافة مؤسسات الدولة بناء على الكفاءة بغض النظر عن خلفياتهم الدينية والعرقية”.
وللتاريخ فإن رسالة اوجلان القائد التاريخي للأكراد في تركيا من سجنه إلى حزبه التي دعت للإندماج والتخلي عن الكفاح المسلح وحظيت بموافقة القيادات العسكرية الكردية في جبال قنديل، فتحت مساراً سياسياً جديداً في تركيا وإنعكس ذلك على سوريا. ولا بد أن يكون هناك جهد ما أميركي مع إتجاه واشنطن لتصفير الصراعات، وستظهر الأيام ماهية الدور التركي. لذا يمكن القول على وقع الإحتفالات التي تعم سوريا، أن الإتفاق الذي إعتبر “المجتمع الكردي مجتمع أصيل في الدولة السورية، وتضمن الدولة السورية حقه في المواطنة وكافة حقوقه الدستورية”، سيمتن الروابط بين المجموعات السورية الأخرى والعيون ستتركز منذ الآن على السويداء. وكم كان سيكون وقع هذا الإتفاق كبيراً لولا المآسي التي شهدها الساحل السوري وهي الإشتباكات التي بدأتها فلول النظام السابق وخسرتها وأدت لثمن كبير جداً دفعه الأبرياء، يفترض محاسبة جادة ومعاقبة القتلة، تبدأ بوضع حدٍ لإجرام ميليشيات: “العمشات” و”الحمزات” المنضوية في إطار الجيش الوطني السوري الذي شكلته المخابرات التركية.
بدأ إجرام البعث بحق الكرد من منتصف ستينات القرن الماضي، فتم إقتلاع عشرات الألوف من أمكنة وجودهم التاريخية في ما يسمى كردستان الغر بية، وجرى إسكان قبائل عربية مكانهم قرب الحدود مع تركيا، وحرموا من الهوية السورية ومنعوا من الوظيفة.. وعندما شجع المستبد حافظ الأسد التنظيمات المسلحة الكردية إنما كان ذلك بهدف التأثير بالوضع التركي وحيث كان الأسد، وهو الذي أبرم إتفاقاً مع العدو الإسرائيلي حمى بموجبه الإحتلال، يطمح إلى دور إقليمي من خلال إحتلال لبنان والحرب على الشعب الفلسطيني للإستئثار بقضيته. وهكذا تسبب طغاة التسلط الفئوي الطائفي باسم البعث بتكبيد سوريا ولبنان وفلسطين أثماناً كبيرة!
إتفاق 10 أذار الذي يدمج المؤسسات المدنية والعسكرية في شمال شرق سوريا ضمن الدولة السورية، كشف عن شجاعة وحكمة لدى قيادة الشرع كما القيادة الكردية، قدمت مصالح سوريا والسوريين على أي إعتبار آخر.
مظلوم عبدي نشر صورة المصافحة بينه وبين الرئيس الشرع وعلق على الإتفاق بتغريدة على حسابه قال فيها: “في هذه الفترة الحساسة، نعمل سوياً لضمان مرحلة إنتقالية تعكس تطلعات شعبنا في العدالة والإستقرار. نحن ملتزمون ببناء مستقبل أفضل يضمن حقوق جميع السوريين ويحقق تطلعاتهم في السلام والكرامة. نعتبر هذا الإتفاق فرصة حقيقية لبناء سوريا جديدة تحتضن جميع مكوناتها وتضمن حسن الجوار”.
