أخباركم – أخبارنا/ دلدار بدرخان
حينما قالوا لنا إن إرادة الشعوب لا تُقهر، وإن الشعوب إذا أرادت الحياة فلا بد أن يستجيب لها القدر، و خدعونا حينما زرعوا فينا وهماً بأن الليل لا بد أن ينجلي، وأن الظلم لا بد أن يهزم، وأن الحرية هي قدر كل إنسان.
قالوا لنا إن صوت الشعب أقوى من الطغاة، و إن الكلمة الحرة أقوى من الرصاص، وإن النضال وحده كفيل بقلب موازين القوى، و خدعونا حينما ألبسوا لنا الأمل في ثوب الحقيقة المطلقة بينما كان الواقع يثبت يوماً بعد يوم أن الشعوب قد تُكسر، وأن الإرادة قد تُسحق تحت أحذية الجلادين وبسطار المستبدين.
أوهمونا بأن الثورات تنتهي بالانتصار دائماً، وبأن كل تضحيات الشعوب تجد طريقها نحو الحرية متناسين أن هناك أقداراً لا تستجيب مهما بلغت إرادة البشر، وأن للّيل وسواده أحياناً عمراً أطول مما وعدونا به.
قالوا إن الحق لا يُهزم وإن العدالة لا بد أن تنتصر بينما تركونا نواجه الحقيقة بأن القوة دائماً هي التي تكتب القوانين والمستقبل، وبأن الدماء قد تذهب هباءً في عالم تحكمه المصالح لا المبادئ.
كبرنا على قصص البطولة التي تمجّد الشعوب، وعلى أشعار تصف الإرادة كالسيف القاطع، دون أن يخبرونا أن التاريخ مليء بشعوب سُحقت إرادتها، وأحلام قُطعت قبل أن تولد، و خدعونا حينما لم يقولوا لنا إن الصراع أحياناً عبثي، وإن هناك معارك لا تُكسب حتى لو كان من خاضها على حق، وإن الشعوب أحياناً هي أول من يخذل قضيتها.
كبرنا لنفهم أن الحرية ليست دائماً نهاية الطريق، وأن الشعب الذي يطالب بالحياة قد يقف يوماً ما عاجزاً مكبلاً يراقب موته بصمت.