كتب إبراهيم بيرم لـ”أخباركم – اخبارنا”
أمس، اغتالت إسرائيل بواسطة المسيّرات شخصين في الجنوب، وسرعان ما نعاهما الحزب بصفتهما من عناصر جهازه العسكري، مسمّيًا أحدهما، وهو أحمد عز الدين، كقائد ميداني خسره الحزب للتو.
بطبيعة الحال، لم يكن هذا الحادث الأول من نوعه، إذ أصبحت عمليات الاغتيال التي تستهدف عناصر الحزب وكوادره نهجًا يوميًا تمارسه تل أبيب منذ سريان اتفاق وقف إطلاق النار في الجنوب قبل أكثر من ثلاثة أشهر. وقد دفع ذلك المعنيين إلى الاستنتاج بأن هناك حربًا من جانب واحد تشنها إسرائيل ضد الحزب، الذي يلتزم بصرامة بمندرجات هذا الاتفاق.
وعليه، يُطرح السؤال بإلحاح: إلى أي مدى يمكن للحزب أن يكتفي بنعي عناصره وكوادره الذين يتساقطون يوميًا؟ واستطرادًا، إلى أي حدّ يمكنه الاستمرار في سياسة “الصبر والعضّ على الجراح”، خصوصًا أن الذرائع التي يستند إليها في ممارسة سياسة “ضبط النفس” باتت تُفسَّر داخل قاعدته الشعبية كوجه من وجوه العجز والرضوخ؟
خسائر متتالية في الصفوف القيادية
وفق معلومات من مصادر متعددة على صلة بالوضع الميداني في الجنوب، فقد تمكنت إسرائيل منذ سريان اتفاق وقف إطلاق النار من تصفية أكثر من 110 قياديين عسكريين في الحزب، كان آخرهم خمسة أشخاص خلال الأسبوع الأخير، بينهم اثنان من الهرمل (شاهين وناصر الدين)، وكلاهما تُدرجهما إسرائيل ضمن وحدة مسؤولة عن تزويد الحزب بالأسلحة، ولا سيما تلك التي يتم شراؤها من داخل سوريا ونقلها إلى لبنان. كما شملت الاغتيالات ثلاثة عناصر من الجنوب، أبرزهم عز الدين.
وتشير المصادر ذاتها إلى أن الحزب، بهذه الخسائر المتتالية، يكون قد فقد خلال الأشهر الثلاثة التي تلت وقف إطلاق النار غالبية قياداته العسكرية في الصف الثالث، بعدما خسر خلال حرب الأشهر الخمسة عشر السابقة غالبية قياداته في الصفين الأول والثاني داخل ذراعه العسكري.
هناك خشية حقيقية لدى المعنيين بأن إسرائيل لن توقف عمليات التصفية والاغتيال اليومي لهذه القيادة إلا بعد تحقيق هدفها المعلن، وهو التصفية الكاملة للقيادات العسكرية المخضرمة والمجربة في الحزب، والتي استغرق تأهيلها وقتًا وجهودًا طويلة. وتعتقد تل أبيب أنها لن تتوقف حتى تتأكد من أن الحزب قد أوقف جميع أنشطته العسكرية أو تلك ذات الصلة، سواء في جنوب الليطاني أو شماله، امتدادًا إلى المعابر الحدودية بين لبنان وسوريا وفي السلسلتين الشرقية والغربية. وتزعم إسرائيل أنها تمتلك قاعدة بيانات تُظهر أن الحزب مستمر في إعادة بناء قوته العسكرية وتفعيلها.
هل يتجه الحزب إلى تغيير قواعد الاشتباك؟
إلى جانب دعوته إلى سياسة “الصبر الجميل”، بدأ الحزب مؤخرًا بالتلويح بإمكانية التحلل من موجبات اتفاق وقف إطلاق النار إذا ما تمادت إسرائيل في خروقها لهذا الاتفاق.
وقد عبّر القيادي في الحزب، الوزير السابق محمود قماطي، عن هذا التوجه الجديد في تصريح حديث، حيث أكد أن المقاومة لن ترضى باستمرار الانتهاكات، مشيرًا إلى أن ما يجري لم يعد مجرد خروقات، بل أصبح استباحة كاملة للسيادة الوطنية، واسترجاعًا لحقبة الاعتداءات الإسرائيلية على الجنوب التي استمرت منذ أواخر الستينيات وحتى عام 2000.
