أخباركم – أخبارنا/ مسعود محمد
في ذكرى استشهاد كمال جنبلاط: آل جنبلاط يستمرون في مواجهة المشاريع التقسيمية
في الذكرى السنوية لاستشهاد الزعيم كمال جنبلاط، يتجدد الحديث عن دور آل جنبلاط في التصدي للمشاريع التقسيمية التي تهدد وحدة لبنان. فقد ظلّ كمال جنبلاط رمزًا للوحدة الوطنية والمقاومة ضد أي محاولات لتفكيك لبنان إلى دويلات طائفية ومذهبية. اليوم، يستكمل ابنه وليد جنبلاط هذا الدور التاريخي، مُجددًا التأكيد على أهمية الحفاظ على هوية لبنان الموحدة، وذلك من خلال رفضه القاطع لفكرة “الدولة الدرزية”. في وقتٍ تتزايد فيه الدعوات لتقسيم لبنان إلى كيانات طائفية، يظل موقف آل جنبلاط ثابتًا في تعزيز وحدة لبنان الوطنية والتمسك بالمبادئ التي أسسها كمال جنبلاط في مواجهة أي محاولات للتقسيم.
في ظل التوترات السياسية المستمرة في لبنان والمنطقة، يتزايد القلق بشأن حياة الزعيم السياسي اللبناني وليد جنبلاط، قائد الحزب التقدمي الاشتراكي وزعيم الجبل الدرزي. ويواجه جنبلاط، الذي لطالما كان رمزًا للوحدة الوطنية في لبنان، تهديدًا يراه البعض يتعلق بفكرة إنشاء “دويلة درزية” في المنطقة التي تقع تحت سيطرة الطائفة الدرزية حيث يسكل بمواجهته حاجز الصد للفكرة ولتنفيذ مشاريع اسرائيل مما يجعله هدفاً لها. تتراوح الآراء حول هذه الفكرة، حيث يعتبرها البعض محاولة لتوفير حاجز حدودي جديد لحماية إسرائيل، بينما يرى آخرون أنها تهديد لسيادة لبنان وسوريا ووحدتهما الوطنية.

تاريخ وليد جنبلاط مع المشاريع التوسعية
منذ بداية الحرب الأهلية اللبنانية في السبعينيات والثمانينيات، كان وليد جنبلاط شخصية محورية في صراع القوى السياسية والطائفية في لبنان. كان جنبلاط يشغل موقعًا قياديًا في صفوف الحركات الوطنية اللبنانية، وشدد دائمًا على تعزيز الوحدة الوطنية بين الطوائف اللبنانية المختلفة. كان أحد أبرز المواقف التي اتخذها هو معارضته الحازمة لما سمي باتفاق 17 أيار 1983، والذي كان ينص على تسوية بين لبنان وإسرائيل. اعتبر جنبلاط هذا الاتفاق خيانة للسيادة اللبنانية، وكان له دور كبير في إسقاطه، مما جعله محط إعجاب من قبل الكثيرين الذين اعتبروا موقفه في إطار مقاومة الاحتلال الإسرائيلي.
وليد جنبلاط يواجه فكرة تقسيم لبنان وسوريا وإنشاء “الدويلة الدرزية”
في ظل التوترات الأمنية والسياسية المستمرة في لبنان وسوريا، يواجه الزعيم الدرزي وليد جنبلاط تحديًا سياسيًا خطيرًا يتعلق بفكرة تقسيم البلدين وإنشاء “دويلة درزية” في المنطقة. هذه الفكرة لا تشكل تهديدًا للسيادة الوطنية للبنان وسوريا فقط، بل تضع مصير المنطقة بأسرها على المحك. يعتبرها البعض محاولة لتوفير حاجز حدودي جديد لحماية إسرائيل، بينما يرى آخرون أنها تهديد مباشر لوحدة البلدين واستقرار المنطقة.
خلفية فكرة “الدويلة الدرزية”
منذ سنوات، هناك تيار متنامي في لبنان وسوريا يرى في فكرة “الدويلة الدرزية” حلاً لحماية المصالح الطائفية في ظل الأزمات المتلاحقة، سواء على الصعيد الداخلي أو الإقليمي. هذا التيار يطرح أن إنشاء منطقة درزية مستقلة قد يكون الوسيلة الأفضل لضمان الأمن والوجود للأقلية الدرزية في لبنان وسوريا، خصوصًا في ظل الانقسامات الطائفية العميقة التي يعاني منها كلا البلدين.
في لبنان، تزداد هذه الفكرة طرحًا بين بعض القوى السياسية التي تعتقد أن هذه “الدويلة” يمكن أن تؤمن حاجزًا أمنيًا بين إسرائيل والمناطق المحيطة بها. وفي سوريا، يظهر تيار مشابه، خاصة في مناطق جنوب سوريا المحاذية لإسرائيل، حيث يراهن بعض المتطرفين على تعزيز الكيان الدرزي في هذه المنطقة لمواجهة الضغوط الداخلية والخارجية. وهذا يخلق تهديدًا حقيقيًا ليس فقط للدولة السورية، بل للبنان الذي يُعتبر الجبل الدرزي جزءًا أساسيًا من هويته الوطنية.
موقف وليد جنبلاط
وليد جنبلاط، الذي طالما عُرف بمواقفه الثابتة ضد أي محاولات لتقسيم لبنان، يرفض هذه الفكرة بشكل قاطع. جنبلاط يرى أن وحدة لبنان وسوريا لا يمكن التفريط بها تحت أي ظرف من الظروف. وهو يعتبر أن أي محاولة لإنشاء “دويلة درزية” هي بمثابة تهديد مباشر ليس فقط للسيادة اللبنانية والسورية، بل لاستقرار المنطقة بأسرها. وقد أدلى جنبلاط في عدة مناسبات بمواقف شديدة اللهجة ضد هذا التيار، مؤكداً على ضرورة الحفاظ على وحدة لبنان وسوريا بوصفهما دولتين مرتبطتين تاريخيًا وثقافيًا.
التيار المؤيد لفكرة “الدويلة الدرزية”
رغم المعارضة الحازمة من جنبلاط، لا يزال هناك تيار يدعم فكرة تقسيم لبنان وسوريا إلى مناطق طائفية ومذهبية، ويعتقد أفراده أن هذا قد يكون الطريق الوحيد لضمان حقوق الأقليات وشكلت زيارة بعض المشايخ امس لاسرائيل انذاراً مبكراً بهذا الاطار. واصبح واضح انه في سوريا، بعض الشخصيات التي كانت مقربة من النظام السابق ترى أن الوضع المتأزم في البلاد يستدعي إعطاء بعض الطوائف امتيازات أمنية وجغرافية، وترى أن الدروز قد يكونون في وضع أفضل إذا تم إنشاء “دويلة” خاصة بهم في جنوب سوريا.
أما في لبنان، فهناك بعض القوى السياسية الدرزية الصغيرة، إضافة إلى قوى إقليمية ودولية، تروج لهذا الطرح تحت ذريعة تأمين الحماية للأقليات في لبنان والجنوب السوري. هؤلاء يرون أن فكرة “الدويلة” قد تضمن الأمان للطائفة الدرزية في وجه التحديات الإقليمية والدولية.

التحديات الناجمة عن هذه الفكرة
إن فكرة تقسيم لبنان وسوريا وقيام “دويلة درزية” تطرح العديد من التحديات. أولاً، فإنها قد تفتح الباب لتقسيمات أخرى على أسس طائفية، مما يهدد بتفكيك المنطقة بأسرها. ثانيًا، فإن تعزيز أي كيان درزي مستقل في سوريا ولبنان قد يتسبب في تفاقم الصراع بين مختلف الطوائف اللبنانية والسورية ويزيد من تدخل القوى الإقليمية والدولية.
جنبلاط، بحكم موقعه القيادي في الطائفة الدرزية اللبنانية، يعد من أبرز المدافعين عن وحدة لبنان وسوريا. ومن خلال مواقفه الرافضة لفكرة “الدويلة الدرزية”، يعزز جنبلاط رسالة الوحدة الوطنية اللبنانية والسورية في مواجهة التحديات الأمنية والسياسية التي تمر بها المنطقة.
رغم الضغوطات والتحديات الكبيرة التي تواجهها لبنان وسوريا في ظل الأزمات الإقليمية المستمرة، فإن موقف وليد جنبلاط الرافض لفكرة تقسيم البلدين وقيام “الدويلة الدرزية” يعكس التزامه الراسخ بوحدة الأرض والشعب. هذه الفكرة تهدد ليس فقط وحدة لبنان وسوريا، بل أيضًا استقرار المنطقة ككل، وهي بحاجة إلى رفض قاطع من جميع القوى الوطنية لضمان استمرار العيش المشترك بين مختلف الطوائف والمذاهب في لبنان وسوريا.
هل يستطيع جنبلاط مواجهة هذا التحدي؟
من غير المستغرب أن يتعرض جنبلاط لمثل هذه التهديدات في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ لبنان. فجنبلاط ليس فقط زعيمًا درزيًا، بل هو أيضًا أحد أبرز الشخصيات السياسية اللبنانية التي تمثل قيمة كبيرة في الحفاظ على وحدة لبنان. وعلى الرغم من التحديات التي يواجهها، يتمسك جنبلاط دائمًا بمواقفه التي تدعو إلى بناء لبنان قوي وموحد، بعيدًا عن المشاريع الطائفية أو التقسيمية.
إضافة إلى ذلك، فإن جنبلاط قد أظهر قدرة كبيرة على التكيف مع التحولات السياسية الإقليمية والدولية، وتمكن من الحفاظ على تحالفات استراتيجية مع مختلف الأطراف السياسية اللبنانية. من غير المرجح أن يتراجع جنبلاط عن مواقفه الثابتة في مواجهة أي محاولة لتفكيك لبنان أو تقسيمه. ومع ذلك، فإن الأوضاع الأمنية والسياسية المعقدة في المنطقة تجعل التحديات التي يواجهها أكبر من أي وقت مضى.
يظل وليد جنبلاط رمزًا للوحدة اللبنانية، ورغم التهديدات التي يواجهها من داخل لبنان وخارجه، يظل يتمسك بمواقفه التي تدعو إلى الحفاظ على وحدة الدولة ومؤسساتها. إن أي محاولة لإحياء فكرة “الدويلة الدرزية” لن تكون إلا تهديدًا لمستقبل لبنان وأمنه، وسيستمر جنبلاط في مقاومتها بكل ما أوتي من قوة، مدافعًا عن مبادئ السيادة الوطنية والاستقلال.