أخباركم – أخبارنا/ ميشال ن. أبو نجم
صفوفٌ عدة من الشباب الجامعي يرفعون يافطات “التيار – المعارضة”، صبايا وشبان يتكلم كلٌ منهم على المنبر عن ملفٍ معين، طلاقة وجرأة في الكلام، هكذا كان طابع المؤتمر التنظيمي السنوي للتيار الوطني الحر، والذي تميز في الشكل والمضمون بحضور الشباب الذين بدوا متحمسين لترسيخِ تجربتهم الحزبية عبر مجالات متعددة.
إنّه قرارٌ واضح من “التيار” ورئيسه جبران باسيل بوضع الشباب في الصدارة. سبق وعانى “التيار” من ضمور شبابي نتيجة عوامل متعددة، من خارج “التيار” وداخله خاصة مع رفضه الخطاب الغرائزي، وكان السؤال الأساسي المطروح هو كيفية تحقيق التوسع لدى الشباب في تيارٍ نشأَ أساساً من قياديين في العشرينات والثلاثينات من عمرهم.
من البلديات إلى الجامعات وآلية الترشيح النيابي والتواصل مع المؤيدين والمجتمع اللبناني، وصولاً إلى الإعلام الرقمي، تكلَّم شباب “التيار” عن الواقع والمشاريع المستقبلية. كلُّ ذلك في سبيل صياغة صورة “التيار” بشكل يلائم التحديات الحالية التي يواجهها اللبنانيون والشباب في شكلٍ خاص. رفعوا صوتَهم وسطَ تصفيق الحاضرين، لا بل وسط فرحِ التسعيني رئيسهم المؤسس الذي قال يوماً “ويل لأمة تضحي بشبابها من أجل شيبها”، ويصرّ على حضور كل المناسبات الكبرى بفرح من يضع الأمانة في أيد سليمة. هتفوا “حرية – سيادة – استقلال” تأكيداً لشعارِ المؤتمر هذا العام عن “القرار الوطني الحر”، والذي عكسَ ما أكّده باسيل لجهة رفض الإملاءات الخارجية من العام ١٩٨٨ وصولاً إلى انتخابات الرئاسة عام ٢٠٢٥.
وفي ورقة “التيار” السياسية، تأكيدٌ للمعارضة الإيجابية البناءة، لكن مع اهتمام خاص بالمخاطر الوجودية الآتية خاصة من الحريق في الجوار السوري. وهنا حذّر “التيار”
من مخاطر التقسيم والتفتت وتداعياته على لبنان، من دون أن ينسى قضية النزوح السوري.
والرؤية للملفات الداخلية، لا ينسى “التيار” اللامركزية الموسعة والتدقيق الجنائي واعادة هيكلة المصارف وإنشاء الصندوق الإئتماني، أما في وجود “التيار” فتشديدٌ
على رفض محاولات شيطنة الأحزاب التي سبق وبدأت مع موجة “١٧ تشرين”.
على كل هذه المشهدية اللافتة، استند جبران باسيل ليطلقَ خطاب التحديد للقضايا والملفات، وخطاب التحدي لمن يهوّل بسيف إقصاء “التيار” في الدولة. ففي التحديد، ارتكز باسيل على ذاتية “التيار” وهويته في شعار “القرار الوطني الحر”، ليرسم الخطوط الحمر حول القضايا الوجودية، بما تقتضيه من مواجهة أزمة النزوح السوري، والتمسك بسيادة الدولة وحصرية السلاح في يدها من دون الإنزلاق إلى التفريط بهذا السلاح في شكل عبثي، وعبر محاولات اختلاق الفتن الداخلية.
ولم تفُتْ باسيل محاولات إعادة عقارب الساعة الى الوراء، فرسم خطوطاً حمر حول المس بقانون الإنتخاب بما في ذلك إضافة الصوتين التفضيليين، وكذلك حول التلاعب بشعار إلغاء الطائفية السياسية وتوجيهه ليصبح مطرقة فوق الوجود المسيحي الفاعل في النظام. أما اللامركزية الموسعة، فباتت ورقة في يد “التيار” وباسيل لتذكير رئيس الحكومة نواف سلام بعدم تناسيها والتفريط بها.
أما في التحدّي، وإلى جانب الدعوة لعلمنةٍ شاملة تصويباً للنوايا المبيتة وراء “إلغاء الطائفية السياسية”، فقد تحدّى باسيل الساعين لإقصاء “التيار” ومحاولات “اجتثاثه” من الإدارة، بفضح ما كل ما يهول به خصومه، لا بل بوضع رأسه تحت مقصلة الوزارات التي تولاها، قائلاً بالصوت العالي: “افضحوني واقطعوه”!
في الخلاصات السياسية، والأهم في صورة الشباب هذا العام ما يحلُم به مناصرو “التيار” وقيادته، لا بل تهدئة هاجسهم. فمع مؤتمر الأحد، باتوا أكثر فرحاً، واطمئناناً، إلى المرحلة الآتية. بات هناك جيل كامل قادر على استكمال ما بدأوا به.
