أخباركم – أخبارنا
كتب حلمي موسى من غزة يسعد صباحكم ورمضان كريم وأمل لا يتزعزع بقرب الفرج وزوال الاحتلال.
آلة الحرب الإسرائيلية تعمل بكامل طاقتها على أمل ان تحقق هذه المرة ما فشلت في تحقيقه حتى الآن. ولا سؤال في اسرائيل اكبر من السؤال: هل غيرت حماس موقفها وباتت تقبل بالعرض الاسرائيلي؟ والجواب الذي يتردد في المحافل الاسرائيلية: لا. حماس تقول طوال الوقت انها منفتحة فقط على اي اقتراح يقرب الجميع من تنفيذ الاتفاق المبرم لانهاء الحرب. كل ما عذا ذلك ليس في الوارد. طبعا هناك من يقترح هدنة مقابل غذاء وهناك من يقترح هدنة مقابل اسرى ولكن حماس تقول اسرى مقابل اتفاق لوقف الحرب واعادة الاعمار.
وفي اسرائيل سجال يتصاعد في كل الاوساط حول جدوى استئناف الحرب ومدى القدرة على تحقيق اهدافها. وهناك شبه اجماع على ان دوافعها بعيدة عن ان تكون بريئة. البعض اسماها حرب سلامة نتنياهو وائتلافه الحكومة. آخرون اسموها حرب سامة الميزانية.
في كل حال وامام هذا الواقع تشدد إسرائيل هجماتها من جهة وتهدد بامور غير مسبوقة. وقد نقلت المراسلة السياسية لمعاريف آنا براسكي عن مسؤول إسرائيلي كبير قوله: “الدخول إلى غزة بريًا – هذه المرة ليس للخروج”
وكتبت تشير المؤشرات على المستوى السياسي إلى أن إسرائيل تتجه نحو تصعيد مع حماس: فقد انتهت بعد ظهر امس مناقشة تقييم الوضع التي دعا إليها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. وتناول النقاش تأثير عملية “العزم والسيف ” على مواقف حماس من صفقة الأسرى واستعداد المنظمة للدخول إلى غرفة المفاوضات لمناقشة مخطط فيتكوف.
وبحسب مصادر دبلوماسية وسياسية فإن المرحلة الأولى بدأت الآن، حيث تقوم إسرائيل بقصف جوي مكثف واغتيال كبار المسؤولين العسكريين والإداريين في حماس. وتهدف العملية إلى ممارسة ضغط عسكري هائل على قادة حماس وإجبارهم على الموافقة على خطة ويتكوف لإطلاق سراح الرهائن واستمرار وقف إطلاق النار.
يقول مصدر إسرائيلي مطلع على الخطة: “أمام حماس خيار بسيط. يمكنها أيضًا إبلاغ الوسطاء خلال عشر دقائق باستعدادها للحوار والمضي قدمًا وفقًا لمقترح ستيف ويتكوف. إذا حدث ذلك، نكون قد حققنا هدف العملية. وإذا لم يحدث ذلك، فيمكننا السماح للوسطاء بالضغط على حماس مع استمرار العملية، وبعد بضعة أيام، إذا استمرت حماس في الإصرار، فسننتقل إلى المرحلة التالية من الخطة”.
أصدر وزير الدفاع إسرائيل كاتس، مساء اليوم، بيانا وجه فيه رسالة قوية لسكان غزة، ألمح فيها أيضا إلى استمرار خطة الجيش الإسرائيلي التي روج لها كاتس بالاشتراك مع رئيس الأركان، اللواء إيال زامير. وأشار في تصريحاته إلى شقيق يحيى السنوار، محمد، الذي يعتبر من أبرز شخصيات حماس في قطاع غزة اليوم.
في نداء مباشر لسكان غزة، قال الوزير: “دمر السنوار الأول غزة، وسيدمرها السنوار الثاني تدميرًا كاملًا. قريبًا سيبدأ إخلاء السكان من مناطق القتال مجددًا، وسيكون الباقي أصعب بكثير، وستدفعون الثمن كاملًا. أعيدوا الرهائن واقضوا على حماس – البديل هو الدمار والخراب الكامل”.
وبحسب الخطة فإن المرحلة المقبلة من العملية العسكرية في غزة ستكون أكثر عدوانية، وستشمل دخولا بريا. يقول مسؤولون إسرائيليون كبار: “إذا دخل الجيش الإسرائيلي غزة، فلن يفعل ذلك بهدف الخروج منها”. وحسب المسؤولين، فإن السلاح الرئيسي هذه المرة ليس القتال من أجل الحرب نفسها، بل إجلاء السكان من مناطق القتال العديدة.
الغارات الجوية هي في جوهرها أداة لنقل السكان إلى مناطق مخصصة لهذا الغرض. سينصبّ الضغط الرئيسي على إجلاء المزيد من السكان، حتى تنهار حماس وتتوصل إلى اتفاق. أينما يُجلى السكان، سيدخل الجيش الإسرائيلي ولن يخرج. وأضافت المصادر: “في نهاية المطاف، ستخضع جميع أراضي القطاع لسيطرة الجيش الإسرائيلي. والهدف على المدى البعيد هو نقل السيطرة على القطاع إلى عناصر عربية معتدلة، وليس بالتأكيد إلى السلطة الفلسطينية بقيادة أبو مازن، كما يبدو اليوم”.
من جهة اخرى كتب المراسل العسكري ليديعوت يؤاف زيتون أن المتحدث باسم جيش الاحتلال اعلن، مساء امس الأربعاء، أن قواته في قطاع غزة استعادت السيطرة على جزء من محور نتساريم خلال الـ24 ساعة الماضية، ووصلت إلى مركزه. وفي الوقت نفسه، أفادت التقارير أن قوات لواء جولاني تمركزت على حدود غزة، “وستكون جاهزة للعمل” داخل أراضيها.
هناك سيناريوهان محتملان الآن بعد أن بدأت الهجمات.
أغلقت قوات الجيش الإسرائيلي طريق تانشار – صلاح الدين في منطقة نتساريم جنوب مدينة غزة، باتجاه الشمال. إلا أن حركة المرور المتجهة جنوبًا على هذا الطريق، الذي اعتاد سكان غزة استخدامه للعودة إلى شمال القطاع بالمركبات، لا تزال مفتوحة. كما أن طريق الرشيد الساحلي، غرب قطاع غزة، لا يزال مفتوحًا، ويمكن الوصول إليه سيرًا على الأقدام.
في الواقع، توقفت القوات الأمريكية والمصرية عن الوصول إلى معبر التفتيش الذي كانت تُشغّله في قلب ممر نتساريم (تانشر – 17)، مع وصول القوة إليه. ومن المتوقع أن يستمر هذا على طول الطريق الساحلي، الذي لا يزال مفتوحًا، في الخطوة التالية التي سيتخذها جيش الدفاع الإسرائيلي.
هذه وسيلة ضغط إضافية على حماس وسكان غزة، في محاولة لمنع تسلل المزيد من الإرهابيين من جنوب قطاع غزة إلى شماله، بعد أن تسلل آلاف منهم بالفعل بعد انسحاب جيش الدفاع الإسرائيلي من معبر نتساريم قبل نحو شهر ونصف. وأفاد سكان غزة بتقدم الدبابات في المنطقة، مما أوقف مرور المركبات.
وأفاد الجيش الإسرائيلي، “خلال الـ24 ساعة الماضية، بدأت قوات جيش الدفاع الإسرائيلي نشاطًا بريًا مركّزًا في وسط قطاع غزة وجنوبه، بهدف توسيع المنطقة الأمنية وإنشاء منطقة عازلة جزئية بين شمال القطاع وجنوبه”. وفي إطار العملية، سيطرت القوات على مركز محور نتساريم وأعادت توسيع سيطرتها عليه. وجاء في البيان أيضاً أنه “في الوقت نفسه، تقرر أن تتمركز قوات لواء جولاني في القطاع الجنوبي، وأن تكون جاهزة للعمل في القطاع”.
وهاجم المتحدث باسم حركة حماس عبد اللطيف القانوع، قائلا إن “إغلاق إسرائيل لطريق صلاح الدين هو تراجع كامل عن الاتفاق وزيادة وتشديد للحصار على غزة”. واتهم مجدداً “غزة بأنها تتعرض لإبادة جماعية وحصار ومجاعة دون مراعاة لشهر رمضان المبارك أو القوانين الدولية والمعاهدات الإنسانية”، لكنه زعم في الوقت نفسه أن “أي مقترح قائم على الدخول في مفاوضات في المرحلة الثانية وإنهاء الحرب نهائياً سيكون موضع ترحيب وقابلاً للنقاش. نريد وقف إراقة الدماء، ونحن منفتحون على أي جهود تؤدي إلى وقف دائم للحرب والانسحاب من غزة”.
بعد سيطرة جيش الدفاع الإسرائيلي جزئيًا على محور نتساريم، هددت حماس بـ”العواقب”. وجاء في بيان رسمي صادر عن المنظمة : “نحمل إسرائيل وقيادتها المسؤولية الكاملة عن عواقب الغزو البري لوسط قطاع غزة، والذي يشكل انتهاكًا جديدًا وخطيرًا لاتفاق وقف إطلاق النار”.
كما تناولت حماس تهديد كاتس، مؤكدة أن “التهديدات الإسرائيلية المتكررة التي يطلقها وزير الحرب الصهيوني بطرد شعبنا من أرضه تكشف عن عمق الأزمة التي تعيشها حكومة نتنياهو حاليا”. إن هذه التهديدات لن تضعف من عزيمة شعبنا. “إن الشعب سيبقى ثابتاً في أرضه، وسيُحبط أية محاولة للتهجير القسري أو الطوعي: لا هجرة إلا إلى القدس”.