الأربعاء, أبريل 30, 2025
18.4 C
Beirut

هدى شديد: صوت الحقيقة في الصحافة اللبنانية .. وداعاً!

نشرت في

أخباركم – أخبارنا

يودع اليوم لبنان والصحافة اللبنانية والعالمية واحدة من أبرز الصحفيات والصوت الإعلامي المتميز، الزميلة هدى شديد، التي رحلت عن عالمنا بعد مسيرة حافلة بالعطاء المهني والنضال الصحفي. كانت هدى شديد مثالاً للصحفية الملتزمة والقدوة في ميدان العمل الإعلامي، وقد تركت بصمة واضحة في مجال الصحافة في لبنان وفي العالم العربي.

من هي هدى شديد؟

هدى شديد إعلامية لبنانية بارزة، وُلدت في 15 سبتمبر 1965، ورحلت في 21 مارس 2025، تزامنا مع يوم عيد الأم، عن عمر يناهز 59 عاما، بعد أكثر من 12 عاما من مواجهة المرض بشجاعة وإصرار.

وتُعدّ شديد من أبرز الشخصيات الإعلامية اللبنانية التي حققت شهرة كبيرة بفضل عملها في مجال الصحافة والتقديم التلفزيوني طوال عقود ثلاثة، وهي معروفة بشجاعتها في تغطية الأحداث الميدانية والسياسية، لا سيما كمراسلة طوال سنوات لقناة “ال بي سي” في القصر الجمهوري، لكنها عملت أيضاً في العديد من المحطات التلفزيونية ووكالات الأنباء والصحف، ومنها جريدة “النهار”، ووكالة “رويترز” الدولية، وأصبحت معروفة بجرأتها وقدرتها على تغطية الأحداث الساخنة، خصوصاً تلك المتعلقة بالقضايا السياسية والاجتماعية في لبنان.

مسيرتها المهنية:

تميزت بمسيرتها المهنية اللامعة، حيث أمضت أكثر من 30 عاما في مجال الإعلام والصحافة. بدأت مشوارها كمراسلة للقصر الجمهوري اللبناني عبر شاشة LBCI، قبل أن تتألق في تقديم البرامج الحوارية والسياسية، محققة نجاحاً كبيراً بفضل مهنيتها وحضورها القوي.

بدأت هدى شديد مسيرتها الإعلامية في وقت مبكر من حياتها، وشاركت في العديد من المؤسسات الإعلامية المحلية والدولية. كانت تُعتبر من الصحفيات ذوات الرؤية العميقة والقدرة الفائقة على متابعة الأحداث والتطورات بشكل دقيق ومهني. وكان لها دور كبير في تغطية العديد من القضايا المحلية والعربية، لاسيما تلك المتعلقة بحقوق الإنسان، الحريات العامة، والشؤون السياسية.

وكانت هدى دائمًا حريصة على تقديم تغطية صحفية عادلة وشاملة، دون أن تتأثر بأي ضغوطات أو تحريفات. لقد تمكنت من تسليط الضوء على العديد من القضايا الهامة التي كانت تُعاني منها مجتمعاتنا العربية، وأبدعت في سرد الأحداث وتحليلها بصورة تفاعلية مع جمهورها. كما كانت تتميز بقدرتها على الوصول إلى مصادر حساسة وموثوقة، مما جعلها واحدة من أبرز الصحفيات في لبنان.

مساهماتها الصحفية:

كانت هدى شديد واحدة من الوجوه الإعلامية البارزة التي حملت على عاتقها المسؤولية في نشر الوعي، وركزت على القضايا الاجتماعية والإنسانية التي لطالما كانت مهمشة في الإعلام التقليدي. كانت تعمل على إظهار الحقيقة وتقديم الصوت العادل في العديد من القضايا التي كانت تتطلب من الصحافة أن تكون شجاعة وموضوعية.

من أبرز اهتماماتها كانت قضايا المرأة، الحقوق المدنية، والحريات، بالإضافة إلى قضايا المنطقة الساخنة مثل الصراعات السياسية والصراعات الإنسانية. كانت تتناول هذه المواضيع بعمق وتحليل مدروس، ما جعلها تحظى باحترام كبير من زملائها في المجال الإعلامي.

تكريمها

ومنذ إصابتها بمرض السرطان، منذ نحو 12 عاماً، واجهته بشجاعة، تغلبت عليه أكثر من مرة، وشاركت تجربتها مع الجمهور لتكون مصدر إلهام للكثيرين، لكنه عاد واستفحل في جسدها المُحارب. وبالإضافة إلى عملها الإعلامي، تُعتبر شديد نموذجاً للمرأة القوية التي تتحدى الصعاب وتستمر في تحقيق النجاح رغم التحديات.

وقبل أسابيع، قام رئيس الجمهورية جوزاف عون، مع عقيلته السيدة نعمت عون، بتكريم هدى شديد في القصر الجمهوري حيث سمّيت كبيرة المراسلين، في حضور لفيف من الإعلاميين والأصدقاء.

وقال الرئيس عون: “العزيزة هدى، أتوجَّه إليكِ بكلمات من القلب، وأنت تواجهين المرض بقلب نقي وروح متَّحدة بالايمان والعزم. رافقتُ مسيرتك مع المحنة فاستمدَّيتُ من بسمتك الإلهام والأمل. تعلمت من صمتك كيف نخوض الحياة بسلام ورجاء، ومن كلامك كيف يتغلَّب الصبر والمحبة على روح الاستسلام. ثقي يا هدى بأن الحبَّ يحيط بك من كلِّ الجهات، وأن لك تقديراً عاليًا في قلبي وفي قلوب الكثير من اللبنانيين”. وأضاف عون: “لو تحدّثت عن مسيرتك الإعلامية وكتاباتك فلن أوفيكِ حقك. تدركين جيداً أنَّك دخلتِ البيوت والقلوب بحرفيتك ومهنيتك العالية وحضورك المتَّقد على الشاشة وفي الإعلام. والأهم أنكِ حافظت على موضوعيتك ووطنيتك الراسخة في ممارستك لرسالتك الإعلامية. أقول رسالة وانا اؤمن بذلك بكلِّ قواي، لأنَّ الاعلام مهنة مقدَّسة، مكرَّسة لنقلِ الحقيقة، ولاحتضان واقع الناس وآمالهم”. وقال: “أنحني أمام قوَّتك يا هدى، وما تعيشينه وتمرِّين به بكلِّ إيمان ورجاء. لا يمكن لأيِّ كلام، أو شهادة، أو تكريم، أن يسمو إلى اختبار أوجاعك بصبر المؤمنين. تقديري لكِ بلا حدود، وأسأل ابن الله شفيعك وشفيعي، أن يرافقك في هذه المرحلة الصعبة، ويمسك بيدك بمحبته اللامحدودة”.

وتحدثت شديد في قصر بعبدا قائلة: “تأثرت كثيراً بالعاطفة الكبيرة وباللفتة الإنسانية الراقية التي خصصتموني بها، فخامة الرئيس العماد جوزاف عون والسيدة الأولى نعمت أو “نانو” كما اعتدت أن اسمّيك منذ أن تعرفت اليك، وأيضاً نزولاً عند رغبتك ورغبة فخامة الرئيس بأن أبقي على هذا الاسم”. كما توجّهت إلى الرئيس عون: “الشكر يبدأ عندكم فخامة الرئيس والسيدة الأولى، ويمتد الى رفيق شلالا، الإنسان الذي اعتدنا أن يكون أستاذنا وراعينا، وهو الذي رافقني من خلال رعايته واحتضانه وارشاداته، طوال 30 سنة قضيتها في القصر الجمهوري أتولى فيها، في مهنة المتاعب، التغطية ليلاً نهاراً، حتى قيل عني أنني كبيرة المراسلين او عرّابتهم في القصر الذي بتّ أحفظ عواميده، وقد امضيت اكثر من نصف حياتي فيه، وهو الذي كان، وسيبقى رمز وحدة الوطن وسلطة الدولة وسلامة المؤسسات، وعند إقفاله تكون الدنيا كلها قد أقفلت في وجهنا، لكنه عاد الى الحياة معكم، فخامة الرئيس”.

وتابعت كلمتها: “حظيت بشرف مواكبة أربعة رؤساء، قدّموا للبلد كل ما امكنهم في عهودهم، من الرئيس الراحل الياس الهراوي، الى الرؤساء العماد اميل لحود والعماد ميشال سليمان والعماد ميشال عون، أطال الله بعمرهم، إضافة الى فترات الفراغ التي أقفلت القصر ولبنان، مع غياب الرأس. فخامة الرئيٍس، رأيت فيك عند دخولك الى هذا القصر، كما جميع اللبنانيين، خطوات واثقة، ملكاً، لا ينقصك دعم السياسيين ولا ثقة الداخل والخارج التي استحقيتها بجدارة. اللبنانيون المخلصون كلهم يقفون الى جانبك لقيادة سفينة هذا البلد المرمي وسط الأمواج العاتية، والى جانبك امرأة تصلي وتعمل على مساعدتك في متابعة القضايا وابرزها تلك الإنسانية والاجتماعية وغيرها”.

وفاتها وتأثيرها:

توفيت الإعلامية هدى شديد بعد صراع طويل مع مرض السرطان، بعد مسيرة اعلامية وصحافية امتدت لأكثر من 30 عاماً، ويتم اليوم الاحد 23 آذار الاحتفال بالصلاة لراحة نفسها في كاتدرائية مار جرجس- وسط بيروت، ثم ينقل جثمانها إلى مسقط رأسها كفريا – زغرتا.

رحيل هدى شديد شكل صدمة كبيرة في الوسط الإعلامي اللبناني والعربي، حيث فقدت الصحافة صوتًا مهمًا كان له دور كبير في توجيه الرأي العام وتعزيز قيم المهنية والشجاعة الإعلامية. هدى لم تكن مجرد صحفية، بل كانت صوتًا للمهمشين والمظلومين، وكانت دائمًا تسعى لتسليط الضوء على القضايا التي تعكس الواقع الأليم للكثيرين.

لقد شكلت وفاتها خسارة كبيرة ليس فقط للصحافة اللبنانية بل أيضًا للأوساط الإعلامية العربية والدولية. سيكون من الصعب تعويض غياب هذه الصحفية المتميزة التي كانت تشع بالأمل والتفاني في عملها.

إن فقدان هدى شديد يمثل خسارة فادحة للصحافة اللبنانية والعربية، حيث كانت مثالاً للصحفية الشجاعة، التي آمنت برسالتها الإعلامية ودفعت ثمنًا كبيرًا من أجل نقل الحقيقة. ستظل إرث هدى شديد حاضراً في الذاكرة الإعلامية، وستبقى أعمالها وتغطياتها مصدر إلهام للأجيال القادمة من الصحفيين.

شارك الخبر:

اضغط على مواقع التواصل ادناه لتتلقى كل اخبارنا

آخر الأخبار

التصعيد يفرض إيقاعه: الأنظار على الجنوب بين زيارة جيفرز إلى لبنان وعون إلى الإمارات … عناوين و مختارات واسرار من الصحف

أخباركم - اخبارنا/ اعداد عايدة الأحمدية تصدّرت زيارة رئيس لجنة المراقبة على وقف إطلاق...

في صبيحة اليوم 2022 من ثورة الكرامة .. ناصر، فلسطين، ولبنان.. دروس من التاريخ وخطوط المستقبل

أخباركم أخبارنا / كتب حنا صالح في صباح يوم 2022، وفي لحظة تتجدد فيها...

خاص : ما لا يعلمه نعيم قاسم او يتجاهله .. لبنان يطالب الولايات المتحدة بالمساعدة على تحقيق الامن والاستقرار .. حشد دبلوماسي لوقف اعتداءات...

أخباركم - أخبارنا/ تقرير لبنان السياسي ضربني وبكى ..وسبقني واشتكى… هذا هو وضع الامين العام...

More like this

التصعيد يفرض إيقاعه: الأنظار على الجنوب بين زيارة جيفرز إلى لبنان وعون إلى الإمارات … عناوين و مختارات واسرار من الصحف

أخباركم - اخبارنا/ اعداد عايدة الأحمدية تصدّرت زيارة رئيس لجنة المراقبة على وقف إطلاق...

خاص : ما لا يعلمه نعيم قاسم او يتجاهله .. لبنان يطالب الولايات المتحدة بالمساعدة على تحقيق الامن والاستقرار .. حشد دبلوماسي لوقف اعتداءات...

أخباركم - أخبارنا/ تقرير لبنان السياسي ضربني وبكى ..وسبقني واشتكى… هذا هو وضع الامين العام...