أخباركم – أخبارنا/ توفيق الشعار
أعجب من كل دعوات الرفض القاطع للسلام بين البشر … بدءاً من المجموعات المتنافرة ضمن الجماعة الواحدة ومروراً بالكيانات المختلفة ضمن الوطن الواحد وانتهاءً بالدول المتناحرة التي تتمسّك بكل صلَفٍ وعناد بمقولاتٍ وإيديولوجيات لم تأتِ بخير بل فاقمت من الشرّ وأنتجت جرائم وأهوال يندى لها جبين الإنسانية.
وها هي القوّة والغلَبَة العسكريّة وما يواكبها من عجائب التكنولوجيا المتطورة تفرض أمرها وأمامها تسقط المحاور والجبهات. وعندما يصل حد الدمار الكاسح والقتل الظالم وكل المآسي المرادفة الى مستوى الإنهيار النفسي الجماعي أمام الطغيان الجائر، يتراكض السياسيّون لاهثين وراء اتفاق هدنة قبل ان يفنى العنب ويُقتل الناطور.
ولم تزل العصبيّات الطائفية والعنصرية الجزئية العلّة التي تنهشُ جسمنا الوطني أو القومي … انها الوحش الضاري الذي يكشّر عن أنيابه كلما استقوى فيهاجم المستضعفين والأقليّات وينكّل بهم أبشع تنكيل. وما نفعت الشعارات ولا التطمينات ولا توقفت الهجرة ولم يتوقف النزوح. وعندما يصبح عنوان التغيير الأهم دستور دين الدولة وقوانين القوميّة الدينيّة، كيف يمكن للأقليات المتجذّرة في هذا الكيان أو ذاك أن تطمئنّ؟ وكيف يمكن للوطن أن يتوحّد تحت مطرقة التناقضات العصبيّة على سندان الكراهية الدينيّة؟
إن ما نشهده من نكبات متوالية أدّت إلى انكسار الوعي القومي وزادت من حدّة التناقضات الكيانيّة. وهل يُلام الفردُ منا أن يُعيد قراءة الواقع كما هو وليس كما تشوّهه بعض نظريات وشعارات ومقولات أحزابٍ وزعاماتٍ وفقهاء ضالّين مضلّلين؟
فهل سقطت الحواجز الطائفية وهل نجحت شعارات العلمنة والدولة المدنيّة؟ وهل زالت النزعة الفرديّة الأنانيّة؟ وهل تحقق أيُّ انتصارٍ هنا أو هناك؟
الواقعيّة تفرض غلَبَة منطق أولويّة البقاء والحفاظ على الوجود أمام عدم جدوى النزاع والصراع والحروب!
إن السلام لأجل رفاهيّة الإنسان والحياة الكريمة والحريّة في العيش والمعتقد والتعبير هو حقّ ويجب أن يكون المسعى الأول والأخير.