كتب حنا صالح في صبيحة اليوم الـ1988 على بدء ثورة الكرامة
كان ينبغي ان يكون الإستنفار في الذروة: مع الإجراءات المتخذة على الأرض التي تؤكد مضي لبنان في تنفيذ إتفاق وقف النار، وإطلاق حملة سياسية وديبلوماسية لفضح أطماع العدو والعمل لمحاصرة إجرامه على طريق إخراجه من لبنان، وتوازيا وقف الكيل بمكيالين في موضوع الإلتزام الصارم بتنفيذ إتفاق وقف النار لتطبيق القرار الدولي 1701 والقرارات ذات الصلة 1559 و1680.. لكن المجلس النيابي الذي إنعقد على مستوى اللجان المشتركة بدعوة من رئيسه نبيه بري كرّس إجتماعه للبحث في مشروع قانون للإنتخابات مقدم من النائب علي حسن خليل يدعو لجعل لبنان دائرة إنتخابية واحدة، ومجلس شيوخ وو.. إلخ المعزوفة. جهة طائفية للنخاع تريد إلغاء الطائفية. يقول د حارث سليمان ان الأرتال التي هتفت شيعة شيعة تريد الغاء الطائفية! انه طرح يتصادم مع الدستور والطائف حيث التأكيد على إعادة النظر بالتقسيمات الإدارية( المحافظات) وعلى أساسها يكون قانون الإنتخاب.. إبشروا!
— قال تلفزيون الجديد أن توافقاً تم بين رئيس الجمهورية ورئيس البرلمان على تعيين كريم سعيد حاكماً للمصرف المركزي. وفي المعلومات المعممة أن بري “إستدعى” وزير المال ياسين جابر لهذه الغاية، والأخير سيرفع 3 أسماء إلى مقام مجلس الوزراء وهم كريم سعيد إضافة إلى آدي الجميل وجميل باز. ما موقف رئيس الحكومة نواف سلام، وما هو رأيه لا معطيات ولا معلومات؟
لكن وبما أن البلد يعيش أخطر إنهيار مالي مبرمج تخلله أكبر سطو في التاريخ على جني أعمار الناس فمن حق المواطن على السلطة، كونه تعرض وما زال لإذلالٍ غير مسبوق، أن يكون على بيّنة بشأن مواقف ورأي وإجتهادات الحاكم الجديد. يعني ما موقفه من الودائع المنهوبة وكيف سيعمل لإنصاف أصحاب الحقوق؟ وما موقفه من التدقيق الجنائي وهل سيطلب إستكماله والعمل بمقتضاه وإلتزام تنفيذ ما يفرضه؟ ثم ما رؤيته بشأن هيكلة المصارف؟ ولئن كان توافقا قد تم بين بعبد وعين التينة على سعيد فمن الواجب أن يوضح سعيد للناس علاقته بآل ميقاتي خصوصاً وأن ملفات مالية لهذه الأسرة مفتوحة أمام القضاء الأوروبي؟ وما حجم ونوع الشراكة بين الحاكم الجديد وبين ماهر نجيب ميقاتي؟
ما هو معروف أن سعيد عراب وممول “خطة هارفارد” التي دعت إلى تحويل الودائع إلى دين على الدولة ما يعفي الكارتل المصرفي من كل مسؤولياته وهذه خدمة ثمينة للكارتل المصرفي السياسي الناهب؟ وهنا يطرح السؤال نفسه لو جرى تسجيل 120 مليار دولار ودائع، دين على الدولة في أكبر عفو عن الجرائم المالية، ويضاف إلى الودائع فجوة مصرف لبنان، وكل ذلك معطوف على الإفقار العام للبلد فمتى بعدها يمكن ان تقوم الدولة؟ بعد 100 سنة أو 700 سنة لا زم حدن يخبر الناس!
طيلة السنوات الماضية نجحت المافيا السياسية الميليشياوية في الهروب من المحاسبة فيما هو ثابت ما قامت به المصارف لجهة المقامرة بالودائع ثم تهريبها الأموال وإعتماد سياسة تحميل المواطنين تكلفة المنهبة، ونجحت عملياً في فرض حالة عفو عن الجرائم المالية ومنعت أصحاب الحقوق من مساءلة الناهبين الذين يسيطرون على الشاشات وأبواقهم تتحدث بالعفة! والخطير بالأمر أن الحاكم الذي سيعين في جلسة مجلس الوزراء يوم الخميس يتبنى كل سرديات المصارف، والخشية أن يسير بالحلول التي تسعى إليها وهي بيع أصول الدولة وفي المقدمة إحتياط الذهب تحت عنوان تسديد المودعين حقوقهم!
وبعد هل حقوق المودعين، وأي إصلاح وأي إنقاذ سيكون إن لم يكن مرتكزاً على هل المحاسبة والمساءلة؟
