أخباركم – أخبارنا
في تطور لافت للوضع الأمني داخل الضاحية الجنوبية لبيروت، رصدت “النهار” قيام عناصر من “حزب الله” بنصب حواجز أمنية منتظمة عند مداخل الضاحية منذ أيام، قبيل حلول شهر رمضان، وذلك من منتصف الليل وحتى ساعات الفجر الأولى. وتوزعت هذه الحواجز على المداخل الرئيسية للمنطقة، وتحديداً في مناطق السانت تريز، الكفاءات، طريق المطار، المشرفية، وجسر صفير.
وبحسب مشاهدات ميدانية، فإن هذه الحواجز لا تشبه في تنظيمها ومظهرها تلك التي اعتاد عليها سكان الضاحية سابقاً. فقد استخدم الحزب عوارض حديدية مطلية بألوان عاكسة مخصصة للحواجز الليلية، بينما ارتدى العناصر المنتشرون بزات موحدة، وبدت التحركات أكثر احترافاً، مدعومة بعشرات السيارات الرباعية الدفع التي تجوب الشوارع في دوريات متواصلة.
تغيّر في السلوك الأمني:
مصدر أمني صرّح لـ”النهار” قائلاً: “من يفقه ألف باء الأمن يعرف أنّ الأمن لا يتحقق عبر نصب حواجز فقط، بل من خلال عمل استخباراتي ورصد دقيق”. وأضاف: “من الواضح أن هذه الحواجز تهدف بالدرجة الأولى إلى رصد دخول الأجانب إلى الضاحية، وخصوصاً من الجنسية السورية، وذلك في ضوء التطورات المتسارعة في الداخل السوري”.
ولفت المصدر إلى أن مهام كهذه من المفترض أن تتولاها الأجهزة الأمنية الرسمية، خصوصاً أن بعض حواجز الحزب لا تبعد سوى أمتار عن نقاط انتشار الجيش اللبناني على مداخل الضاحية. لكن، وفق المصدر، “يبدو أن حزب الله مصرّ على الاضطلاع بهذا الدور الأمني بشكل مباشر”.
تدقيق غير مسبوق:
بخلاف ما كان سائداً سابقاً، لم تعد هذه الحواجز تقتصر على مراقبة المارة فقط، بل أصبحت تُجبر السائقين على التوقف وتحية العناصر، مع ملاحقة كل من يتجاهل الحاجز أو لا يمتثل. وتُعد هذه الممارسات الجديدة مؤشراً إلى تحوّل أمني يُراد منه فرض رقابة صارمة على الداخلين إلى المنطقة.
خلفية التحرك:
يرجّح مراقبون أن يكون هذا التحرك الأمني مرتبطاً بمخاوف الحزب من اختراقات استخباراتية بعد الضربات المتكررة التي تعرضت لها مواقعه وشخصياته في سوريا ولبنان مؤخراً، في ظل تصاعد التوترات الإقليمية وتكثّف الضربات الإسرائيلية في الداخل السوري.
فيما يبرر “حزب الله” تحركاته الأمنية بأنها إجراءات احترازية لحماية مناطقه، تثير هذه المظاهر المتزايدة تساؤلات حول حدود سلطة الدولة اللبنانية، وتداخل الأدوار الأمنية بين القوى الرسمية والتنظيمات المسلحة. ومع اقتراب شهر رمضان، يبقى السؤال: هل يشهد لبنان تصعيداً أمنياً أم مرحلة جديدة من الضبط الذاتي في بعض المناطق؟