مؤتمر بيت مري: إطلاق المنصة السياسية للمحافظين الجدد
في مشهد سياسي مفاجئ، عُقد قبل أيام المؤتمر التأسيسي الأول لـ”المحافظون الجدد – لبنان” في بلدة بيت مري في جبل لبنان، بمشاركة مجموعة من الشخصيات اليمينية من خلفيات قانونية، سياسية، بلدية، وإعلامية، من أبرزهم القاضي بيتر جرمانوس، المحامي مارون عميل، المهندس إيلي المندلق، والمحامي نديم البستاني، وغيرهم من نشطاء التيارات اليمينية والفدرالية.
أطلق المشاركون منصة سياسية وإعلامية أعلنوا عبرها سلسلة مواقف مثيرة للجدل، أبرزها تبني الفدرالية كخيار سياسي “أصيل” للمسيحيين، والدعوة إلى تجاوز اتفاق الطائف، ورفض ما وصفوه بـ”الذمية السياسية”، إلى جانب مطالب بطرد اللاجئين السوريين والفلسطينيين، والدعوة لتحالف دولي مع “اليمين العالمي” بقيادة “المحافظين الجدد” في الولايات المتحدة.
الأهداف المعلنة: فدرالية، يمين عالمي، ورفض الطائف
البيان التأسيسي تضمّن 12 بندًا حددت ملامح المشروع السياسي للمجموعة، منها:
- المطالبة بإقامة نظام اتحادي – فدرالي في لبنان، واعتباره الخيار السياسي الأفضل للمسيحيين.
- تأييد مباشر للعماد جوزاف عون لقيادة “مرحلة انتقالية”.
- دعوة إلى “إجلاء اللاجئين غير الشرعيين” وعلى رأسهم السوريون والفلسطينيون.
- إطلاق منصة سياسية لقوى “اليمين الحضاري”، والدعوة إلى تحالفات مع اليمين الدولي.
- الإعراب عن امتنان خاص لدولة المجر لدورها في دعم المسيحيين في لبنان.
- رفض “الإسلام السياسي”، والحركات الجهادية، وخطابات معاداة الغرب.
ردود فعل غاضبة وتحذيرات من مخاطر الانزلاق إلى الفتنة
ردود فعل سريعة ورافضة انطلقت فور إعلان البيان، أبرزها:
- هيئة العلماء المسلمين وجبهة العمل الإسلامي أدانتا المشروع باعتباره يشكّل تهديدًا لوحدة لبنان واستقراره، ويعيد طرح خطاب الحرب الأهلية.
- مواقف غير مباشرة صدرت عن رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون، شدد فيها على التمسك بالوحدة الوطنية والتنوع الديني، في خطاب ألقاه بمناسبة عيد البشارة.
- أوساط مسيحية مؤثرة عبّرت عن استغرابها من المشروع، مؤكدة أنه لا يمثل القوى المسيحية الفاعلة، وأن المشاركين لا يملكون قاعدة شعبية عريضة.
- صحف ومقالات عديدة تناولت المخاطر المحتملة للمشروع، محذرة من عودة خطاب ما قبل الطائف، والدفع نحو الانفصال أو الفتنة الداخلية.
إلى أين يتجه لبنان؟
ما تطرحه مجموعة “المحافظون الجدد” يتعدّى الشأن الداخلي إلى انخراط واضح في تيارات يمينية دولية تحمل مشاريع جيوسياسية لها امتدادات في أوروبا والولايات المتحدة، وقد يشكّل هذا التوجه بوابة لصدام داخلي إذا لم تتم مواجهته برؤية لبنانية موحّدة تحمي العقد الوطني والتوازنات الدقيقة.
ويخشى كثيرون أن يؤدي هذا الخطاب التصعيدي إلى إحياء مناخات الحرب الأهلية، في وقت يشهد فيه لبنان انهيارًا اقتصاديًا واجتماعيًا وأمنيًا خطيرًا، ويعاني من غياب التوافق الوطني على أي مشروع إنقاذي شامل.
ختامًا، ما جرى في بيت مري ليس مجرد إعلان سياسي، بل تحوّل في الخطاب السياسي لبعض المجموعات اليمينية نحو المطالبة العلنية بالتقسيم والانفصال، وهو ما يستوجب موقفًا وطنيًا صريحًا من كل القوى اللبنانية الرافضة للفتنة، والباحثة عن عقد اجتماعي جديد يضمن وحدة لبنان وسلمه الأهلي.