كتب ابراهيم بيرم لـ “أخباركم – أخبارنا”
قرار منع اهالي 19 بلدة حدودية جنوبية، او ما صار يعرف ببلدات الحافة الامامية، من اعادة اعمار بيوتهم التي هدمتها اسرائيل بطرق شتى منذ بدء حرب اسناد غزة التي اطلقها الحزب، تزامناً مع عملية طوفان الاقصى، هو قرار جدي ولا مجال لخرقه أو الالتفاف عليه من الآن والى أجل غير مسمى.
هذه القناعة باتت راسخة اخيراً عند المعنيين بهذا الملف في بيروت أكثر من أي وقت مضى، منذ بدء سريان اتفاق وقف النار قبل نحو اربعة اشهر.
وفي هذا السياق، ابلغ النائب السابق لرئيس مجلس النواب ايلي الفرزلي الى موقعنا، انه تبلغ من رئيس مجلس النواب نبيه بري شخصياً في لقاء اجراه في الآونة الاخيرة معه، “ان مشروع اعادة اعمار ما هدمته هجمات الاحتلال الاسرائيلي في الجنوب، وخصوصاً في البلدات المتاخمة للحدود مع الاراضي الفلسطينية المحتلة، محظور تماماً ومؤجل الى اجل غير مسمى”.
كما نقل الفرزلي عن الرئيس بري قوله، ان واقع الحال الممانع لاعادة اعمار ما هدمته آلة التدمير والقتل الاسرائيلية، دفعنا اخيراً الى التوجه نحو خيار آخر مؤقت، هو انشاء البيوت الخشبية الجاهزة كحل من شأنه ان يمكّن اهالي تلك البلدات الحدودية الراغبين او المضطرين للعودة الى بلداتهم والاقامة فيها، رغم علمهم بأنهم بذلك يعيشون تحت الخطر على مدار الساعة بفعل الممارسات العدوانية المستمرة من الجانب الإسرائيلي، والذي من المعلوم انه لم يوقف حربه على لبنان من جانب واحد، ولم يلتزم ساعة واحدة باتفاق وقف النار المبرم منذ اشهر.
وذكر الفرزلي، نقلاً عن الرئيس بري ايضاً، ان الاسرائيلي عمد في الايام القليلة الماضية الى مهاجمة العديد من تلك المنازل الجاهزة، التي لا يزال عددها محدوداً، مما ادى الى تدمير بعضها والحاق الضرر ببعضها الآخر، على غرار ما حصل في بلدتي رامية ويارون وسواهما. وهو ما يدل صراحة على ان الاسرائيلي انما ينفذ امر عمليات، مفاده انه ممنوع ان تعود مظاهر الحياة الى بلدات الحافة الامامية وما وراءها مهما تكن النتائج، وانه يتعين بالتالي ان تبقى تلك الحافة عبارة عن مناطق مدمرة ومنكوبة ومهجورة تماماً، أي أن تبقى بمثابة حزام عازل خال تماماً من مظاهر الحياة.
ويمكن ادراج الموانع التي تحول دون اعادة اعمار ما هدمته الحرب الاسرائيلية على لبنان، في ثلاثة اسباب هي:
الأول، ان الاسرائيلي يمنع بالنار وبالتهديد الصريح اي محاولة لاعادة اعمار ما تهدم او حتى اصلاح ما يمكن ان يصلح ويرمم، وهي نسبة ضئيلة لا تتجاوز العشرة بالمئة من هذه البلدات، وفق غالبية الاحصاءات والتقديرات من جانب المؤسسات المعنية الرسمية وغير الرسمية.
الثاني، أن اياً من الدول العربية التي ألمحت سابقاً الى استعدادها للمساعدة في إعادة الاعمار، لم تبادر بعد سريان وقف النار الى تقديم تعهد عملي بذلك، على غرار ما فعلته بعد حرب تموز عام 2006 وتحديداً السعودية وقطر اللذان كان لهما دور ريادي في اعادة الاعمار، خصوصاً في الجنوب وفي الضاحية الجنوبية لبيروت.
الثالث، أن ثمة ضغوطاً شديدة تمارس على لبنان لمنع وصول مساعدات مالية ايرانية لصرفها في اعادة الاعمار، كما كان يتوقع المتضررون. والمعلوم في هذا السياق، ان السلطات اللبنانية المعنية قد حظرت هبوط اي طيران ايراني في مطار بيروت، وهي بذلك تنفذ أمر عمليات خارجي عنوانه العريض ممنوع إعادة الاعمار. واستطراداً، يحظر على ايران المساعدة في اعادة الاعمار وصرف النفوذ.
وليس خافياً ان اصواتاً ترتفع في بيروت منذ فترة، تذكر صراحة انه لا إعادة اعمار لما تهدم ما لم يسلّم الحزب سلاحه ويسرّح مقاومته، مما يعني ان هناك من يبشّر بمعادلة فحواها ان التدمير والخراب سيظلان شاخصين بعناد في الجنوب الامامي، ما دام سلاح الحزب، اينما كان، لا يزال بيده.