أخباركم – أخبارنا/ همسة/ مصطفى أحمد
سأفصل بين شخص كريم سعيد والموقف منه ، وسأدع الايام تحكم عليه ، فأنا لست مع الحملة التي استهدفته بشكل قاس (ولن ادخل في الصراع الوهمي بين سوروس والصحناوي ، ولا بالمواجهة الوهمية مع ما يسمى كلنا ارادة ). ، وبين الاسلوب الذي اعتمد وتحديدا من قبل رئيس الجمهورية من اجل ايصال الشخص الذي تبنى ترشيحه لموقع حاكم مصرف لبنان ، والطريقة التي اعتمدت لتأمين الاصوات الكافية له داخل مجلس الوزراء لتأمين تعيينه ، والتي تضمنت عقد اجتماعات واجراء اتصالات بعضها معروف وعلني ، مثل الاجتماع مع سامي الجميل قبل انعقاد مجلس الوزراء ، وبعضها غير علني وغير معروف ، تناولته التسريبات المختلفة والمتعددة . البعض يقول ان ما جرى يدخل في باب الممارسة الديمقراطية ، والبعض الاخر في موضوع ارساء قواعد لاستعادة صلاحيات ما ، والبعض الثالث يقول انها معاندة غير مبررة وكان يمكن تجنبها وتلافيها .
وقد لفت نظري ما اعلنته بالامس مراسلة ال MTV من القصر الجمهوري ، والاسلوب الذي اعتمدته ، والكلام الذي قالته قبيل بدء جلسة مجلس الوزراء ، اذ اعلنت انه سيجري اليوم تعيين كريم سعيد حاكما لمصرف لبنان قبل سفر رئيس الجمهورية ، وقالت انه سينال بين 16 و17 صوتا في مجلس الوزراء ، اذا اعتمد التصويت .
اعتقد ان ما جرى بالامس كان بمثابة “الدعسة الناقصة” من قبل رئاسة الجمهورية ، وسيكون لها ارتداداتها مستقبلا ، فلا يكفي التهليل او التهكم من قبل البعض حول توحد الموقف الماروني في مجلس الوزراء بالامس ، ولاول مرة منذ سنين طويلة . واعتقد ان ما جرى سيؤثر على العهد كثيرا في الفترة اللاحقة ، وعليه ان يجد طريقة ما وسريعا من اجل معالجته واصلاحه، فالمشكلة مع رئيس الحكومة وليست مع وزير ما ، وما سيجره ذلك مستقبلا وراهنا ، من تعبئة وشحن متوقع حول الصلاحيات وحول اتفاق الطائف … الخ ، وكان على رئيس الجمهورية تأجيل البت بتعيين حاكما لمصرف لبنان قبل التوافق مع رئيس الحكومة على الاقل ، الا اذا كان يفضل التوافق مع رئيس مجلس النواب ولهذا ارتداداته ايضا ، هذا من جهة .
اما من جهة ثانية ، ينبغي عدم استغراب تكاتف وزراء المنظومة السياسية الحاكمة في موقف واحد موحد ، دفاعا عن مصالحهم في وجه من يعتبرونه من خارجهم ويعملون من اجل افشاله واخراجه من “جنة الحكم” ، فهم متكاتفون في السراء والضراء ولا يتفرقون الا بفعل الضغط الخارجي وهذا ما حصل خلال الاشهر الماضية .
ومن جهة ثالثة ، ما جرى بالامس يشكل مؤشرا لما سيحصل في الاستحقاقات القادمة وهي مثيرة ومنها الانتخابات البلدية ، وكذلك الانتخابات النيابية في العام 2026 ، في مواجهة من يقولون انهم قوى تغييرية ، وهذا يفرض عليهم التوحد وبشكل ملح على قاعدة برنامج موحد استعدادا لما هو قادم ومن دون اي تأخير . فلا فائدة من البيانات المتفرقة من هذا وذاك ، مع التأكيد على ترجمة ذلك في تحركات شعبية وبشكل ديمقراطي في مواجهة ما هو قادم من معالجات ومن قرارات لقضايا كثيرة تطال مصالح الناس ، فمن سطا على ودائع الناس لن يتورع عن القيام بأي شيء دفاعا عن مصالحه .
كانت جلسة مجلس الوزراء بالامس محطة بالغة الاهمية واعتقد انها ستترك من حيث النتائج التي خرجت بها تأثيرات متعددة ينبغي اخذها بعين الاعتبار والاستعداد لها .