كتب حنا صالح في صبيحة اليوم الـ1991 على بدء ثورة الكرامة
ليست الصواريخ “اللقيطة” أقل خطراً من “حرب الإسناد”! ومن الآخر لا حدود ولا سقف لأطماع العدو الساعي لتدمير لبنان ولو تمكن لتفتيته!
من “صواريخ المطلة” والتهديد: المطلة مقابل بيروت ليستبيح طيران العدو الجنوب والبقاع، إلى “صواريخ كريات شمونة” فتمت الإغارة على ضاحية بيروت الجنوبية، ولم تقتصر الإستباحة على الغارات المدمرة والقاتلة للجنوب والبقاع. ومع الهلع الكبير وذهول المواطنين والطرق التي غصت بالهاربين طرح السؤال نفسه: هل تجددت الحرب؟
الصواريخ التي تم العثور على أمكنة إطلاقها ولم يعثر بعد على مطلقيها، والأهم من إتخذ القرار بذلك، هي هدية للعدو، وإعادة ممارسة عاطلة مدانة تخذل رهانات الناس وتطلعاتهم لأنها تحمل رسالة خطيرة مفادها أن حفنة مغامرين، هذا إن صدقت النوايا، يواصلون المغامرة بأرواح الآمنين والمقامرة بمصير البلد!
المعالجة الرمادية لهذا الخطر تهدد بفتح أبواب الجحيم على لبنان. صحيح أنها رسالة للسلطة اللبنانية وإعلان بوضع العصي بدواليب إعادة النهوض وبناء الدولة، لكنها في الوقت عينه تكشف نوايا الذين يريدون إبقاء لبنان ساحة في خدمة مصالح الآخرين. صواريخ الأمس حدثت في موعد مريب جداً، يوم الجمعة الأخيرة في شهر رمضان، أي جمعة القدس وفق فتوى الخميني قبل وفاته، ولهذا الحدث معناه هنا. ولأن كل السلاح خارج الشرعية هو لحزب الله أو فصائل “غير منضبطة” تدور بفلكه، فينبغي عدم تضييع العنوان لجهة تحديد من بيده القرار بإطلاق الصواريخ!
في هذا السياق بالذات، وفيما الأعداد الكبيرة ممن هجروا الضاحية يوم أمس يترددون بالعودة، أطل محمد رعد ليهاجم رئيس الحكومة نواف سلام الذي “تسوقه أوهامه”، ويعلن تمسك حزبه بالثلاثية الخشبية، ويقول أن من “يدعي في بلدنا أنه يملك حصراً قرار السلم والحرب فهو يجافي الواقع والحقيقة لأن العدو الصهيوني في أيامنا هو وحده من يشن الحرب ويواصل الإحتلال والعدوان والدولة وحدها لا تملك القدرة على الدفاع عن البلد وحمايته”! وطبعاً يتناسى رعد، كما غيره من حزب الله، أن سلاح الحزب اللاشرعي- الإيراني الهوية والمهمة، لم يجلب للبلد إلاّ الخراب، وتسبب بإستدراج الإحتلال مجدداً!
تنفيذ إتفاق وقف النار الذي فاوض بشأنه حزب الله – بري، وبات ملزماً للبنان بعد موافقة حكومة ميقاتي عليه، ليس وجهة نظر، إنه الطريق الوحيد لتنفيذ القرار الدولي 1701، وهو قرار بمثابة بوليصة تأمين للبلد إن تم إلتزام موجباته. والقرار الدولي هو المدخل لكي يعمل لبنان إلى العودة لإتقاقية الهدنة الخاضعة للبند السابع وتكرس حدود لبنان الدولية مع إسرائيل كما تمنع أي عمل عدواني من الجانبين. والخطير بالأمر أن التراجع والمراوحة، وربط السلاح ب”إستراتيجية حوار وأمن وطني”، وعدم جدولة سحب كل سلاح لاشرعي سيضع لبنان أمام مواجهة لا يستطيع تحمل أبعادها، حيث تتوالى الضغوط لأخذ البلد قسراً إلى المفاوضات مع إسرائيل على مستوى ديبلوماسي سياسي تفتح الأبواب الخطيرة.
كان ينبغي إعلان نتيجة التحقيقات بشأن “صواريخ المطلة” حتى لا تتكرر هذه اللعبة – الهدية للعدو، ولا بديل عن المضي بالتحقيق للنهاية ولدى السلطة أجهزة أمنية وإستخبارية وقضائية قادرة على ذلك. ومستغرب الإكتفاء بالقول أن الصواريخ بدائية ليست من أسلحة حزب الله، وتالياً تبرئته وإظهار الإرتياح لإعلانه نفي مسؤوليته، في حين معروف ومعلوم مراراً وتكراراً كيف يتوارى الحزب خلف “منظمات غير منضبطة” لبنانية وفلسطينية، أو خلف “الأهالي” أو “العشائر” في محاولاته إبعاد الشبهة!
وبعد، هناك خشية كبيرة من أن تخدم “المعالجة” الرمادية المستمرة حتى الآن، طروحات سياسية بالغة الخطورة بينها ما سبق وأعلنه الحاكم الجديد لمصرف لبنان السيد كريم سعيد، عندما نشر مقالة في “Middle East Forum” الأميركية المتطرفة التي يقودها دانيال بايبس الذي يروج للمشروع الصهيوني، وجوهر المقالة التي نشرت بتاريخ 30 أيلول 2024، دعوة إلى جعل المنطقة الممتدة من الدامور إلى الحدود الجنوبية منزوعة السلاح، بما في ذلك نزع سلاح الدولة. أي أن رؤية السيد سعيد تدعو إلى جعل ثلث لبنان خارج السيادة اللبنانية! ( مرفق على صفحة فايسبوك نص المقالة بالإنكليزية)!