الثلاثاء, أبريل 29, 2025
18.4 C
Beirut

تجويع أهالي غزة جريمة حرب تستدعي تحركًا دوليًا

نشرت في

أخباركم – أخبارنا/ عايدة الأحمدية

تعيش غزة واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية، حيث باتت المجاعة تدق أبواب الغزاويين بقوة، نتيجة سياسة الحصار والتجويع الممنهجة التي تفرضها إسرائيل على القطاع منذ ما يقارب العام ونصف. وقد تصاعدت هذه الأزمة مؤخرًا مع توقف جميع المخابز عن العمل بسبب نفاد الوقود والطحين، مما أدى إلى ارتفاع أسعار الخبز بشكل غير مسبوق.

مع توقف المخابز، بات الحصول على الخبز معاناة يومية لسكان غزة، وفق توصيفات منظمات دولية. تفاقمت الأزمة مؤخرًا مع توقف معظم المخابز عن العمل بسبب نفاد الوقود والطحين، وارتفاع أسعار المواد الغذائية إلى مستويات خيالية، مما دفع نحو مليوني فلسطيني إلى حافة المجاعة.

وأعلنت “جمعية أصحاب المخابز” في غزة توقف جميع المخابز في المناطق الوسطى والجنوبية عن العمل يوم 1 أبريل 2025، مع توقع توقفها شمالًا بحلول 2 أبريل، وذلك بسبب نفاد الوقود والغاز والطحين بشكل كامل. وأشارت التقارير إلى أن 5 من أصل 6 مخابز رئيسية في شمال غزة أُغلقت بالفعل، بينما يُهدد المخبز الوحيد المتبقي بالتوقف خلال أيام إذا استمر منع إدخال الإمدادات.

ولم يقتصر الأمر على المخابز المحلية؛ فقد توقفت أيضًا جميع المخابز المدعومة من برنامج الأغذية العالمي (25 مخبزًا) بسبب نفاد مخزون الدقيق، مما أثر على توفير الخبز لنحو 340 ألف شخص يوميًا. وقد حذر البرنامج من أن مخزونه الغذائي سينفد خلال أسبوعين فقط، مع استمرار الحصار الإسرائيلي المشدد منذ 2 مارس 2025.

تجويع جماعي ممنهج

تعتمد الأزمة الحالية على سياسة إسرائيلية متعمدة تمنع دخول الوقود والمواد الخام، مثل الطحين والخميرة، منذ أكثر من شهر. فمنذ مطلع مارس، أغلقت إسرائيل معابر غزة بالكامل، بما في ذلك معبر كرم أبو سالم، مانعةً دخول المساعدات الإنسانية بحجة الضغط على حركة “حماس” لتسليم أسرى إسرائيليين.

ويُعتبر الوقود عنصرًا حيويًا لتشغيل المولدات الكهربائية والمخابز، لكن الجيش الإسرائيلي يعيق نقل شاحنات الوقود عبر الحواجز العسكرية، مما أدى إلى شحٍّ حادٍّ في الكهرباء والمياه المحلاة أيضًا. ووفقًا لـ”شبكة المنظمات الأهلية في غزة”، فإن 30% من إنتاج المخابز كان موجهًا لمراكز الإيواء، بينما يعتمد 70% من السكان على المساعدات التي توقفت الآن.

ارتفاع أسعار الخبز

ارتفعت أسعار المواد الأساسية بشكل جنوني؛ فسعر ربطية الخبز (27 رغيفًا) قفز من 3 شواكل (أقل من دولار) إلى 25 شيكلًا (7 دولارات). أما سعر كيس الدقيق (25 كغ) فارتفع من 50 إلى 300 شيكل، وهو ما يعادل 81 دولارًا، في ظل انعدام القدرة المالية لمعظم الأسر على الشراء.

ولجأ السكان إلى بدائل مثل خبز الطابون أو المعجنات، لكنها غير كافية وتُباع بأسعار باهظة. كما أدى الإقبال الكثيف على الأفران الطينية إلى نقص الحطب، مما زاد من معاناة الأهالي. وتصف إحدى الأمهات، أُلفت أبو شنب، الوضع بقولها: “الناس تعاني، لديها أطفال صغار، ولا تستطيع شراء الدقيق لأنه ببساطة لا يوجد مال ولا عمل”.

تحذيرات دولية من مجاعة حقيقية

إزاء هذا الواقع المرير، حذّرت منظمات مثل “الأونروا” و”برنامج الأغذية العالمي” من أن غزة دخلت مرحلة “المجاعة الفعلية”، مع تسجيل وفيات بسبب الجوع، خاصة بين الأطفال والمسنين. وأكدت التقارير أن 50% من المخابز الآلية دُمرت خلال الحرب، بينما تعاني البقية من شح الإمدادات.

ورغم المناشدات العاجلة لفتح المعابر، إلا أن المجتمع الدولي لم يُحرك ساكنًا. ومع استمرار الحصار، يُتوقع أن تتفاقم الأزمة الإنسانية بشكل غير مسبوق. فبالإضافة إلى نقص الخبز، يعاني القطاع من شحّ المياه الصالحة للشرب بعد توقف محطات التحلية بسبب انقطاع الكهرباء. وتُشير التقديرات إلى أن غزة تحتاج إلى 450 طنًا يوميًا من الدقيق، بينما المخزون الحالي يكفي لأيام فقط.

الحاجة إلى تحرك دولي فوري

في ظل غياب الحلول السياسية، يبقى أهالي غزة رهينة حرب تجويع تُذكّر بأسوأ كوارث القرن الحادي والعشرين، حيث تحوّل الخبز من حق أساسي إلى حلم بعيد المنال.

أمام هذه الأزمة المتفاقمة، تبرز مسؤولية المجتمع الدولي والمؤسسات الإنسانية للتدخل العاجل من أجل فتح المعابر وإدخال المساعدات الغذائية والطبية إلى غزة. فاستمرار هذه السياسات يضع حياة الملايين على المحك، في ظل غياب أي حلول سياسية قريبة.

أزمة غزة ليست مجرد نقص في الغذاء، بل هي اختبار لإنسانية العالم. فبينما تُغلق المخابز أبوابها، تُفتح أسئلةٌ عن مدى فعالية الضغوط الدولية لوقف هذه الكارثة. آن الأوان لتحويل التحذيرات إلى فعلٍ حقيقي قبل أن تتحول “بوادر المجاعة” إلى واقعٍ دامٍ يُضاف إلى سجل المعاناة الفلسطينية.

إن سياسة التجويع التي تُمارس ضد أهالي غزة ليست مجرد أزمة إنسانية، بل هي جريمة حرب تستدعي تحركًا دوليًا فوريًا. فاستمرار الحصار سيؤدي إلى نتائج كارثية على السكان، مما يتطلب ضغطًا دوليًا قويًا لوقف هذه الممارسات وضمان إيصال المساعدات إلى المدنيين الأبرياء الذين يعانون تحت وطأة هذا الحصار الجائر.

شارك الخبر:

اضغط على مواقع التواصل ادناه لتتلقى كل اخبارنا

آخر الأخبار

رويترز عن مصادر أمنية سورية: ارتفاع حصيلة اشتباكات منطقة جرمانا إلى 12 قتيلاً!

أخباركم - أخبارنا ذكرت وكالة رويترز نقلاً عن مصادر أمنية سورية أن حصيلة الاشتباكات...

عدد النازحين السوريين من الساحل إلى الشمال يرتفع ينتشرون في 30 قرية عكارية

أخباركم ـ أخبارنا أعلنت غرفة إدارة الكوارث في عكار أن عدد النازحين من المناطق...

الليبرالي الكندي يفوز بالانتخابات التشريعية بقيادة مارك كارني!

أخباركم - أخبارنافاز الحزب الليبرالي الكندي، بزعامة رئيس الوزراء مارك كارني، بالانتخابات التشريعية التي...

أقمار “أمازون” الإصطناعية: تأمين الإنترنت الفضائي ومنافسة “ستارلينك”

أخباركم - أخبارناأطلقت شركة "أمازون"، المملوكة للملياردير جيف بيزوس، أمس الاثنين، أول دفعة من...

More like this

الضربة الجوية الاسرائيلية بلا قيمة عسكرية فما هي مقاصد تل أبيب السياسية من التصعيد؟

كتب ابراهيم بيرم لـ "أخباركم - اخبارنا"كانت الضربة الاسرائيلية الاخيرة على الضاحية الجنوبية الأكثر...

مسارات التطبيع في عنق الزجاجة الأميركي

أخباركم - أخبارنا / كتب د. وفيق ريحان: يبدو أن الولايات المتحدة الأميركية تعاني منذ...

هياف ياسين ومقاربته للسنطور

هالة نهرا/ أخباركم - أخبارنا بين السنطور الفارسي والسنطور المشرقي العربي وفي العالم صلة...