أخباركم – أخبارنا / ماهر الجندي
بعدما نفذ حافظ الأسد انقلابه في تشرين الثاني، وفيما كان فريق من السلطة الجديدة يسعى إلى تشكيل “الجبهة الوطنية التقدمية”، انتشرت في أوساط البعثيين عبارة قالها شقيقه رفعت الأسد في إحدى اجتماعاته الحزبية: “والله لأشطرنّ الحزب الشيوعي بإصبعي هذه”.
انشقّ الحزب الشيوعي بالفعل، وكذلك حزب الاشتراكيين العرب، والاتحاد الاشتراكي، والوحدويين الاشتراكيين، بل والأخوان المسلمون، وحتى حزب البعث نفسه، ولكن ليس بفعل إصبع ذلك التافه.
حدث انقلاب الأسد في بيئة إقليمية كانت تفور وتمور وتتغير بعد هزيمة حزيران. بيئة شهدت وفاة جمال عبد الناصر، وإيلول الأسود، معركة الكرامة، واتفاق القاهرة، وانقلاب العراق، وغيرها من المتغيرات.
ممارسو الأحزاب الفاعلة في تلك المرحلة، ومنهم القوميون العرب، انقسموا بين الأولويات. في سوريا انقسم الجميع بين: تيار عملي أعطى الأولوية لـ”دعم التجربة الجبهوية” وتمجيد الجبهة كصنم سعى إليه الشيوعيون منذ الخمسينات، وتيار أخلاقي أعطى الأولوية لـ”الدفاع عن الأساسيات”، ومنها الديمقراطية، بدون التقليل من أهمية هذه الجبهة إذا لم تكن استلاباً.
للتذكير على الهامش: بوادر الانشقاق بدأت في الواقع قبل ذلك، ربما في 1969، وعلى أسس تنظيمية، لكن تكرّست سياسياً في 1974. فقد جرى استقطاب الطرفين: الكتلة والزمرة على أسس: التبعية للسوفييت، وعبادة الفرد.
ــ
المنعطفات قد يتفرق عندها الأصحاب. ويبقى السؤال: كيف نوازن بين العملي والأخلاقي، فلا نهمل أياً منهما؟
