السبت, أبريل 26, 2025
21.4 C
Beirut

الكاهن والشيطان: الجحيم كما هو .. القصة الواقعية التي تكشف الجحيم على الأرض!

نشرت في

أخباركم – أخبارنا/ مسعود محمد

تبدأ الحكاية في مواجهة غير متوقعة بين الكاهن والشيطان، حيث يجسد الشيطان الحقيقة المرة التي لطالما حاول الكاهن إخفاءها. تكشف القصة عن الجحيم الذي يعيشه الفقراء والمستضعفون يوميًا، تحت وطأة استغلال الدولة، الكنيسة، ورأس المال.

المشهد الأول: المواجهة
قال الشيطان للكاهن:

“مرحباً، أيها الأب السمين! ما الذي جعلك تكذب هكذا على هؤلاء الناس المساكين المضللين؟ أي عذابات من الجحيم صورت لهم؟ ألا تعلم أنهم يعانون أصلاً عذابات الجحيم في حياتهم على الأرض؟ ألا تعلم أنك أنت وسلطات الدولة مندوباي على الأرض؟ إنك أنت من تجعلهم يعانون آلام الجحيم الذي تهددهم به. ألا تعلم هذا؟ حسناً إذًا، تعال معي!”

شد الشيطان الكاهن من ياقته، ورفعه عالياً، وحمله إلى جحيم لا يحتاج نارًا…

المشهد الثاني: الجحيم في المصنع
في سبك الحديد، العمال يركضون ويكدحون في حرارة لا تطاق. الهواء ثقيل، الجلود تحترق، والأرواح تنهك.

صرخ الكاهن والدموع في عينيه:

“دعني أذهب! دعني أترك هذا الجحيم!”

ضحك الشيطان:

“لا يا صديقي العزيز… لم نرَ بعد إلا القليل.”

المشهد الثالث: الجحيم في الحقول
ثم إلى المزرعة، حيث العرق يمتزج بالغبار، والحبوب تُطحن بالدم، والمراقب يرفع سوطه على كل جسد ينهار.

“هذا جحيم آخر. الجوع والسياط، لا الشياطين، تصنع الجحيم.”

ثم إلى الأكواخ: الدخان، البرد، الزحام، الأمراض، الجوع… وهناك أشار الشيطان بابتسامة مرة:

“هنا يولد أبناء الجحيم، لا بسبب خطاياهم، بل لأنهم وُلدوا فقراء.”

المشهد الرابع: جحيم الزنازين… حيث يُدفن الأحياء
قال الشيطان للكاهن:

“قبل أن تنطق بأي موعظة عن جحيمك الموعود، يجب أن ترى جحيماً لا يمكن للعقل أن يتخيله… جحيماً اسمه: الزنزانة العربية.”

فحمله إلى سجنٍ عميق، مظلم، لا نافذة فيه ولا رحمة. جدرانه سميكة من الخرسانة الباردة، لكنه مليءٌ بصراخ دافئ، مرعب، نابض بالحياة الميتة.

“مرحباً بك في صيدنايا…” همس الشيطان وهو يدفع الكاهن نحو الظلام.

جثث تمشي، عيون مطفأة، أجساد لا تملك حتى شرف الجلوس. رجال فقدوا أسماءهم، أصبحوا أرقاماً تُجلد، وتُركل، وتُغتصب، وتُنسى.

في ركن الزنزانة، كانت تُسمع همسات الصلاة بلا صوت، تُخنق قبل أن تصل إلى السماء. كان هناك طفل بين الرجال، لم يتجاوز السادسة عشرة، جلدوه حتى فقد الوعي لأنه سأل عن والدته. وآخر يتكئ على حائط الدم والقيح، يبكي بلا دموع لأن الماء حُرم منه منذ أيام.

قال الشيطان للكاهن:

“هؤلاء ليسوا في الجحيم الذي وصفته… إنهم فيه الآن. الجوع هو خبزهم، والبول هو شرابهم، والضرب هو قانونهم. هذا ليس سجنًا، بل حفرة نُبشت فيها إنسانيتهم بالحديد والملح.”

“أتظن جهنم الموعودة أكثر رعباً من هذا؟ أتظن نارك اللاهبة تفوق قسوة سنوات العتمة هنا؟”

ثم سار به نحو سجني العقرب في مصر، وتدمر سابقًا في سوريا، والسجون السرية في ليبيا واليمن والعراق. مشاهد تتكرر: أجساد مشوهة، أصوات مبحوحة، قلوب فقدت الإيمان لا بالله، بل بالعدالة.

“الجلادون يلبسون زي الدولة، والقضاة يصدرون الأحكام بالأوامر، والأئمة يباركون للأنظمة لأنهم يخشون فقدان نعيم الدنيا. أهذا دينك؟ أهذه عدالتك؟”

بكى الكاهن، ركع على الأرض القذرة، وتوسل:

“لا، لا… لا أستطيع! هذا هو الجحيم الحقيقي! لا أستطيع حتى التفكير في ما هو أسوأ من هذا!”

اقترب منه الشيطان ووضع يده على كتفه:

“لكنك كنت تبشرهم كل يوم بجحيم آخر… بينما كانوا في هذا الجحيم فعلاً، يُعذّبون باسم الوطن، والدين، والنظام.”

المشهد الخامس: جحيم المدن الحديثة
قال الشيطان للكاهن: “لم ننتهِ بعد… لا تزال هناك جحيمات مخفية تحت عباءات المدن اللامعة.”
• إلى مشغل خياطة تحت الأرض: فتيات يخطن لساعات، أجساد منحنية، أصابع مشققة.
“هذه هي جنة الرأسمالية الحديثة، حيث يُباع الإنسان بأجر ساعة.”
• إلى نهر مسموم: أطفال يبحثون عن معادن وسط الطين والنفايات.
“هل تجرؤ أن تحدثهم عن نارٍ بعد الموت؟ لقد شربوها منذ طفولتهم.”
• إلى مستشفى عام: لا أدوية، لا أسرة، لا أكسجين.
“حتى جهنمي لن يقطع عنهم الهواء!”
• إلى العشوائيات: مراهقون يتقاتلون على الخبز، يغرقون في المخدرات.
“يموتون في سن الحياة. هذا جحيم لا يرحم، ولا يحتاج إلى شيطان.”

ثم اقترب منه وقال:

“أنت كنت تهددهم بجحيم مستقبلي، بينما كنت تخفي عنهم أن الجحيم قد وُلد، وكبر، وابتلعهم، وأنت كنت من خُدّامه.”

الواقع لا يُخفي الجحيم

أمثلة حقيقية واقعية:

  1. عمال مصانع البنغال أو باكستان: ظروف غير إنسانية، كما في مأساة “رنا بلازا” ببنغلاديش (2013).
  2. سجون مثل صيدنايا والعقرب: تعذيب، إذلال، موت بطيء باسم الأمن.
  3. العشوائيات: البرازيل، الهند، أفريقيا، حيث يُدفن البشر أحياءً في بيوت من صفيح.
  4. اللاجئون: يُتركون للبرد، للموت، للتهميش، خلف الأسلاك.
  5. مناجم الكونغو: أطفال يُضحى بهم من أجل بطاريات أغنياء العالم.

الصحوة

نظر الكاهن إلى السماء، ثم إلى الشيطان، وقال بصوت مكسور:

“لقد كنت أعمى… ولكن الآن، لن أُبشّرهم بجحيم آخر، بل سأصرخ للعالم أن الجحيم يسكن بيننا.”

رد الشيطان مبتسماً:

“أخيراً، أصبحت ترى.”

هذه القصة الهدف منها تسليط الضوء على الجحيم الحقيقي الذي يعيشه البشر تحت وطأة الاستغلال والفقر والعنف. وستظل هذه الحكايات تثير تساؤلات حول الظلم الاجتماعي والسياسي، وتحثنا على مواجهة الواقع والعمل من أجل تغييرٍ حقيقي.

شارك الخبر:

اضغط على مواقع التواصل ادناه لتتلقى كل اخبارنا

آخر الأخبار

العالم يشيع البابا فرنسيس إلى مثواه الأخير

أخباركم - أخبارناشهدت روما اليوم السبت، تشييع جثمان البابا فرنسيس إلى مثواه الأخير في...

إنفجار ضخم في ميناء رجائي الإيراني تسبّب في إصابة نحو 400 شخص

أخباركم - أخبارنا هز إنفجار ضخم وقع في ميناء رجائي، مدينة بندر عباس جنوب إيران،...

جولة ثالثة من المحادثات النووية بين إيران وأميركا في سلطنة عمان

أخباركم - أخبارناعقدت إيران والولايات المتحدة، اليوم السبت، الجولة الثالثة من المحادثات النووية في...

جولة ثالثة من المحادثات النووية بين إيران وأميركا في سلطنة عمان

أخباركم - أخبارناعقدت إيران والولايات المتحدة، اليوم السبت، الجولة الثالثة من المحادثات النووية في...

More like this

يحيى جابر: لو بقيت لاجئًا أو طالبًا… أعض حوافري ندمًا!

أخباركم – أخبارنابيروت – في نص أدبي جديد، نشر الكاتب والمسرحي والمخرج اللبناني يحيى...

ندوة في المركز الكاثوليكي للإعلام عن أزمة النازحين وكلمات شددت على ضرورة بلورة موقف وطني جامع لإعادتهم إلى بلدهم

أخباركم - أخبارنا عقدت في المركز الكاثوليكي للإعلام بالتعاون مع "منتدى التفكير الوطني" ندوة لمناسبة...