أخباركم – أخبارنا / يوسف مرتضى – كاتب سياسي
انشغل الإعلام اللبناني على مدار يومين أو ثلاثة قبل قدوم ممثلة الرئيس الأميركي مارغو أورتاغوس إلى لبنان في 5 أبريل 2025، للإشراف على لجنة مراقبة وقف الأعمال القتالية بين لبنان وإسرائيل. كانت التوقعات تدور حول ما ستحمله أورتاغوس من شروط ضاغطة على المسؤولين اللبنانيين، خاصة فيما يتعلق بتشكيل اللجان المدنية الثلاث للتفاوض مع إسرائيل. وهذه اللجان ستتناول موضوعات مهمة مثل انسحاب القوات الإسرائيلية من النقاط الخمس، ترسيم الحدود الجنوبية مع شمال فلسطين المحتلة، ومسألة تحرير الأسرى اللبنانيين. كما كان هناك ترويج بأنها ستفرض مهلة زمنية محدودة على السلطات اللبنانية لتنفيذ نزع سلاح حزب الله.
خلال زيارتها، جالت أورتاغوس على المقرات الرسمية اللبنانية، حيث استمعت لتقارير من الرؤساء الثلاثة حول التطورات التي حدثت في الفترة التي تلت زيارتها السابقة. من جانبه، أكد رئيس الجمهورية أن الجيش اللبناني سيقوم فورًا بالانتشار في النقاط التي ستنسحب منها قوات العدو. كما استمعت إلى فخامة الرئيس حول كيفية معالجة النقاط الحدودية الـ13، وأثنت على اقتراح رئيس الحكومة باستخدام الدبلوماسية المكوكية للتفاوض بين لبنان وإسرائيل عبر الوسيط الأميركي. وأكدت أورتاغوس على ضرورة أن يضغط الجانب الأميركي على إسرائيل للإسراع في سحب قواتها من الأراضي اللبنانية. من جانبه، سلم الرئيس بري أورتاغوس 18 اقتراح قانون إصلاحي معدّة للبحث والإقرار في مجلس النواب. كما زارت أورتاغوس بعض المراكز غير الرسمية للاستماع إلى الطلبات المعلقة التي لم يتم تنفيذها من قبل الحكومة.
الوصاية الأميركية في لبنان:
في متابعة لهذا المشهد، لم أستطع إلا أن أتذكر الطريقة التي شهدناها في التعامل مع الوصاية السورية التي كانت تسيطر على لبنان لمدة خمسة وعشرين عامًا، خاصة في ما يتعلق بتطبيق اتفاق الطائف. كان المسؤولون اللبنانيون يزورون عنجر لتقديم تقاريرهم حول وظائفهم، بينما اليوم، في الحالة الأميركية، نجد أن ممثلة الوصي الأميركي هي التي تتجول على المسؤولين اللبنانيين لتقديم تقاريرهم لها.
هذا المشهد يذكرنا بتصريحات معارضي الوصاية السورية الذين كانوا يرفعون شعارات السيادة والاستقلال، وهو ما يكرره اليوم بعض من معارضي السياسات الأميركية، الذين يرون أن سياساتهم قد تسببت في عودة الاحتلال وفرض الوصاية الأميركية على البلاد. يطرح هذا السؤال: هل نحن أمام خمسة وعشرين عامًا جديدة لتطبيق القرار 1701 بكل مندرجاته، مع احتمال أن يتكرر السيناريو السوري في لبنان؟ وما الضمانة لاستعادة القرار الوطني المستقل؟
الوصاية السورية في لبنان كان لها دور في سياسة “فرّق تسد” بين اللبنانيين، مما عمق الانقسامات الداخلية. وكان من الواضح أن بعض القيادات اللبنانية كانت تستسيغ هذه السياسات، مما يطرح تساؤلات جديدة حول دور القوى الدولية والإقليمية في فرض السياسات على لبنان، حيث يتم التعامل مع المرجعيات اللبنانية بالمفرق على طريقة غازي كنعان ووريثه رستم غزالة.
التحديات المستقبلية:
هل سيظهر وصي جديد بعد خمسة وعشرين عامًا؟ أم أن أجيال المستقبل في لبنان ستتمكن من طي صفحات الاقتتال والانقسام والوصايات، لتنتصر للهوية الوطنية اللبنانية؟ وهل سيتمكن لبنان من بناء دولة المواطنة الحرة المستقلة الديمقراطية التعددية العادلة؟ بالرغم من جميع التحديات، يجب أن نتمسك بالأمل.