أخباركم – أكبارنا/ د. علي مراد
مجددا، يعود النقاش حول مسألة الحجاب وموقعه في الفضاء العام وفي الإدارة العامة والإعلام.
بداية، الحجاب هوي خيار شخصي من الزاوية الفردية وهو حق، وهو بهذا المعنى غير قابل لا للمساومة او للتجزئة. كذلك، صحيح ايضا انه وعلى المستوى الاجتماعي هو فرض ديني لدى البعض وتكريس لمنظومة قائمة على الهيمنة القيمية الذكورية على جسدها لدى آخرين.
طيب مين بيتقدم ع شو ؟ الحرية الفردية او الموقف الاجتماعي؟
الحرية الفردية كقيمة “مطلقة” تتقدم على مفهوم الذوق العام كفكرة “نسبية”. الحرية الفردية في سلطان كل فرد على جسده قيمة مطلقة؛ تتقدم على مفهوم الذوق العام الذي يبقى ملتبسا ونسبيا ومتغيرا بشكل اسرع من الحرية.
يعني مين بيحدد شو هوي الذوق العام؟ لانو ممكن بكرا حدا يعتبر ال tatoo مزعج للذوق العام أو كمان التنورة القصيانا رة أو ربما ال piercing. البنطلون بأول القرن العشرين كان يعتبر ارتدائه من قبل النساء انتهاك للذوق العام والبيكيني وقبله المايوه كان خادش للذوق العام…
ولما يكون حرية شخصية، يعني ما فيك “تحاسب” الناس ع حريتها. ببلد الناس بتعرف حالها من اسمها الزغير او من اسم عيلتها او من ضيعتها، ما ناطرين ليشوفوا الحجاب او الصليب او ليسمعوا القاف ليعرفوا الانتماء. وببلد نسبة المحجاب منها قليلة من عدد النساء، إخفاء الحجاب من الاطلالة على الإعلام العمومي شكل من أشكال العقاب الجماعي.
طيب هل الكل بيعرف انو المحجبة ما عندها حق تصير قاضية؟ ليش ؟ لأنو العدالة لازم تكون محايدة. مين قال إنو الحجاب يخلق ارتياب مشروع، بس انو التوزيع الطائفي للمناصب ما بيشكل تهديد لمسار العدالة. انا مر عليي خلال التعليم عشرات الطالبات المحجبات اللي عندهم الكفاءة يكونوا قاضيات وما فيهم يقدموا لانو بيعرفوا انهم ما رح ينجحوا !
وهون لازم يكون دور القانون واستطرادا الإدارة والقضاء في حماية هذه القيمة عير تحويلها إلى حق، لأنه بكل بساطة ما فيه مبرر لتدخل المشرع بما بالخيارات الهندامية لعموم الناس. وهون حتى في فرنسا ( اللي اصلا علمانيتها كتير خاصة وفريدة وتعكس خصوصية تاريخها ومن الصعب تعميمها) أخد قضاءها عدة قرارات جريئة بهيدا الإطار.
يعني رأيي ورأيك بالحجاب بيبقى رأي شخصي وما لازم يلزم حدا، ومش شغلة حدا يمارس سلطته على جسد المرأة في لبس المايوه أو في ارتداء الحجاب واللي مش عاجبه منظر رداء المرأة بتكون مشكلته مش مشكلة المرأة.
واي ادعاء بانو السعي لتقنين الحجاب هدفه “يحرر” المرأة هوي بحد ذاته ممارسة وصاية قانونية عامة على جسد المرأة واللي بالتأكيد هيي ذكورية كون جسد الرجل ولباسه بيبقى خارج أي نقاش.
بكل الاحوال موضوع الحجاب مركب بطريقة اعقد من انو يتم تناوله بطريقة سطحية تشيطنه وتحوله الى شر مطلق، او تقدسه تحوله إلى خير مطلق المطلق. هو في الاساس خيار فردي. واي نقاش يتجاهل هذا المعطى لا يعوّل عليه.
منع المحجبة من أن تكون مذيعة على التلفزيون العام هوي انتهاك لمبدأ المساواة المحمي دستوريا.