أخباركم – أخبارنا/ د. وفيق ريحان
إن المجتمع الدولي والأمم المتحدة اليوم أمام اختبار حقيقي لتمكين الضمانة الوحيدة لإعادة الاعتبار للشرعية الدولية وضمان حقوق الشعوب في تقرير مصيرها. وإذا لم تنجح الأمم المتحدة في استعادة دورها، فإن منطق الغلبة، المتمثل في شريعة الغاب أو تشريع الإبادة الجماعية في الصراعات بين الأمم، سيحل محل تطبيق القانون الدولي الإنساني، لتصبح هي السائدة في هذه المرحلة.
في حال فشل المجتمع الدولي في فرض هذه المعايير، سيتجه العالم الجديد بسرعة نحو حافة الهاوية، مما يعمق الصراعات العرقية في أنحاء المعمورة. نحن بحاجة اليوم إلى ثورة أخلاقية وإنسانية مستمدة من روح الشرائع الوضعية وجوهر التطلعات الدينية والإنسانية، لإعادة الحياة إلى مجراها الطبيعي في احترام حقوق البشر.
إن العالم بأسره يجب أن ينهض لاستعادة مسيرة السلم العالمية التي تخرج تدريجيًا عن نطاق سيطرة الشرعية الدولية بسبب السياسات العنصرية والهمجية التي تشهدها البشرية في هذه المرحلة المصيرية. علينا أن نؤسس نظامًا عالميًا جديدًا مبنيًا على أسس جديدة لصالح الأمم وحقوق الشعوب في تقرير مصيرها، بدءًا من الاعتراف الدولي بحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة على أرض فلسطين، ورفع الظلم عن الشعوب المضطهدة كافة.
لتتضامن جميع الشعوب من أجل التصدي لشريعة الغاب التي ترعاها الولايات المتحدة الأميركية وحلفاؤها في هذا العصر، في ظل الرئاسة الجديدة للحزب الجمهوري، التي تسعى للسيطرة على مصالح الشعوب الحرة. وفي ظل التوترات الحالية، لا بد من إنهاء الصراعات ذات التطلعات الاستعمارية والتدخلية في أنحاء متفرقة من الكرة الأرضية، قبل أن تتحول هذه الصراعات إلى حرب عالمية ثالثة، التي تدور حاليًا بالوكالة بين أدوات الدول العظمى، وتتجه بشكل متزايد نحو التحول إلى حرب مباشرة بين الدول، مما يؤدي إلى تدهور مسيرة السلم العالمي مع ما يترتب على ذلك من تداعيات اقتصادية واجتماعية وإنسانية.
السؤال الكبير الذي يطرح نفسه: هل ستغلب لغة العقل والتعقل السياسي بين الدول في حل المشكلات العالقة بالطرق السلمية عبر مؤسسات الشرعية الدولية، أم أن شبح الحروب المتنقلة والمدمرة سيطغى على عقول الطغاة من حكام الشعوب المقهورة؟
إن المجتمع الدولي بدون منظمات الشرعية الدولية الضامنة للسلم العالمي، كما يحدث اليوم، هو في أوج الأزمات التي تسوقنا نحو الحروب الهمجية، دون أي موانع قانونية أو إنسانية أو أخلاقية، كما تفعل منظومة الشر في هذه المرحلة، من أجل الخروج من أزماتها على حساب حقوق الشعوب في تقرير مصيرها.
لقد تأسست هيئة الأمم المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية في ظل معادلات وتوازنات دولية لم تعد كما هي اليوم. وهذا يعني أن هناك اختلالًا واضحًا في تلك التوازنات، ولذلك لم تعد تلك الهيئة ومؤسساتها فاعلة، مثل مجلس الأمن الدولي والمحاكم الدولية التابعة لها، ولا حتى الشرائع الدولية والإنسانية. نحن حاليًا ننتقل نحو نظام عالمي جديد، ستنتج عنه منظمات وتشريعات دولية جديدة، لن تتحقق إلا بفعل توازنات دولية جديدة تنشأ من حروب عالمية متفرقة.
إن دور الأمم المتحدة في الحفاظ على السلم العالمي أصبح أكثر أهمية من أي وقت مضى، ويجب أن يكون هناك تركيز على ضمان حقوق الشعوب، وإنهاء التدخلات الاستعمارية والممارسات الهمجية التي تهدد استقرار العالم.