الأربعاء, أبريل 30, 2025
18.4 C
Beirut

البابا فرنسيس وحركة لاهوت التحرير: التناقض مع البابوات السابقين وخيار كنيسة الفقراء

نشرت في

أخباركم – أخبارنا / مسعود محمد

شهدت الكنيسة الكاثوليكية تحولات جذرية مع تولي البابا فرنسيس السدة البابوية عام 2013، حيث أظهر توجهات جديدة نحو العدالة الاجتماعية والانحياز للفقراء، مما أعاد تسليط الضوء على حركة لاهوت التحرير، التي كانت في العقود السابقة محل نقد ومعارضة من البابوات السابقين، وخاصة البابا يوحنا بولس الثاني والبابا بنديكتوس السادس عشر. غير أن فرنسيس اتخذ مسارًا مختلفًا، داعيًا إلى كنيسة الفقراء، مستندًا في ذلك إلى روح الإنجيل وتعاليم المسيح، الذي كان أول نصير للفقراء ومشارك الخبز والسمك.

البابا فرنسيس ولاهوت التحرير: تناقض واضح مع البابوات السابقين

مواقف البابوات السابقين من لاهوت التحرير

  1. البابا يوحنا بولس الثاني (1978-2005)
  • نشأ في بولندا وعانى من النظام الشيوعي، مما جعله حذرًا تجاه أي لاهوت يرتبط بمفاهيم ماركسية.
  • عارض بشدة لاهوت التحرير لتبنيه بعض المفاهيم الماركسية، واعتبره تهديدًا لوحدة الكنيسة وتعاليمها الروحية.
  • خلال زيارته لنيكاراغوا عام 1983، وبّخ علنًا الكاهن إرنستو كاردينال بسبب انخراطه في السياسة، وطالبه بالاستقالة من منصبه الحكومي.
  1. البابا بنديكتوس السادس عشر (2005-2013)
  • بصفته الكاردينال جوزيف راتزينغر، قاد مجمع عقيدة الإيمان وأصدر وثائق تنتقد لاهوت التحرير، معتبرًا أنه يركز على الصراع الطبقي ويتبنى تفسيرات ماركسية للإنجيل.
  • بعد توليه البابوية، واصل معارضة لاهوت التحرير، مؤكدًا على ضرورة الحفاظ على البُعد الروحي للكنيسة بعيدًا عن الأيديولوجيات السياسية.

البابا فرنسيس: إعادة الاعتبار للاهوت التحرير

  1. إعادة الاعتبار لرموز لاهوت التحرير
  • أعاد البابا فرنسيس الاعتبار لرموز الحركة مثل إرنستو كاردينال، الذي كان قد جُرِّد من صلاحياته الكهنوتية بسبب انخراطه في السياسة.
  • أعلن قداسة المطران أوسكار روميرو، الذي كان من أبرز دعاة لاهوت التحرير، واغتيل بسبب مواقفه في 1980.
  1. التأكيد على الخيار التفضيلي للفقراء
  • دعا البابا فرنسيس إلى نبذ “روح العالم” والتجرّد عن الماديات، مؤكدًا أن “الخدمة هي السلطة الحقيقية”.
  • في حديثه بعد انتخابه، قال: “كم أود أن تكون الكنيسة فقيرة ومن أجل الفقراء”، وهو تصريح يعكس عمق التزامه بمبادئ لاهوت التحرير.

لماذا خيار كنيسة الفقراء؟ وتأثيره على الكنيسة

دعا البابا فرنسيس إلى كنيسة تضع الفقراء في قلب رسالتها، معتبرًا أن هذه هي الرسالة الحقيقية للمسيحية. هذه الرؤية أثّرت على الكنيسة بطرق عدة:

  1. تعزيز العدالة الاجتماعية
  • جعل البابا فرنسيس الكنيسة أكثر انخراطًا في قضايا العدالة الاجتماعية، حيث أصبح الفاتيكان صوتًا أقوى في الدفاع عن حقوق الفقراء والمهاجرين.
  1. تحول الكنيسة إلى مؤسسة ناشطة اجتماعيًا
  • لم تعد الكنيسة فقط مكانًا للعبادة، بل أصبحت أكثر انخراطًا في القضايا الاقتصادية والبيئية والاجتماعية، مثل تغير المناخ والفقر المدقع.
  1. تغيير نمط حياة الفاتيكان
  • رفض البابا فرنسيس العيش في القصر البابوي واختار الإقامة في دار الضيافة البسيطة، وأظهر سلوكًا أكثر تواضعًا يتماشى مع رؤيته لكنيسة الفقراء.

المسيح: نصير الفقراء الأول ومشارك الخبز والسمك

يُعتبر يسوع المسيح النموذج الأول في الدفاع عن الفقراء ومساعدتهم، حيث عاش حياة بسيطة وكان دائمًا قريبًا من الفقراء والمحتاجين. ومن أبرز الأمثلة على ذلك:

  1. معجزة تكثير الخبز والسمك
  • ذكر الإنجيل أن يسوع أطعم خمسة آلاف شخص بخمسة أرغفة وسمكتين، في واحدة من أعظم معجزاته، مما يُبرز أهمية المشاركة والتكافل.
  • هذه المعجزة، المذكورة في الأناجيل الأربعة، تُشير إلى التزام المسيح بتلبية احتياجات الناس المادية والروحية معًا.
  1. ماذا يقول الإنجيل عن الفقراء؟
  • “طوبى للمساكين بالروح، لأن لهم ملكوت السماوات” (متى 5:3) → تكريم واضح للفقراء كأقرب الناس إلى الله.
  • “لا يقدر أحد أن يخدم سيدين… لا تقدرون أن تخدموا الله والمال” (متى 6:24) → تحذير من جعل الثروة هدفًا بدلاً من خدمة الآخرين.
  • “إذا صنعت صدقة، فلا تُصوّت قدامك بالبوق، كما يفعل المراؤون… بل لتكن صدقتك في الخفاء” (متى 6:2-4) → دعوة صريحة لمساعدة الفقراء دون تظاهر أو رياء.

التحول في الفكر الكنسي الحديث

يُعد تحول الكنيسة في عهد البابا فرنسيس تجاه لاهوت التحرير والخيار التفضيلي للفقراء واحدًا من أهم التحولات في الفكر الكنسي الحديث. بعد عقود من المعارضة الشديدة لهذه الحركة من قبل البابا يوحنا بولس الثاني والبابا بنديكتوس السادس عشر، جاء البابا فرنسيس ليعيد الاعتبار لها، مؤكدًا أن رسالة الكنيسة الحقيقية هي خدمة الفقراء والمهمشين.

استنادًا إلى تعاليم المسيح الذي كان أول نصير للفقراء، ومشارك الخبز والسمك مع المحتاجين، يُثبت البابا فرنسيس أن الكنيسة ليست مجرد مؤسسة روحية، بل يجب أن تكون قوة محرّكة للعدالة الاجتماعية والإنسانية.

شارك الخبر:

اضغط على مواقع التواصل ادناه لتتلقى كل اخبارنا

آخر الأخبار

التصعيد يفرض إيقاعه: الأنظار على الجنوب بين زيارة جيفرز إلى لبنان وعون إلى الإمارات … عناوين و مختارات واسرار من الصحف

أخباركم - اخبارنا/ اعداد عايدة الأحمدية تصدّرت زيارة رئيس لجنة المراقبة على وقف إطلاق...

في صبيحة اليوم 2022 من ثورة الكرامة .. ناصر، فلسطين، ولبنان.. دروس من التاريخ وخطوط المستقبل

أخباركم أخبارنا / كتب حنا صالح في صباح يوم 2022، وفي لحظة تتجدد فيها...

خاص : ما لا يعلمه نعيم قاسم او يتجاهله .. لبنان يطالب الولايات المتحدة بالمساعدة على تحقيق الامن والاستقرار .. حشد دبلوماسي لوقف اعتداءات...

أخباركم - أخبارنا/ تقرير لبنان السياسي ضربني وبكى ..وسبقني واشتكى… هذا هو وضع الامين العام...

More like this

الضربة الجوية الاسرائيلية بلا قيمة عسكرية فما هي مقاصد تل أبيب السياسية من التصعيد؟

كتب ابراهيم بيرم لـ "أخباركم - اخبارنا"كانت الضربة الاسرائيلية الاخيرة على الضاحية الجنوبية الأكثر...

مسارات التطبيع في عنق الزجاجة الأميركي

أخباركم - أخبارنا / كتب د. وفيق ريحان: يبدو أن الولايات المتحدة الأميركية تعاني منذ...