السبت, أبريل 19, 2025
20.4 C
Beirut

طارق ضاهر ما يجري في مسقط مجرد إعلان عن نتائج مفاوضات خلف الأبواب المغلقة – وعضو في الوفد يلوذ بسفارة أستراليا

نشرت في


أخباركم – أخبارنا/ بقلم: مسعود محمد


عقدت إيران والولايات المتحدة الجولة الأولى من المحادثات في سلطنة عمان بشأن برنامج طهران النووي، وهي أعلى مستوى من اللقاءات بين البلدين منذ عام 2018. وقد وصف كلا الطرفين اللقاء بأنه “بناء”، وأكدا أن جولة ثانية من المناقشات ستُعقد الأسبوع المقبل، فيما اعتبرت الولايات المتحدة أن “الاتصال المباشر” يُعد مفتاحاً للتوصل إلى اتفاق محتمل. كان الرئيس دونالد ترامب قد سحب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي السابـق بين إيران والقوى العالمية في عام 2018، وقد صرّح مراراً بأنه سيسعى إلى إبرام “اتفاق أفضل”. وتُعتبر هذه المحادثات خطوة أولى مهمة لتحديد ما إذا كان بالإمكان التوصل إلى اتفاق جديد.


بحسب تقرير نشرته صحيفة وول ستريت جورنال، فإن مسؤولين إيرانيين أشاروا إلى أنهم، في إطار أي اتفاق جديد محتمل، يطالبون برفع سريع للعقوبات الأمريكية المرتبطة بالملف النووي. كما تسعى طهران إلى الإفراج عن مليارات الدولارات المجمّدة في حسابات خارجية، وتطالب بوقف الضغوط الأمريكية على الشركات الصينية التي تشتري النفط الإيراني، وفقاً لمصادر إيرانية وعربية. في المقابل، أفاد التقرير أن ممثلين إيرانيين أبلغوا وسطاء أوروبيين بأن طهران مستعدة للعودة إلى مستويات التخصيب التي نصّ عليها الاتفاق النووي لعام 2015. وبموجب خطة العمل الشاملة المشتركة (JCPOA)، كانت إيران قد وافقت على الحد من تخصيب اليورانيوم إلى 3.67%، وهو مستوى بعيد جداً عن نسبة الـ90% اللازمة لصناعة سلاح نووي.


لم تمر هذه التطورات دون ردود فعل داخلية أمريكية، خصوصاً من معسكر الجمهوريين. فقد صرّح السيناتور الجمهوري توم كوتون قائلاً: “كان موقف أوباما وكيري أننا يجب أن نثق بإيران، وأن ننفذ اتفاقاً هزلياً مليئاً بالثغرات، منح إيران مليارات الدولارات، ونأمل بالأفضل.” وأضاف: “الرئيس ترامب كان واضحاً بأن إيران يجب ألا تحصل على سلاح نووي. تذكّروا أن إيران تطوّر برنامجاً صاروخياً قادراً على ضرب أمريكا. إيران نووية تشكل تهديداً وجودياً، ليس فقط لحلفائنا، بل لنا أيضاً.”


في ما يشبه الإشارة إلى وجود توتر غير معلن داخل أروقة المفاوضات، أفادت مصادر مطلعة أن أحد أعضاء لجنة اللقاء الإيراني-الأميركي لجأ إلى سفارة أستراليا في مسقط قبيل بدء الاجتماع، ما تسبب في تأخير انطلاق اللقاء نحو ربع ساعة. لم تتضح بعد هوية العضو، ولا إن كان الأمر يتعلق بمحاولة انشقاق، أو تقديم طلب حماية دبلوماسية، أو حتى إيصال رسالة سرّية للغرب عبر قناة ثالثة، إلا أن الحادثة تؤكد أن ما يجري خلف الأبواب المغلقة أكثر تعقيداً مما يظهر في الصور الرسمية والبيانات الصحفية.
التأجيل السريع للجولة الثانية ليس تفصيلاً تقنياً أو نتيجة “مشاورات داخلية”، بل يُقرأ كمؤشر على وجود مسار غير معلن يجري بالتوازي. فالبيئة الدبلوماسية اليوم، خصوصاً بعد وساطات سلطنة عمان واتصالات أوروبية مكثفة، توحي بأن نتائج اللقاءات تُصاغ في الخفاء، ثم يُصار إلى إخراجها إعلامياً.


المثير أن هذه المفاوضات تأتي في لحظة تشهد فيها المنطقة إعادة ترتيب لموازين القوى، لا سيما في ظل التهدئة المؤقتة بين حزب الله وإسرائيل، وتبدّل موقع القوات الأمريكية في العراق وسوريا. الولايات المتحدة لم تعد تبحث فقط عن “اتفاق نووي مُرضٍ”، بل تسعى لترويض فائض النفوذ الإيراني عبر قنوات تفاوضية.


أي اتفاق بين إيران والولايات المتحدة لا يمكن أن ينجح دون أن يطال عمق النفوذ الإيراني في الإقليم. أذرع إيران، من الحوثيين إلى حزب الله، الحشد الشعبي، حماس، والجهاد الإسلامي، ليست أدوات ظرفية، بل منظومة استراتيجية. في حال التوصل إلى اتفاق، قد نرى إعادة تموضع أو تجميداً مؤقتاً للأنشطة، لكن دون إنهاء البنية العسكرية لتلك الجماعات. هذا التجميد سيكون تكتيكياً، لا تحوّلاً جذرياً.


في لبنان، تتّجه الأنظار إلى مسقط أيضاً. فالحكومة اللبنانية برئاسة نواف سلام، ورئيس الجمهورية جوزاف عون، يترقبان مآلات التفاوض وتداعياته على الداخل اللبناني، وخصوصاً على ملف حزب الله وسلاحه. ثمة قناعة متزايدة أن نزع سلاح الحزب أو على الأقل وضعه تحت سلطة الدولة قد يُطرح في إطار صفقة إقليمية أوسع، وهو ما يثير قلق قيادة الحزب ويضعه في موقف استباقي حساس.
ما نراه في مسقط ليس أكثر من الواجهة الدبلوماسية لمسار تفاوضي أشمل، يجري بعيداً عن الأضواء، وقد تمضي فيه الأطراف إلى تسويات موضعية تحت ضغط الحاجة، لا القناعة. أما أذرع إيران، فمصيرها ليس الانكفاء، بل إعادة التموقع بانتظار جولة جديدة من التحديات في نظام إقليمي يتشكل بصمت

شارك الخبر:

اضغط على مواقع التواصل ادناه لتتلقى كل اخبارنا

آخر الأخبار

ذاكرة انتقائية: حين ينسى حزب الله من أوقف الحرب .. الأمم المتحدة تؤكد دعمها للحكومة في تنفيذ أجندتها الإصلاحية .. تحليق للطيران المسير جنوبًا...

أخباركم - أخبارنا/ تقرير لبنان الميداني النار لم تنطفئ بالمقاومة، بل بالقرار الدولي….وقف القصف لم...

أورتاغوس لجنبلاط: المخدرات مضرّة وليد

أخباركم ـ أخبارنا علّقت نائبة المبعوث الأميركي الى الشرق الأوسط مورغان أورتاغوس، على...

المجلس الاسلامي الشرعي الأعلى: للالتزام بالبيان الوزاري والإسراع في تنفيذ بنوده!

أخباركم ـ أخبارنا رأى المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى في بيان بعد اجتماعه الدوري برئاسة...

رسالة من حزب الله للعماد جوزاف عون!

أخباركم - أخبارنا حزب الله المنخرط بالصوت العالي بتنفيذ مصالح ايران اثناء تفاوضها مع...

More like this

تقنياً: إيران قادرة على إنتاج 6 قنابل نووية… وإسرائيل تتأهب لمنعها بينما تبدأ جولة ثانية من المحادثات مع واشنطن في روما!

أخباركم - أخبارنا/ مسعود محمد بدأت إيران والولايات المتحدة الجولة الثانية من المحادثات النووية في...

لن تقتلونا مرتين: إعادة فتح ملف لقمان سليم وملفات الاغتيال التي صيغت قراراتها بين الضاحية ودمشق وطهران!

أخباركم - أخبارنا/ بقلم: مسعود محمد أعادت محكمة التمييز فتح ملف اغتيال الكاتب والناشط...