أفادت معلومات اعلامية أن الماكينتين الانتخابيتين لحركة أمل وحزب الله باشرتا جولاتهما ولقاءاتهما التنسيقية في قرى وبلدات الجنوب والنبطية، في إطار التحضيرات الجدية للانتخابات البلدية المرتقبة في 25 أيار المقبل.
وبحسب المعلومات، فإن الاجتماعات تركّز على خيار التزكية كحلّ يُجنّب القرى التوترات والانقسامات، ويُقدَّم من قبل الفريقين على أنه “أرقى أشكال الديمقراطية”، لما يوفّره من توافق محلي، و”حفاظ على النسيج الاجتماعي”، وفق ما يُسوَّق له في اللقاءات القاعدية.
تحليل: التزكية بين الواقعية السياسية والإقصاء المبطن
خيار التزكية ليس جديدًا في الجنوب اللبناني، إذ دأب الثنائي الشيعي منذ سنوات على إرساء معادلة سياسية محلية قائمة على التفاهمات المسبقة وتقاسم النفوذ في المجالس البلدية، ما حوّل أغلب المعارك الانتخابية إلى “توافقات فوقية” لا تُعرض على الصناديق.
من منظور تنظيمي، يتيح هذا النهج تجنّب التشنج العائلي والطائفي، ويعزّز منطق “القيادة المركزية” في إدارة الشأن المحلي. لكنه في المقابل، يقلّص من مساحة التنافس الديمقراطي، ويُقصي الأصوات المستقلة والمعارضة المحلية، التي غالبًا ما تشتكي من إقفال الباب أمامها بفعل الضغط المعنوي والسياسي.
اتفاق مكتوب و”تنظيم التزكية” بين حزب الله وأمل
بحسب معلومات موثوقة، فإن خيار التزكية يستند إلى اتفاق تنظيمي موقّع بين السيد حسن نصرالله والرئيس نبيه بري يعود إلى العام 2010، ويقضي بتقاسم رئاسات المجالس البلدية بناءً على نتائج انتخابات 2004، مع ضمان تمثيل نسبي لكل طرف داخل المجالس، وإشراك العائلات والكفاءات المستقلة ضمن تركيبة اللوائح التوافقية.
وقد تم تجديد هذا الاتفاق مؤخرًا استعدادًا للاستحقاق المقبل، في خطوة تؤشر إلى نية واضحة من الطرفين لتفادي الصراعات، وتقديم مشهد سياسي متماسك ضمن البيئة الشيعية.
المعارضة تستعد للمواجهة: “لا تزكية بلا تمثيل”
في المقابل، تتحضّر قوى المعارضة، وعلى رأسها الحزب الشيوعي اللبناني، ومنظمة العمل الديمقراطي العلماني، وتيارات تغييرية، لخوض معارك انتخابية جدّية في عدد من البلدات الجنوبية.
وتبرز بعض البلدات كـ كفرمان، أنصار، صريفا، وسواها كمواقع محتملة للخرق، خاصة بعد تجارب سابقة أظهرت إمكانية المواجهة مع لوائح الثنائي. وفي مدينة صور، بدأت مشاورات بين “منتدى صور الثقافي” و”حراك صور” لتشكيل لائحة معارضة رغم التحديات الأمنية والضغوط السياسية.
خلاصة: ديمقراطية مضبوطة أم احتكار شرعي؟
في المحصلة، يبدو أن الثنائي الشيعي يراهن على الاستقرار والضبط السياسي في بيئته، بينما تراهن المعارضة على مساحات خرق محدودة ومركّزة، في معركة تتجاوز الطابع المحلي إلى صراع على المعنى الفعلي للديمقراطية والمشاركة في لبنان ما بعد 17 تشرين.
تبقى الأسابيع المقبلة حاسمة في تحديد معالم هذا الاستحقاق، الذي وإن بدا بلديًا، إلا أنه سيحمل أبعادًا سياسية تتعدّى حدود الجنوب، في ظل التغيرات المتسارعة على مستوى تموضع القوى وخيارات الشارع اللبناني.