أخباركم – أخبارنا/ بقلم: د. وفيق ريحان
أنجزت الحكومة اللبنانية مشروع قانون إصلاح القطاع المصرفي، وأحالته إلى مجلس النواب منذ ثلاثة أيام لدراسته ضمن اللجان النيابية المشتركة، في خطوة تشكّل إحدى الركائز الأساسية المطلوبة من قِبل صندوق النقد الدولي. ويأتي هذا المشروع في إطار الجهود الرسمية لإعادة هيكلة النظام المصرفي، ومعالجة آثار الانهيار المالي الكبير الذي ضرب البلاد منذ عام 2019.
الهيئة المصرفية العليا: بنية جديدة للرقابة والمساءلة
يرتكز مشروع القانون على تشكيل هيئة ناظمة تُعرف بـ”الهيئة المصرفية العليا”، تضم سبعة أعضاء على النحو التالي:
- رئيس لجنة الرقابة على المصارف
- خبير مالي ومصرفي تعيّنه الحكومة
- خبيران يعينهما وزير المالية ووزير الاقتصاد
- رئيس مجلس إدارة المؤسسة الوطنية لضمان الودائع
- حاكم مصرف لبنان
- أحد نواب الحاكم
ويُلاحظ غياب تمثيل جمعية المصارف عن هذه الهيئة، في خطوة واضحة للحد من تضارب المصالح، ما أثار اعتراض الجمعية، التي طالبت بضرورة تحديد الفجوة المالية وتقدير الخسائر قبل الشروع في إعادة الهيكلة.
أبرز الإيجابيات في مشروع القانون
- حظر استخدام المال العام في عمليات إنقاذ أو إصلاح المصارف المتعثرة، ما يضع حداً للنهج الذي حمّل الدولة واللبنانيين أعباء إخفاقات النظام المالي.
- مجاراة شروط صندوق النقد الدولي، بما يُسهّل إمكانية سداد القروض وعدم تعميق أزمة الدين العام.
- الحد من تضارب المصالح، بمنع أعضاء الهيئة من التصويت في ملفات تتعلق بمصارف لهم صلة مباشرة بها.
- صلاحيات حاسمة للهيئة، بما في ذلك قرار إعادة رسملة المصرف أو تصفيته، استنادًا إلى تقارير لجنة الرقابة على المصارف.
- مفعول رجعي لقانون رفع السرية المصرفية لمدّة عشر سنوات، ما يتيح تتبع الأصول وتركيبة الودائع بدقة.
- إلزام المساهمين بتحمّل الخسائر، واعتبار أموالهم الخاصة الأساس الأول لإنقاذ المصرف قبل المساس بحقوق المودعين.
- الربط المباشر بين إصلاح المصارف وتحديد الفجوة المالية كأولوية قصوى لضمان دقة الإجراءات وتوزيع الخسائر.
تحديات تطبيق القانون
رغم أهمية المشروع، إلا أن ثمة صعوبات جوهرية قد تعيق تطبيقه بفعالية:
- قدرة اللجان الرقابية على القيام بمهماتها بدقة وشفافية، خصوصًا في تحديد الفجوة المالية الحقيقية في كل مصرف.
- التحديات التقنية والعملية لوضع تقديرات موضوعية تسمح بإعادة الانتظام المالي، من دون المس بحقوق المودعين.
- إجراءات تصفية المصارف المتعثرة قد تُثير إشكالات قانونية وإنسانية، خصوصًا إذا لم تتوافر الأموال الكافية من الجهات المدينة لضمان ودائع الناس.
ختاماً: خطوة إصلاحية حاسمة في مسار قصير
يمثل مشروع القانون خطوة إصلاحية محورية في طريق معالجة الأزمة المالية–المصرفية، ومن الإنجازات البارزة التي تُحسب للحكومة الحالية والعهد الجديد. غير أن نجاحه مرتبط باستكمال النقاشات النيابية ضمن مهلة زمنية قصيرة، بالنظر إلى ضيق ولاية الحكومة العتيدة.
وفي ظل هذه المعطيات، يُؤمَل أن يُترجم هذا المشروع إلى قوانين فعالة تطبّق بأعلى درجات الشفافية والمحاسبة، بما يخدم المصلحة الوطنية العليا، ويُعيد الثقة إلى النظام المالي والمصرفي في لبنان.