بقلم: حلمي موسى – “أخباركم – أخبارنا”
يسعد صباحكم وأمل لا يتزعزع بقرب الفرج وزوال الاحتلال.
تستمر المذبحة والحصار والتجويع والتعطيش في غزة، حيث لا توفر إسرائيل جهدًا لتكثيف الضغط بهدف تحقيق اتفاق تبادل أسرى وفق شروطها. ومع ذلك، تصرّ حماس على أن لا اتفاق دون ضمانات واضحة بوقف الحرب. وحتى الآن، لا مؤشرات جدية على وجود هذه الضمانات، وإن كانت الاتصالات مستمرة بهدف الوصول إلى صيغة توافقية قبل نهاية الشهر الجاري.
الصورة العامة تزداد إرباكًا لإسرائيل. فالانتقادات الدولية تتسع، والتأييد الأميركي لإسرائيل آخذ في التراجع. وتُبدي الصحافة الإسرائيلية قلقًا متصاعدًا من مسارين متوازيين: المفاوضات النووية الأميركية الإيرانية، والمفاوضات النووية الأميركية السعودية.
في الشأن الإيراني، يبدو أن واشنطن تتجه نحو اتفاق وسط يضمن عدم امتلاك طهران سلاحًا نوويًا، دون أن يمنعها من تطوير برنامج نووي سلمي. أما إسرائيل، فترغب في تكرار “النموذج الليبي”، أي تسليم المنشآت والمواد النووية بالكامل لأميركا لتدميرها.
أما في الملف السعودي، فإسرائيل تنظر بقلق إلى تقدّم المفاوضات بين واشنطن والرياض بشأن برنامج نووي سلمي سعودي، لا سيما بعد أن تخلّت أميركا عن شرط التطبيع مع إسرائيل كمقدمة للاتفاق، ما يزيد منسوب الخوف الإسرائيلي من تغيّر أولويات واشنطن في المنطقة. وإلى جانب هذه التطورات، يزداد قلق إسرائيل من الموقف التركي ودوره في سوريا.
اليمين الإسرائيلي الحاكم، الذي بنى استراتيجيته على “الحرب الدائمة”، يواجه الآن تحديات داخلية كبيرة. أولها طلب المؤسسة العسكرية زيادة عدد القوات عبر التجنيد الإجباري، بما يشمل الحريديم، الأمر الذي قد يُسقط الحكومة سياسيًا. ثانيًا، تراجع كبير في نسبة الملتحقين بالخدمة الاحتياطية، مع تقارير عن تغيّب ما يقارب نصف جنود الاحتياط، لأسباب اقتصادية أو سياسية أو أمنية.
في المقابل، يتوسع التأييد الشعبي والعسكري لمطلب تبادل الأسرى ووقف الحرب. فقد وقع نحو ألفي عنصر من سلاح الجو على عريضة تدعو لإتمام التبادل فورًا، حتى ولو مقابل وقف فوري للعمليات العسكرية. ولحق بهم مئات من عناصر سلاحي المدرعات والطب، ثم عناصر من سلاح الاستخبارات، خصوصًا الوحدة 8200. ومن خارج الجيش، أعلن مئات من عناصر الموساد، بينهم ثلاثة رؤساء سابقون، تأييدهم للعريضة. اليوم، سُجّل امتداد التأييد ليشمل وحدات المشاة ولواء جولاني.
آلاف من الأكاديميين وقعوا أيضًا، ما يشكّل عنصر ضغط واسع النطاق على الحكومة. غير أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو اعتبر هذه العرائض “خيانة وطنية”، واتهم القائمين عليها بتلقّي دعم خارجي، واصفًا إياهم بـ”الأعشاب الضارة”. وأمر وزير الحرب بتسريح كل جندي يوقّع على العريضة، ما يهدد خسارة الجيش الإسرائيلي لآلاف الكفاءات والخبرات.
أما بشأن اتفاق التبادل ووقف إطلاق النار، فالأنباء شحيحة. المشكلة الأساسية لم تعد في أعداد الأسرى الإسرائيليين أو الفلسطينيين – وهي مسائل قابلة للحل – بل في الضمانات الحقيقية التي تطالب بها حماس لوقف الحرب وبدء مفاوضات جدية. وحتى الآن، تفشل الولايات المتحدة وإسرائيل في تقديم هذه الضمانات، خصوصًا بعد إعلان حماس أنها لا تطالب بالعودة لحكم غزة بعد الاتفاق.
الأيام المقبلة حاسمة. فإما اتفاق يُنهي النزف الإنساني في غزة، أو استمرار المعاناة في ظل انسداد الأفق السياسي.