أخباركم – أخبارنا/ تقرير لبنان السياسي
في زمنٍ ضاعت البراءة بين زحام الحياة، يعلو صوتٌ هادئ، محب، أبوي، يقول: “دعوا الأطفال يأتون إليّ.”..ليس صوتًا عابرًا، بل نداء أزلي من قلب الرحمة، من ذاك الذي رأى في وجوه الصغار طهارةً لا يطالها الزيف، ونقاءً لا تلوثه الأهواء.
دعهم يقتربون، بأيديهم الصغيرة، وقلوبهم الوديعة، وعيونهم اللامعة بالدهشة والحب…. دعهم يجلسون عند قدميّ، حيث لا خوف ولا جفاء، حيث الحب يُمنح دون شرط، وحيث يسمع الطفل اسمه من فم الله.
إنهم لا يأتون فقط ليتعلموا، بل ليُعلِّموا الكبار كيف يكون الإيمان بسيطًا، وكيف تكون الثقة كاملة، وكيف يحبّ الإنسان دون حساب.
“دعوا الأطفال يأتون إليّ”… نداء يحمل في أعماقه ثورة ضد القسوة، وضد من سرقوا الطفولة من وجوههم…..هو دعوة للعودة إلى الأصل، إلى ما كان عليه الإنسان قبل أن يعرف الخطيئة.
ففي احد الشعانين، اطل البابا فرنسيس الأحد لفترة وجيزة في ساحة القديس بطرس بالفاتيكان من دون حاجته الى التنفس الاصطناعي..وهنأ الحشود وهو يجلس على كرسي متحرك إذ يواصل التعافي من إصابته بالتهاب رئوي مزدوج.
وتذكر لبنان قائلا: “لنتذكر أيضًا لبنان الذي اندلعت فيه الحرب الأهلية لخمسين سنة خلت، لكي يتمكن، بمعونة الله، من أن يعيش في سلام وازدهار. ولتحل أخيرًا نعمة السلام في أوكرانيا المعذبة وفلسطين وإسرائيل وجمهورية الكونغو الديمقراطية وميانمار وجنوب السودان ولتنل لنا مريم العذراء الأم الحزينة هذه النعمة ولتساعدنا على عيش أسبوع الآلام بإيمان”.
مع بداية الاسبوع يزور رئيس الحكومة نواف سلام سوريا في اول زيارة رسمية له بعد تبوأ الجولاني سدة الرئآسة، وسيحمل معه ملفات أساسية ترتبط بإعادة تصحيح مسار العلاقات وتعزيزها والبحث في انطلاقة جديدة وتفعيل الاتفاقيات والسؤال عن مصير المفقودين واللاجئين.
في المقابل، أكد رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام الذي وضع إكليلا من الزهر على نصب الشهداء في وسط بيروت في الذكرى الخمسين لاحياء الحرب الاهلية اللبنانية أن موضوع المخفيين اللبنانيين في السجون السورية سيكون من ضمن المباحثات خلال زيارته الى سوريا.
وفي الذكرى أثنى على أهمية وحدة اللبنانيين وقال: ” هذه ساحة شهداء كل لبنان التي طالما جمعت بين اللبنانيين. ويهمنا أن نستعيد ثقة اللبنانيين وأن نسهم في عملية الاصلاح”.
وأضاف: “هذه الذكرى علمت فينا ونتعلم منها في أن لا نعيد ما كابده أهلنا. وحان الوقت لبناء دولتنا والثقة بها. وهذا الامر مطلوب منا نحن المسؤولين عن هذا البلد”.
وعن قانون السرية المصرفية، قال: “هناك من استفاد من السرية المصرفية لتبييض الاموال وأهمية الاصلاح في هذا الجانب أنه يسهم في استعادة الودائع”.
وعن الوضع في الجنوب، قال: “لا داعي لبقاء اسرائيل في هذه النقاط لاننا في زمن الاقمار الاصطناعية وبإمكان الجميع أن يعرف ما يجري على الارض من دون أن يضع النقاط ويحتل”.
وكان قد كتب سلام على منصة “أكس”: في الذكرى الخمسين لاندلاع الحرب اللبنانية، نقف اليوم لا لنفتح جراحًا، بل لنسترجع دروسا يجب ألا تنسى. كل الانتصارات كانت زائفة، وكل الأطراف خرجت خاسرة مهما تباينت الآراء حول أسباب الحرب، فهي تتقاطع عند مسألة غياب الدولة أو عجزها. لا دولة حقيقية إلا في احتكار القوات المسلحة الشرعية للسلاح. فلنطبق بنود الطائف بالكامل، ونصوّب ما طبق خلافا لروحه ونسد ثغراته. دولة تحفظ الذاكرة لنتعلم من ماضينا كي لا نكرر أخطاءنا، مسؤولية الدولة أن تعالج ملفات المفقودين والمخطوفين بجدية وشفافية. دعوة إلى دقيقة صمت وطنية شاملة ظهر ۱۳ نيسان تحت شعار: منتذكر سوا لنبني سوا. فلنجعل من الذكرى الخمسين نقطة تحوّل… ولننظر معاً إلى لبنان جديد، يليق بتضحيات أبنائه”.
وقال مصدر مقرب من رئيس الحكومة، إن الزيارة المقررة اليوم إلى دمشق ستكون «تأسيسية» للقاء الرئيس السوري أحمد الشرع بهدف «تعزيز الحلقات وتصحيح المسار» في العلاقات بين البلدين.
وسيرافق وزراء الدفاع ميشال منسّى، والداخلية أحمد الحجار، والخارجية يوسف رجّي سيرافقون سلام في زيارته إلى دمشق .
وفي الذكرى 50 لاندلاع الحرب استذكر السياسيون اسباب اندلاعها متمنين عدم الوقوع في مخاطرها، فقد كتب النائب بيار بو عاصي على “اكس”: “الأحد ١٣ نيسان، من خمسين سنة، قتلوا جوزف بو عاصي وانطلقت مسيرة الدفاع عن لبنان وما زالت، فسقط الشهداء قوافل قوافل. تخاذلوا وتحججوا وما يزالون بأن قيام الجيش اللبناني بواجباته سيعرضه للانقسام، فانقسم الوطن. وحدها الدولة قادرة على حماية الوطن ومنعه من الانقسام. منتذكّر لمَا تنعاد”.
من جهته، كتب النائب ميشال معوض عبر منصة “إكس”: “في ١٣ نيسان ، وبعد ٥٠ عاماً من فصول الدم والدمار، فلنتذكر كم كانت كلفة تحويل لبنان إلى ساحة صراع إقليمية كبيرة على لبنان واللبنانيين، ولنتّعظ من تجارب كلفت لبنان الكثير من المآسي والخسائر والتهجير والإفقار.
وكتب النائب سيمون أبي رميا عبر منصة “إكس”: “في الذكرى الخمسين للحرب الأهلية اللبنانية، علينا أن نتعلم من مساوئ الحرب وتداعياتها لبناء لبنان الحياة والفرح. لاسيما وان هذه الذكرى تتزامن مع أعياد الشعانين عند الطوائف المسيحية كافة على أن تظلل مشهدية أغصان الزيتون مسار السلم وتطرد مخاوف الحر”.
من جهته، وفي عظة الاحد البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي قال “اليوم 13 نيسان 2025 يصادف مرور خمسين سنة على ذكرى اندلاع الحرب الأهليّة في لبنان (1975-2025) التي مزّقت حياتنا وطفولتنا وشبابنا، وشوّهت علاقاتنا بلبنان وببعضنا البعض. “طوى لبنان صفحة الحرب الأهلية واليوم يطوي صفحة الخروج عن الشرعية ومحاربتها، لكنّ طيَّ الصفحات لا يكفي. لا بدّ من قراءة الوقائع التي أوصلتنا إلى هذه الحال والتعلم منها لأنّ من لا يفهم أخطاءه يكررها ولا وقت للتكرار بعد اليوم لأنّ لبنان يحتاج مستقبلًا يليق بتاريخه. لذلك لا بد من إعادة دراسة ما حصل والتصالح والتصارح حتى نتخطى هذه المرحلة تماماً كما نجحت بلدان أخرى في ذلك.” (راجع عمر حرفوش في نداء الوطن، السبت 12 نيسان 2025: 50 عاماً: تنذكر وما تنعاد!”). هذه تسمّى تنقية الذاكرة”.
وختم الراعي: ” لنصلِّ، أيّها الإخوة والأخوات، لكي نفتح قلوبنا لإستقبال المسيح، فندخل معه أسبوع آلامه وموته وقيامته، ونحقّق عبورًا روحيًّا معه، مائتين عن خطايانا، وقائمين معه لحياة جديدة، حياة النعمة. فنرفع المجد والتسبيح للآب والإبن والروح القدس، الآن وإلى الأبد، آمين”.
من جهته، اعتبر متروبوليت بيروت للروم الاورثوذكس المطران الياس عودة في عظة الاحد ان “اليوم ذكرى بدء الحرب المشؤومة التي خلفت دمارا وخرابا وحصدت أرواحا بريئة وندوبها لما تندمل بعد. صلاتنا أن يكون اللبنانيون قد تعلموا من دروس الماضي وأن تكون صور الحرب محفورة في ذاكرتهم كي لا تتكرر، وأن يشدوا العزم من أجل بناء دولة قوية موحدة لا تزعزعها رياح حرب أخرى، ولا تقوى عليها يد الشر فتخربها، وتبعثرها وهي لم تنهض بعد”.
وختم: “لنضع رجاءنا على ابن الله الذي سيتألم من أجلنا، ويموت ثم يقوم مخلصا إيانا، كي يخلص لبنان ويزرع فرح قيامته في قلوبنا”.