أخباركم – أخبارنا
وسط تعثّر جديد في مفاوضات القاهرة، واصل الطرفان الفلسطيني والإسرائيلي تبادل الاتهامات بشأن مسؤولية تعطيل الوصول إلى اتفاق، فيما بات واضحًا أن الملف المركزي الذي يفجر التفاهمات هو سلاح المقاومة، الذي تعتبره حركة “حماس” بمثابة “الخط الأحمر” غير القابل للنقاش، في وقت تسعى فيه إسرائيل ومعها الولايات المتحدة إلى صفقة شاملة تنتهي بإضعاف أي قدرة عسكرية مستقبلية للمقاومة، على غرار ما تُخطط له في جنوب لبنان ضد حزب الله.
التفاصيل المتاحة من المفاوضات: أرقام واشتراطات
وفقًا لمصادر متابعة، فإن المقترح المصري الذي عرض على الأطراف نصّ على الإفراج عن ثمانية إسرائيليين أحياء وعدد من الجثامين، مقابل وقف لإطلاق النار، وانسحاب تدريجي للقوات الإسرائيلية من غزة، مع البدء بإدخال المساعدات.
إلا أن إسرائيل طالبت برفع عدد الأسرى الأحياء إلى عشرة، وهو ما لم توافق عليه “حماس” حتى الآن، ودفع وفدها إلى مغادرة القاهرة للتشاور وإعادة تقييم الطرح، دون التوصّل إلى اتفاق نهائي.
في المقابل، ضغطت الولايات المتحدة باتجاه ما وصفته بـ”حل وسط”، يقوم على الإفراج عن 9 إلى 10 رهائن إسرائيليين، بأقل عدد ممكن من الدفعات، مقابل ضمانات أميركية بالانتقال إلى مفاوضات جدية حول وقف دائم لإطلاق النار، وترتيبات ما بعد الحرب.
حماس: سلاحنا ليس مطروحًا للنقاش
في هذا السياق، أدلى طاهر النونو، المستشار الإعلامي لرئيس المكتب السياسي لحركة حماس، بتصريحات حاسمة لوكالة “فرانس برس”، اعتبر فيها أن:
“الاحتلال يريد إطلاق سراح أسراه من دون الانتقال إلى قضايا المرحلة الثانية المتعلقة بوقف النار الدائم والانسحاب الإسرائيلي الكامل من قطاع غزة”.
وأضاف: “سلاح المقاومة خطر أحمر، وليس مطروحاً للتفاوض، وبقاؤه مرتبط بوجود الاحتلال”.
وأكد النونو أن حماس أبدت مرونة كبيرة في المفاوضات، وأنها لا تعرقل الصفقة، بل تطالب بضمانات فعلية تُجبر إسرائيل على الالتزام ببنود وقف النار، معتبراً أن تل أبيب “تتهرّب من التزاماتها، وتواصل عدوانها العسكري على المدنيين”.
مسار متعثر وضغوط متزايدة
وبحسب مصدر مطّلع نقلت عنه “فرانس برس”، فإن وفد حماس أنهى لقاءاته في القاهرة مع الجانبين المصري والقطري من دون إحراز تقدم حقيقي. وأشارت تسريبات إسرائيلية إلى أن عرضًا جديدًا طُرح على الحركة يتضمن إطلاق 10 أسرى مقابل الدخول في المرحلة الثانية من الاتفاق بضمانات أميركية.
وفي هذا الإطار، فإن الموقف الأميركي، كما تراه حماس، لا يزال مراوغًا، حيث تطالب واشنطن بتنازلات فورية من حماس، دون تقديم التزامات حاسمة تجاه إنهاء العدوان وانسحاب الاحتلال، فيما يبدو أن الصفقة المتكاملة ما زالت بعيدة المنال.
خسائر مستمرة ومساعدات أوروبية
ميدانيًا، يستمر العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، حيث أعلنت وزارة الصحة أن 1574 فلسطينيًا استُشهدوا منذ 18 آذار، غالبيتهم من النساء والأطفال، مع إصابة أكثر من 4115 آخرين.
في المقابل، أعلن الاتحاد الأوروبي عن رزمة مساعدات مالية جديدة للفلسطينيين تمتد حتى العام 2027، وتبلغ قيمتها 1.6 مليار يورو، لدعم الاستقرار في الضفة الغربية وغزة، بحسب ما أكدت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس.
خلاصة المشهد
تؤكد التطورات أن المفاوضات دخلت مرحلة كسر عظم سياسي وأمني، حيث تريد إسرائيل ومعها الولايات المتحدة إنهاء الحرب بالشروط التي تضمن نزع سلاح حماس وتقويض بنيتها العسكرية، بينما ترفض الحركة ذلك رفضًا قاطعًا وتربط أي تنازل بانسحاب كامل للاحتلال، واعتراف فعلي بوجودها السياسي والأمني في غزة. وبين الضغط الميداني والابتزاز السياسي، يبقى المدنيون وحدهم يدفعون الثمن، وتبقى المعادلة مرتبطة بحسابات أعمق من صفقة تبادل رهائن.