كتب حلمي موسى من غزة يسعد صباحكم وأمل لا يتزعزع بقرب الفرج وزوال الاحتلال.
تستمر الحرب قصفًا وتدميرًا وتجويعًا، فيما تواصل إسرائيل مقامرتها بأن الضغط المعيشي الهائل سيؤدي إما إلى استسلام المقاومة، أو إلى غضبة شعبية تنقلب على حماس. هذه المقامرة تتجاهل أن هذا الضغط يمس أيضًا الأسرى الإسرائيليين في قبضة حماس، ما خلق ضغطًا داخليًا متزايدًا داخل المجتمع الإسرائيلي نفسه.
وقد ترجمت هذه المقامرة نفسها بالمقترح الإسرائيلي الجديد–القديم، حيث تسعى إسرائيل إلى فرض واقع عسكري جديد بعد تنصلها من المرحلة الأولى من اتفاق سابق، وعدم انسحابها من محور فيلادلفي وعدم فتح معبر رفح، مع شن حملة عسكرية في رفح تهدف لخلق ظروف مواتية لتهجير الفلسطينيين.
إسرائيل رفضت كل المقترحات الوسطية التي طرحت، بدءًا من مقترح ويتكوف بالإفراج عن نصف الأسرى، مرورًا بالمقترحات القطرية والمصرية، وانتهاءً بالمقترح المصري الأخير بالإفراج عن ثمانية أسرى أحياء. المقترح الإسرائيلي الأخير لم يكن سوى نسخة أكثر تشددًا من مقترح ويتكوف، مع فارق خطير: لأول مرة، يُطرح نزع سلاح حماس كشرط لبدء مفاوضات المرحلة الثانية.
هذا الطرح قوبل برفض قاطع من حماس، مما أعاد المفاوضات إلى نقطة الصفر. وأكد المستشار الإعلامي لرئيس المكتب السياسي لحماس، طاهر النونو، أن “نزع السلاح غير مطروح للنقاش، وبقاء المقاومة مرتبط ببقاء الاحتلال”. وأضاف أن حماس مستعدة لتبادل جميع الأسرى مقابل وقف إطلاق نار دائم وانسحاب إسرائيلي كامل من غزة.
بحسب وثائق متداولة، يتضمن المقترح الإسرائيلي وقفا لإطلاق النار مدته 45 يومًا، يبدأ بالإفراج عن الأسير الأميركي عيدان ألكسندر كـ”بادرة حسن نية”، ثم خمسة أسرى مقابل 66 أسيرًا فلسطينيا من أصحاب الأحكام العالية و611 أسيرًا من غزة. لاحقًا، يتم إطلاق أربعة أسرى مقابل 54 أسيرًا محكومًا بالمؤبد و500 غزي، وبعدها يتم تبادل الجثامين. يشمل الاتفاق إعادة انتشار الجيش في رفح وشمال القطاع وتقديم معلومات متبادلة عن الأسرى.
لكن بيت القصيد في المقترح هو اليوم السابع، حيث يبدأ فيه التفاوض على “اليوم التالي” الذي يشمل نزع سلاح المقاومة ووقفًا دائمًا لإطلاق النار، وهو ما تعتبره حماس خطًا أحمر.
قناة “الشرق” نقلت أن إسرائيل تطالب بإبقاء الجيش في المناطق العازلة، بما فيها تلك التي وصلت إليها حديثًا، خلافًا لاتفاق سابق. فيما نقلت مصر تطمينات أميركية لحماس بأن المفاوضات ستكون جادة، وأن ترامب مستعد شخصيًا للإعلان عن وقف الحرب.
سامي أبو زهري أكد أن مطلب نتنياهو “اتفاق استسلام”، مشيرًا إلى أن حماس جاهزة للإفراج عن جميع الأسرى دفعة واحدة مقابل وقف الحرب والانسحاب الكامل.
مصدر أمني إسرائيلي قال إن الفجوات لا تزال كبيرة، لكن الضغط العسكري والسياسي سيدفع حماس للقبول، وأضاف أن حماس تطلب شروطًا غير مقبولة.
بالمجمل، يبدو أن المفاوضات وصلت إلى حائط مسدود جديد بسبب إدخال موضوع نزع السلاح، وهو ما ترى فيه حماس تهديدًا جوهريًا لوجودها ولمفهوم المقاومة نفسه، على غرار ما يُطلب من حزب الله في لبنان.
وسط كل هذا، تظل ورقة المقاومة هي الأقوى بيد حماس، والضغط الإسرائيلي المستمر يهدد بانفجار جديد بدلًا من حلٍّ شامل، فيما يواصل الوسطاء محاولاتهم تفادي الانهيار الكامل لمسار التفاوض.