أخباركم- أخبارنا /حاورته فاطمة حوحو
وسط تأكيد رئيس مجلس النواب نبيه بري على صعوبة تعديل قانون الانتخابات البلدية “لضيق الوقت”، تدور سجالات بين النواب والقوى السياسية المختلفة حول تعديل قانون الانتخابات النيابية، تعكس حجم الخلافات والتباين في المواقف من امكانية التعديل خلال هذه السنة التي تسبق الانتخابات، التي من المفترض ان تجري في نيسان أو أيار المقبل، مع نهاية ولاية المجلس الحالي.
القانون الحالي اعتمد في انتخابات 2018 سمّي بالقانون “الارثوذكسي”، وأمّن للمسيحيين تمثيلاً أفضل. من هنا يجري التمسك به من قبل القوى المسيحية التي ترفض تعديله، فيما يسعى بري وآخرون الى التعديل بنظام نسبي ولبنان دائرة واحدة، كما تسعى قوى التغيير إلى ذلك من منطلق إيجاد قانون يسمح بتمثيل أفضل لكل الفئات اللبنانية.
كما اعتمد قانون 2018 الدوائر الصغيرة والنسبية في التصويت، فأعطى المقترع حق الصوت التفضيلي الذي اوصل نواباً بحكم تحالفات سياسية، كان من الممكن أن تسقطها أوراق الانتخاب، ومثال على ذلك النائب جبران باسيل الذي قدم له سعد الحريري فرصة الفوز عندما دعا اعضاء تياره المستقبلي وجمهوره إلى اعطاء الصوت التفضيلي لباسيل.
منذ أسابيع قليلة، وفي اجتماع للجان النيابية، اثير موضوع تعديل قانون الانتخاب حيث كان في الأدراج 6 اقتراحات ولم تدرج في جدول الأعمال باعتبار ان بري هو من يضع جدول اعمال اجتماع اللجان، بل نوقش القانون الذي قدم من كتلته، اضافة اقتراح قانون انتخاب مجلس الشيوخ.
بالطبع، ادت حالة الهرج والمرج إلى “التريث وألا ندرس هذه القوانين وألا نشكل لجنة، في انتظار أن يرسل الأفرقاء الآخرون اقتراحاتهم أو تعديلاتهم على قانون الانتخاب”، وعلى ضوء ذلك “نشكل لجنة مختصة ولجنة فرعية من اللجان المشتركة لدراسة هذا الموضوع”، بحسب ما أعلن نائب رئيس البرلمان الياس بو صعب.
وفي إطار السعي لتطوير النظام الانتخابي اللبناني وتعزيز تمثيل المواطنين في المجلس النيابي، زار وفد من مبادرة “آغورا” وفريق عمل مشروع قانون “لبنان للكلّ”، الأسبوع الماضي رئيس مجلس الوزراء نواف سلام، حيث ناقش معه سلسلة من الاقتراحات المتعلقة بتحسين قانون الانتخاب.
وتعرض مبادرة “آغورا – لبنان للكل” مقترحاتها للنقاش مع القوى السياسية والنيابية وآخرها مع “لقاء سيدة الجبل”. وفي هذا السياق نضيء في حوار خاص مع الناشط السياسي ماهر أبو شقرا على هذا النشاط وأهدافه وقدرته على تحقيق ما يصبو إليه في التوصل إلى برلمان أكثر تمثيلاً وتعبيراً عن إرادة المجتمع اللبناني.
بداية، عبّر أبو شقرا عن “تجاوب الرئيس سلام إيجابياً مع المقترحات التي قدمناها خلال زيارتنا له، وكان تشديد من قبله على ضرورة استكمال النقاش”.
* ما هي هذه المنظمة والى ماذا تهدف ومن يدعمها؟
– آغورا ليست منظمة، نحن فريق من مشارب مختلفة ومنتمين الى منظمات مختلفة، نعمل معاً على سياسات اصلاحية، بالتعاون مع منظمة “اي ار اي”، وهي عملياً مركز ابحاث علمي. إذاً، نحن فريق عمل لدينا طروحات حول قانون الانتخاب من أجل تحسينه، وهناك سلّة من الاقتراحات نراها ضرورية من اجل تطوير قانون الانتخاب والنظام الانتخابي، تهدف إلى جعل المجلس أكثر تمثيلاً وتعبيراً عن مصالح الناس.
وتتمحور المقترحات حول تحسين العدالة في الظهور الإعلامي، وضبط الإنفاق الانتخابي، وتنفيذ الميغا سنتر، وتحسين التمثيل النسائي، وتصويت المغتربين لمئة و28 نائباً، فضلاً عن تعديلات في طريقة تشكيل اللوائح وطريقة الاقتراع.
القانون الحالي منحاز بشكل فاضح
* ماذا وراء فكرة قانون انتخاب جديد يكون اكثر تمثيلاً لمن؟
– القانون الحالي منحاز بشكل فاضح وواضح. منحاز للأشخاص القادرين على تشكيل لوائح على المستوى المناطقي، وجرى إعداده بعيداً عن مشروع سياسي وطني ورؤية وطنية لأنه قانون مفصل قياس البعض. فهو يعتمد بشكل اساسي على الدائرة الصغرى، وطبعاً التصويت طائفي على المقاعد الطائفية،. وهذا يعني ان التصويت يصبح إما تصويتاً طائفياً جداً او مناطقياً جداً، فيما تغيب الرؤى الوطنية. ثانياً، موضوع الحاصل الانتخابي، يجعل امكانية وصول القوى الصغيرة صعباً، لكن هذه القوى التي تعبّر عن مجتمع معين يمكن ان يكون كبيراً على مستوى لبنان، إلا أنه أصغر حجماً في المناطق.
إذاً، يجب النظر إلى كل منطقة بمنطقتها، فقد يكون حجم هذه القوى صغيراً، ولكن عندما يجري جمعها على صعيد لبنان فهي كبيرة، إلا أنها غير ممثلة. تمثيلها في ظل قانون طائفي ليس سهلاً لانها لا تجمع الحاصل المطلوب، وبالتالي لا تستطيع الوصول إلى المجلس النيابي.
* من هم المهمشون نتيجة قانون الانتخاب الحالي؟
– هناك قوى لديها طروحات سياسية ليست شعبوية، تحمل مشاريع سياسية إصلاحية حقيقية، لكن صوتها غير مسموع وغير مسموح له بالوصول، لأن القانون الحالي لا يؤمّن العدالة في الظهور الاعلامي مثلاً. الاعلام بطبيعة الحال منحاز لمن يدفع له أموالاً أكثر، فالمرشح القادر على الدفع يسمع صوته أكثر من مرشح قد يكون لديه شعبية لكنه يرفض استخدام انتمائه الطائفي. طبعاً هناك قوى اصلاحية لديها مشاريع وتفكر بمستقبل البلد والافضل للبنان، لكنها أيضاً من الفئات المهمشة في القانون الحالي.
* “لبنان للكل” هو عنوان قانون الانتخاب الذي تعملون عليه لماذا هذا الشعار؟
– ببساطة جاء شعار “لبنان للكل” انطلاقاً من فكرة تمثيل اوسع شريحة ممكنة بالمجلس النيابي.
“منعمل اللي علينا”…
*مَن يمكن أن يكون مؤيداً لطروحات التعديل التي تسعون اليها خصوصاً وان الممانعة قد تكون حفظاً للمكاسب التي يحققها للبعض؟
– بطبيعة الحال، نحن نقوم بما يجب علينا القيام به أي “منعمل اللي علينا”. نتوقع ان تكون هناك قوى تمانع وترفض وقوى أخرى توافق على ما نطرحه وتقبل به. الموضوع يحتاج إلى نقاش عميق مع القوى السياسية المؤثرة وتفاوض، هناك قوى قد يكون انطباعنا عنها أنها سترفض ولكن قد تقبل، والعكس صحيح. نحن لسنا متسرعين في هذا الموضوع، سنقوم باتصالاتنا ونرى.
من خلال نواب التغيير
*هل تنسقون مع نواب التغيير، ولماذا لا تقدمون اقتراحكم لتعديل قانون الانتخاب عن طريقهم؟
– عندما سنطرح اقتراح القانون سيكون ذلك طبعاً من خلال نواب التغيير وبالتنسيق معهم. لكن، نحن الآن نطرحه عبر التواصل مع القوى التغييرية التي يمكن ان تتبناه. جونا عملياً هو جو تغييري، ومن رحم انتفاضة 17 تشرين والحراك التغييري، لكننا نعمل حالياً من خلال المسار التقني أكثر من السياسي. نعمل كفريق مكوّن من اشخاص عدة ومن خبراء لا يعملون في السياسة وليسوا سياسيين. سنجري لقاءات مع عدد من القوى، القريبة منا والتي تشبهنا، وكذلك مع قوى أخرى بعيدة عن طروحاتنا، وهذا أمر بديهي. سنلتقي الجميع وفق المنهجية التي نعمل عليها ونسير بها.
* ما هي ثغرات القانون الحالي وما هو الطرح البديل الذي تقدمونه؟
– هناك طروحات عدة لتعديل القانون البعض لا يرى امكانية لنجاحها، مثل لبنان دائرة واحدة ونسبية، وما الى ذلك.
* ما هي الثغرات التي يعالجها مقترحكم لقانون جديد؟
– هناك ثغرات يعالجها بشكل شبه كامل، وهناك معالجة لأخرى الى حد ما. ثمة ثغرات مرتبطة بالنظام السياسي ونحن ما زلنا مكبلين فيه لأنه يتطلب تغييراً شاملاً، وملزمين بالعمل ضمن النظام القائم، فقبل تغيير النظام السياسي لا يمكن ان يكون لنا قانون انتخاب عصري وجديد، ولكن ما نطرحه يحسّن من شروط ومستوى العمل السياسي في لبنان.
الضغوط على الناخبين
الثغرات الموجودة حالياً هي في موضوع الضغوط على الناخبين التي تحصل في مراكز الاقتراع. فالناخب يدخل الى مركز الاقتراع وكأنه يدخل الى ثكنة عسكرية، وهذا يتسبب بانكفاء بعض الاشخاص عن التصويت تجنباً للضغوط عليهم، بينما هناك غياب للعدالة في الظهور الإعلامي، لذلك نطالب بتحسين ذلك. وهناك مشكلة التمثيل النسائي وما نطرحه لتحسين هذا التمثيل، وكيفية ضبط الانفاق الانتخابي. كذلك ثمة موضوع مهم وهو ان التصويت في لبنان يحصل على نطاق ضيق أو مناطقي محدود، طائفي، أو عبر شبكة زبائنية. لذا، لدينا مقترح لكسر هذا الموضوع والتصويت على اساس المشروع السياسي، مما يعزز فرص المرشحين على اساس مشروع سياسي. اخيراً، هناك نقطة اساسية وهي اضعاف احتكار الطوائف للمقاعد السياسية.
نحن سنعرض مشروع اقتراحاتنا قريباً بالتفاصيل، وستتضح حيثياتها بشكل كامل وبطريقة واضحة.