“اخباركم” يعيد فتح ملف مسجدي السلام والتقوى في طرابلس، في ذكرى مرور عشر سنوات على التفجير الغادر خاصة وان القاتل حر طليق في بلد تستنسب فيه قوى الامر الواقع الاحكام القضائية فتفصل على قياسها، ففي حادثة بحجم تفجير مسجدين كاد ان يؤدي بالبلد الى حافة الانهيار التام بسبب الفتنة الطائفية التي كان يحضر لها ويعمل على تنفيذها استنسب القاضي الذي تولى اصدار الحكم بتخفيف العقوبة لسماحة حليف الممانعة والاسد وكل المحكومين غيابيا لا يزالون فارين من وجه العدالة في بلد لم نشهد فيه يوما قصاصا لمجرم ولا محاسبة لمرتكب، وآخر مثال على ذلك كان انفجار 4 آب 2020.
في هذه الذكرى، قال الرئيس السابق لهيئة العلماء المسلمين الشيخ سالم الرافعي في حديث الى موقع أخباركم أخبارنا، “نسأل الله تعالى ان لا تبقى كل مآسينا ذكريات، انما يأتي اليوم ونأخذ حقنا وننتصر له وتأخذ العدالة مجراها، سواء في تفجير مسجدي التقوى والسلام أو في تفجير مرفأ بيروت، لأنه من الصعب على من قتلوا، خاصة أثناء أدائهم العبادة داخل المسجدين، ألا يأخذوا حقهم في الدنيا، فتبقى نفوس ذويهم وأهلهم في ضيق وألم”.
وأسف الرافعي لعدم وجود تطورات في ملف المسجدين، لاسيما وان كل المحكومين غيابيا لا يزالون فارين من وجه العدالة.
من ناحية اخرى، انتقد المدة التي حوكم بها ميشال سماحة والتي بلغت 13 عاما، معتبرا انه كان يتمنى ان يتم الحكم بمدة مماثلة على الشبان الاسلاميين الذين ارتكبوا جرما أقل من جرم سماحة، لكنهم في المقابل حوكم البعض منهم بالاعدام، “وهذا دليل على فقدان العدالة في البلد وسياسة الكيل بمكيالين”.
في شهر أغسطس (آب) من عام 2012 أوقف الوزير اللبناني الأسبق ميشال سماحة حليف سوريا وحزب الله وحول إلى القضاء العسكري بتهمة التخطيط مع رئيس جهاز الأمن السوري اللواء علي مملوك، أحد أبرز الوجوه الأمنية لنظام الأسد، ومدير مكتبه عدنان (مجهول باقي الهوية) “لاغتيال شخصيات سياسية لبنانية ورجال دين ومسلحين سوريين ومهربين” على الحدود بين سوريا ولبنان.
وفي 8 أبريل (نيسان) 2016، أصدرت محكمة التمييز العسكرية وهي أعلى هيئة قضائية عسكرية في لبنان حكماً نهائياً ومبرماً بسجن سماحة 13 سنة مع الأشغال الشاقة وتجريده من حقوقه المدنية بتهمة “التحضير لأعمال إرهابية والتخطيط لنقل متفجرات من سوريا إلى لبنان بهدف تفجيرها واغتيال شخصيات سياسية لبنانية ورجال دين ومسلحين سوريين ومهربين”، بالتنسيق مع علي مملوك ومدير مكتبه.
اعتقل سماحة الذي كان مستشار رئيس النظام السوري بشار الأسد، في أغسطس 2012، وحكم عليه بالسجن أربع سنوات ونصف السنة، قبل أن يخلى سبيله مقابل كفالة مالية في يناير (كانون الثاني) 2016 بناءً على حكم صادر عن المحكمة العسكرية التي تقع تحت سلطة وتأثير الممانعة، إلا أنه عاد إلى السجن بعد أن نقضت محكمة التمييز العسكرية حكم المحكمة العسكرية. مع الإشارة إلى أن المدة التي كان قضاها الوزير السابق في السجن تحتسب ضمن حكم الـ13 عاماً، علماً بأن السنة السجنية في لبنان مدتها تسعة أشهر.
وكان اثناء التحقيق أوضح سماحة، أنه تسلم “170 ألف دولار من السوريين داخل كيس في مكتب عدنان (مدير مكتب مملوك) وقال وضعتها في صندوق سيارتي مع المتفجرات. ولدى وصولي إلى بيروت عند الساعة السابعة مساء اتصلت بميلاد كفوري وسلمته الأموال والمتفجرات في مرأب منزلي في الأشرفية”. وميلاد كفوري هو أحد معارف سماحة، وقد وشى به إلى القوى الأمنية قبل أن يغادر البلاد. ولدى سؤاله في المحكمة عن الهدف من التخطيط لاغتيالات وتفجيرات في شمال لبنان وبينها محاولة اغتيال النائب خالد الضاهر المعارض بشدة لنظام الأسد، أجاب “كنت أسمع على المنابر تحدياً للدولة وسباً للجيش وإيقاظ الغرائز ولا أحد يلاحق”. وأضاف، “صحيح أخطأت، لكن كنت أريد تجنب فتنة طائفية”.
وأكد الرافعي بأنه لا يثق بالقضاء اللبناني في ملفي السلام والتقوى وانفجار 4 آب. وهو ايضا لا يثق بالقضاء الدولي في حال ضم ملف المسجدين الى ملف انفجار المرفأ ليتم التحقيق بهما دوليا. وقال، “لا ثقة الا بالعدالة الالهية، فنحن جربنا المحكمة الخاصة بجريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري لسنوات وكلفت الدولة الكثير من المال، وفي النهاية وصلت الى النتيجة من دون القدرة على تنفيذ الحكم. فإذا وصلوا في ملفي المسجدين والمرفأ الى نفس النتيجة المتعلقة بمحور الممانعة، فهم سيعجزون ايضا عن تطبيق الحكم”.
ورأى ان العدالة “ليس ان نبين من هو المجرم فقط، بل الاقتصاص من المجرمين، وهذا أمر يعجزون عنه، وبالتالي فإن العدالة الدولية التي لم تستطع انصاف اهل سوريا من المجازر الكيماوية وجرائم بشار الاسد، وغضت الطرف عن قتل الحريري، هي لن تنصف المتضررين من انفجار مرفأ بيروت”. واتهم الرافعي المجتمع الدولي بالتواطوء في عدم كشف جريمة انفجار المرفأ “لأنه لم يكشف عن مضمون الأقمار الاصطناعية ولم يقم بتسليمها”.
اعتراف سماحة حينها، في أول جلسة محاكمة له، أكّد أمرين اثنين اما الخضوع او التعرض للالغاء، ويختزل الاعتراف بنقل متفجرات من مكتب المملوك رجل بشار القوي، منطق تعاطي نظام البعث السوري مع لبنان وأحزابه وقواه على مدى 40 عاماً. فنظام البعث، بقيادة الأسد الأب و الابن، وضع لبنان دوماً بخيارين اثنين لا ثالث لهما؛ إما الرضوخ لإملاءاته وتنفيذ كلّ ما يطلبه هذا النظام، أو تلقي العنف والالغاء عبر الاغتيال، فكم من اغتيال نفذه هذا النظام بحق من رفضوا املاءاته من كمال جنبلاط الذي رفض تنفيذ طلبات الأسد الأب في اللقاء الشهير عام 1976، الى اغتيال المفتي الشيخ حسن خالد، واستهداف قيادات في جبهة المقاومة الوطنية واغتيال قائدها جورج حاوي، وصولاً الى اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري.