خاص – “اخبارنا اخباركم”
رحل عن عالمنا قبل قليل، مؤسس جريدة السفير اللبنانية المحتجبة الصحافي والسياسي والمفكر المخضرم طلال سلمان عن عمر ناهز 85 عاماً بعد صراع مع امراض الشيخوخة التي داهمته قبل نحو اربعة اعوام، واقعدته اخيراً عن الحركة واعجزته عن النطق الا بصعوبة بالغة. اسرة فريق اخباركم تقدم تعازيها لاسرة الفقيد واصدقائه ومحبيه تغمده الله بواسع رحمته.
رحلة طويلة حافلة ومميزة سلكها الرجل في عالم الكتابة والادب، بدأها ابن بلدة شمسطار البقاعية منذ ما يزيد عن 60 عاماً حط خلالها في صحف ومجلات عدة احتجب معظمها لاحقاً ومنها مجلة “الاحد” لمؤسسها رياض طه ودار الانوار وصحفها لمنشئها سعيد فريحة، قبل ان يطلق جريدته “السفير” في عام 1974 والتي ما لبثت ان اخذت مكانها المتميز والمتقدم في الاعلام اللبناني المطبوع. اذ مع بداية الحرب الاهلية اللبنانية في العام التالي، صارت ناطقة بلسان الحركة الوطنية والقوى القومية والناصرية واليسارية اللبنانية، اضافة الى الفصائل الفلسطينية التي كانت قد حطت رحالها في الساحة اللبنانية ناقلة اليها كل مؤسساتها.
واللافت ان الراحل سلمان نجح ايضاً في اعطاء صحيفته بعداً عربياً واسعاً حيث استجلب اليها اقلاماً من مصر وسواها ونجح ايضاً في جعلها تعبّر عما يعتمل في كل الاقطار العربية من آمال وحراك وتطلعات، فكانت بحق متماهية مع الشعار الذي اختاره لها منذ البداية وهو “صوت الذين لا صوت لهم” وجريدة العرب في لبنان وجريدة لبنان في العالم العربي.
ولم يكن ذلك مستغرباً، فقد كان سلمان نفسه ناصرياً حتى العظم وقومي التوجه حتى النخاع، فما هدأ هواه العربي يوماً.
منذ نحو خمسة اعوام، قرر سلمان ايقاف صحيفته عن الصدور لأسباب ودواع ما افصح الا عن نذر يسير منها، ولكن الاكيد انه منذ ان اوقف اصدار جريدته شعر الرجل ان نهايته قد دنت.
ولد طلال سلمان في بلدة شمسطار غربي بعلبك في العام 1938، وهو شكل منذ عقود مرجعية إعلامية في الشؤون العربية واللبنانية تحظى بالتقدير، والتأثير في الرأي العام.
والده إبراهيم أسعد سلمان. ووالدته فهدة الأتات. تزوج عام 1967 من عفاف محمود الأسعد، من بلدة الزرارية في جنوب لبنان، ولهما: هنادي (مديرة تحرير في جريدة السفير) وربيعة (المشرفة العامة على أرشيف السفير)، وأحمد (المدير العام المساعد) وعلي (مهندس صوت).
أما مسيرة طلال سلمان فكانت مسيرة شاقة، بدأت في نهاية الخمسينيات من القرن الماضي لـ “واحد من متخرجي بيروت عاصمة العروبة” كما يصف نفسه في سيرته، استهلها مصححاً في جريدة “النضال”، فمخبرا صحافيا في جريدة “الشرق”، ثم محرراً فسكرتيراً للتحرير في مجلة “الحوادث”، فمديراً للتحرير في مجلة “الأحد”.
وفي خريف العام 1962 أصدر في الكويت مجلة “دنيا العروبة”، ليعود إلى بيروت ليعمل من جديد في “الصياد” و”الأحد” حتى تفرّغ لإصدار “السفير” في أواخر العام 1973، وهو عضو مجلس نقابة الصحافة اللبنانية منذ العام 1976.
ويترقّب الرأي العام افتتاحياته اليومية بعنوان “على الطريق”، والتي تميزت بالوضوح السياسي وصلابة الموقف.
تتميز شخصيته كإعلامي بمزيج من رهافة الوجدان السياسي والصلابة في الموقف، ما عرضه إلى ضغوط متزايدة بلغت أوجها في نجاته في 14 تموز 1984 من محاولة اغتيال أمام منزله فجراً تركت ندوباً في وجهه وصدره.
من أبرز مؤلفات طلال سلمان:
- مع فتح والفدائيين (دار العودة 1969).
- ثرثرة فوق بحيرة ليمان (1984).
- إلى أميرة اسمها بيروت.
- حجر يثقب ليل الهزيمة (1992).
- الهزيمة ليست قدراً (1995).
- على الطريق.. عن الديمقراطية والعروبة والإسلام (2000).
- هوامش في الثقافة والأدب (2001).
- سقوط النظام العربي من فلسطين إلى العراق (2004).
- هوامش في الثقافة والأدب والحب (2009).
- لبنان العرب والعروبة (2009).
- كتابة على جدار الصحافة (2012).
كتب الاستاذ علي يوسف
السلام لروحك طلال سلمان ..
طلال سلمان المكافح
المفكر ..
الملتزم عروبيا وفلسطينيا ..
الصحافي ..
عاشق الصوت حتى صوت الذين لا صوت لهم ..
رسام الجمع بين الفكر والكلمة..
رسام الجمع بين الالتزام والحرية …
جعل المؤسسة عائلة..
جعل السفير أسرة …
جعل السفير مدرسة جامعة ..
لن نفتقدك ..عشنا جزءا من حياتنا معك وبقيت وستبقى بيننا ذكرى وعاطفة وتاريخ يضيء كل يوم فكرة .. لن تكون بعيدا عنا في الالتزام .. ولن تكون بعيدا عنا في المهنة .. ولن تكون بعيدا عنا في السمر …
ما اجمل ان يكون لنا طلّال في كل يوم بعد وفاته كما في حياته نلقاه دائما “على الطريق “