كتب مسعود محمد: سقطت بغداد عام ٢٠٠٣ وانتقلت اليها بمعية الرفيق غسان الرفاعي ونزلنا في احد الفيلل في بغداد منطقة المنصور لمتابعة بعض الاعمال التي ساتطرق اليها يوماً ما عندما اكتب عن علاقتي مع مام جلال. انتقلنا من بغداد براً الى السليمانية، رغم خطورة الوضع حينها، والتقينا الرئيس العراقي الأسبق جلال الطالباني في دوكان مقر المكتب السياسي وكنت التقيه شخصياً لأول مرة بينما “ابن العم” وهو لقب الأستاذ غسان رفاعي قد قضى عمراً يعرف فيه مام جلال وكان الرئيس الطالباني يحترمه كثيراً ويقدر رأيه. سألني مام جلال عن والدي رحمهم الله وعن احوال الكرد في لبنان وسرد لي بعض من ذكرياته وسردت له بعض مما كان يقوله الوالد عنه، فكان اللقاء اول خطوة في مشوار طويل من العلاقة مع مام جلال.
يومها سألت مام جلال عما يمكن ان نقوم به قال لي تحضير جهاز اعلام يواكب الحدث باللغة العربية، قلت له عندنا صوت الشعب إذاعة الحزب الشيوعي فقال لي بلهجته العراقية “مو كافي” فسألته ماذا تريد؟ قال “اريدهم يتدربوا بالمدرسة الأصل جريدة السفير” قلت له “طلال قومي عربي ما يسويها” فقال لي ” اذهب وتعرف على الأستاذ طلال تغير رأيك فيه، طلال عاقل ويعرف أهمية الاخوة العربية الكردية”.
مر عام على هذا النقاش واتصل بي الصديق “دانا احمد مجيد” ممثل مام جلال حينها في دمشق وقال لي عندنا مجموعة صحفيين جاهزة للتدريب أصل لبيروت خلال يومين برفقة الفريق.
ذهبت الى مبنى السفير في الحمرا وطلبت موعداً من الأستاذ طلال سلمان، التقيت به عصراً وكان مكتبه مزدحم بالصحفيين قام من خلف مكتبه وجلس قريباً مني انا الشاب الصغير الغر وسألني باهتمام ” شو بدو جلال؟” وكان واضح تقديره لمام جلال وفهمت لماذا يقدره مام جلال كانوا يعرفون بعضهم جيداً فالاستاذ طلال لاحقاً في أحد مقالاته في افتتاحيته السياسية “على الطريق” عام ٢٠١٧ كتب عن مام جلال ” أخيراً وبعد التنقل بين مواقع القائد السياسي والزعيم الحزبي، التقدمي من دون الوصول إلى الشيوعية، والقومي من دون التورط مع العروبة، صار “مام جلال” (جلال الدين الطالباني) زعيماً عربياً اضافة إلى كونه قائداً كردياً كبيراً، لا سيما في منطقة السليمانية.. العاصمة الثانية بعد اربيل في المنطقة الكردية”.
شرحت له ما يريده مام جلال وسألني بالتفصيل عن الوضع بكردستان والعلاقة ما بين الحزبين الكرديين، وسألني عن نوايا الكرد، وكنت اجيبه ببديهية. عندما انتهى من اسئلته قال لي “باب الجريدة مفتوح امامكم” كانت مفاجئة لي. تجرأت وقلت له أستاذ طلال سامحني انا أخطأت بحقك سألني كيف؟ سردت له ما جرى بيني وبين مام جلال من نقاش وقلت له بصراحة ما توقعت حتى تستقبلني. ضحك رحمه الله وقال لي “ليش ما بدي استقبلك يا ابني انت شاب بأول طلعتك وكلك حماس وانا بقدر الشباب وباب الجريدة مفتوح لك ومن يومها أصبح لي سهم في تلك الجريدة وكانت صوتنا عندما لم يكن لنا صوت، وتطورت العلاقة أكثر بوجود الرفيق الصديق حسين أيوب فيها فكان يحرص على نشر كل ما ارسله له.
رحم الله الأستاذ طلال تختلف معه او تتفق تلك قصة أخرى لكنه كان يفرض عليك احترامه من خلال جرأته وقدرته على إيصال صوتك رغم الاختلاف معك في بعض الأحيان.