أخباركم – أخبارنا
مسعود محمد
تستعد الأنظار الإقليمية والدولية لاحتمال حضور رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قمة شرم الشيخ للسلام إلى جانب الرئيس الأميركي دونالد ترامب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، بمشاركة أكثر من عشرين زعيمًا عربيًا ودوليًا. وتُعد هذه الخطوة، إن تأكدت، أكبر تحوّل رمزي وسياسي منذ كامب ديفيد، إذ تشير إلى انتقال إسرائيل من مرحلة الحرب إلى مرحلة رسم ملامح ما بعد غزة.
وفق مصادر نقلتها رويترز، يدرس نتنياهو مرافقة ترامب إلى القمة التي تهدف إلى “تثبيت وقف إطلاق النار في غزة ووضع إطار دائم للسلام الإقليمي”.
غير أن ما يبدو في الشكل مشاركة بروتوكولية، يحمل في المضمون رسائل استراتيجية عميقة على المستويات السياسية والأمنية والشخصية لنتنياهو.
أولًا، من الناحية السياسية، يمثل حضور نتنياهو إعلانًا رسميًا بأن إسرائيل تريد أن تكون شريكًا في إدارة اليوم التالي للحرب، لا متفرجًا عليها. فالقمة التي ستناقش خطة ترامب ذات العشرين بندًا لنزع سلاح حماس، وإعادة إعمار القطاع، وتوحيد السلطة الفلسطينية تحت إشراف دولي، ستكون بمثابة خريطة طريق جديدة للشرق الأوسط، وإسرائيل تريد أن تضمن أن أيّ “سلام بعد غزة” لن يُكتب من دونها.
ثانيًا، على الصعيد الأمني الداخلي، تأتي المشاركة كرسالة لطمأنة الداخل الإسرائيلي بأن “إسرائيل لم تُجبر على السلام، بل ذهبت إليه من موقع القوة”. فنتنياهو، الذي يواجه انتقادات لاذعة من المؤسسة العسكرية وعائلات الأسرى، يريد أن يثبت أن وقف الحرب لم يكن نتيجة ضغط دولي، بل تتويج لانتصار سياسي وعسكري.
ثالثًا، على المستوى الشخصي والسياسي الداخلي، يحاول نتنياهو استعادة صورته كرجل دولة عالمي، بعد عامين من العزلة والانتقادات. ذهابه إلى شرم الشيخ إلى جانب ترامب والسيسي يمنحه فرصة لتصدير صورة “الزعيم الإقليمي الكبير” الذي يُوقّع نهاية الحرب، لا من أشعلها.
لكنّ الحذر الإسرائيلي من القمة لا يقل عن حماس المشاركة فيها. فتل أبيب تخشى أن تتحول شرم الشيخ إلى منصة لولادة تحالف أميركي – عربي – فلسطيني يعيد طرح حل الدولتين، أو يمنح حماس شرعية سياسية غير مباشرة ضمن ترتيبات إعادة الإعمار. لهذا، يسعى نتنياهو إلى أن يكون حاضرًا ليراقب، ويضع الحدود، ويمنع أي “اعتراف دولي بحماس” من التسلل تحت غطاء السلام.
إذا حضر نتنياهو القمة، فسيكون ذلك إعلانًا رسميًا لنهاية حرب غزة وبداية حرب سياسية على شكل الشرق الأوسط الجديد.
وسيشكّل حضوره علامة على أن إسرائيل لا تمانع في السلام، شرط أن تبقى هي من يحدد شروطه وأمن حدوده.
في النهاية، قد يكون ذهاب نتنياهو إلى شرم الشيخ أكثر من مجرد رحلة دبلوماسية — إنه محاولة لاستعادة زمام المبادرة في منطقة تُعاد صياغتها بسرعة، ومسرح يحاول كلّ لاعبٍ فيه أن يثبت أنه لم يُهزم، حتى وهو يجلس إلى طاولة نهاية الحرب.



