أخباركم – أخبارنا
لأول مرة منذ توليه السلطة في سوريا، وصل الرئيس السوري أحمد الشرع، اليوم الأربعاء، إلى مقر الرئاسة الروسية في الكرملين، حيث عقد لقاء مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، تناول العلاقات الثنائية والمستجدات الإقليمية، في زيارة وُصفت بأنها محطة مفصلية في العلاقات بين البلدين بعد مرحلة من التوترات والملفات العالقة.
وخلال المباحثات، شدد الرئيس الروسي على عمق العلاقات التاريخية بين موسكو ودمشق، مؤكداً أن روسيا “تريد مصلحة الشعب السوري” وأنها مستعدة لتكثيف التواصل بين وزارتي الخارجية في البلدين. وأوضح بوتين أن “هناك أسر وصداقات تربط بين الشعبين الروسي والسوري”، مضيفاً أن موسكو “ترغب في تعزيز الدولة السورية واستقرارها”.
كما اعتبر بوتين أن الانتخابات البرلمانية الأخيرة التي أجريت في سوريا “نجاح كبير يعكس تطور العملية السياسية”، مؤكداً أنها ستسهم في “تعزيز العلاقات بين مختلف القوى الوطنية السورية”. وأعلن أن بلاده “مستعدة لاستئناف عمل اللجنة الحكومية المشتركة وإنجاز المشاريع الثنائية” التي توقفت خلال السنوات الماضية بسبب الحرب والعقوبات.
من جهته، أكد الرئيس السوري أحمد الشرع أن زيارته إلى موسكو تأتي “للتأكيد على الروابط التاريخية بين البلدين، والسعي لإعادة تعريف طبيعة العلاقة بما يخدم المصلحة المشتركة”. وأضاف أن “دمشق تريد ربط العلاقات مع موسكو بشكل متين ومتوازن”، مشيراً إلى أن “الكثير من محطات الطاقة السورية تعتمد على التكنولوجيا والخبرة الروسية، كما أن جزءاً كبيراً من الإمدادات الغذائية يأتي من روسيا”.
وشدد الشرع على أن بلاده “تحترم جميع الاتفاقيات السابقة مع روسيا”، لكنه لفت إلى أن المرحلة الجديدة “تتطلب مراجعة شاملة لطبيعة التعاون”، في إشارة إلى نية الحكومة السورية إعادة هيكلة بعض التفاهمات الاقتصادية والعسكرية التي أبرمت خلال عهد الرئيس السابق بشار الأسد.
وفي معرض حديثه عن الملفات العالقة، قال الشرع إن “الحكومة السورية ماضية في محاسبة الأسد أمام القضاء السوري”، مؤكداً أن ذلك سيتم “دون الدخول في أي صراع مكلف أو مواجهات سياسية مع موسكو”. وأضاف أن “المحاسبة جزء من مسار العدالة الوطنية الذي لا يتعارض مع احترام الشراكات الدولية أو العلاقات مع الحلفاء التاريخيين”.
وتعد هذه الزيارة الأولى للشرع إلى روسيا منذ أن أطاحت فصائل المعارضة بقيادة الجيش السوري الجديد بالرئيس السابق بشار الأسد العام الماضي. وكان بوتين قد منح الأسد لجوءاً إنسانياً مؤقتاً في روسيا عقب سقوط نظامه، إلا أنه لم يظهر علناً منذ ذلك الحين، وسط تكهنات حول مكان وجوده.
يُذكر أن قاضي التحقيق في دمشق، توفيق العلي، كان قد أعلن أواخر سبتمبر/أيلول الماضي إصدار مذكرة توقيف غيابية بحق الأسد، تمهيداً لمتابعة القضية عبر منظمة الشرطة الجنائية الدولية (الإنتربول).
وتحتفظ روسيا بوجود عسكري بارز في سوريا من خلال قاعدتين رئيسيتين، إحداهما قاعدة حميميم الجوية في محافظة اللاذقية، والأخرى قاعدة بحرية في طرطوس، وهما تشكلان ركيزة أساسية للدور الروسي في شرق المتوسط منذ عام 2015.
وبحسب مراقبين، فإن زيارة الشرع إلى موسكو تحمل دلالات سياسية واضحة، إذ يسعى الرئيس السوري الجديد إلى تثبيت نهج “الاستقلال المتوازن” في السياسة الخارجية، من خلال الحفاظ على التحالف التاريخي مع روسيا، مع إعادة ضبط مسار العلاقات بما يتناسب مع التوجهات الجديدة للدولة السورية بعد الحرب.



