الإثنين, نوفمبر 10, 2025
25.4 C
Beirut

حين يشارك الحيوان الإنسان جوعه ونزوحه: حكايات الوفاء الصامت في غزة….القسام تسلّم إسرائيل جثمان أسير جديد ضمن المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار…اتهامات لإسرائيل بسرقة أعضاء من جثامين الشهداء وجرائم تعذيب تثير صدمة وغضباً واسعاً

نشرت في

تقرير أخباركم – اخبارنا
فلسطين الميداني/ ريما يوسف

في غزة…..لا يختبئ الوجع في الوجوه وحدها، فحتى الكائنات الصغيرة التي كانت تملأ البيوت دفئًا، باتت اليوم تشارك أصحابها الجوع والخوف والبرد. بين الركام والخيام، تمشي القطط والطيور بلا مأوى، شاهدة على فصول القسوة ذاتها التي يعيشها الإنسان، تكتب بصمتها حكاياتٍ عن الوفاء في زمنٍ خذل الجميع.

من بين هذه الحكايات قصة القطة “سمارة”، التي ولدت وسط الحرب في حي الشجاعية المدمر. تقول صاحبتها أمل حبيب: “عندما اشتد القصف حملها ابني عمر في قميصه، كانت خائفة لكنها لم تتركني أبدًا”. ومنذ ذلك اليوم نزحت أمل وسمارة من بيتٍ إلى آخر، تشاركان الجوع والخوف في كل محطة. ومع الحصار والمجاعة عام 2025، أنجبت سمارة سبعة صغار، تقول أمل: “كنت أقتسم رغيفي معها، ثم نصفه فقط، لم أحتمل رؤيتها وقططها تتضور جوعًا”. اضطرت لاحقًا لتوزيع الصغار والإبقاء على سمارة، رفيقة الخيمة والسهر والخوف.

وفي الشمال، تروي مريم الهسي قصتها مع ببغائها “رعد” الذي رافقها في النزوح. “لم يتركني رغم الجوع، كنت أرى في عينيه وعدًا بألا يطير”، تقول مريم، مضيفة: “لم أعد أميز من منا يواسي الآخر، كأننا نعيش الوجع ذاته، بلا لغة سوى البقاء”.

في غزة اليوم، لا يفرّق الألم بين إنسانٍ وحيوان؛ الجميع جاعوا، خافوا، ونزحوا. صارت الكائنات التي كانت زينة البيوت جزءًا من ذاكرة الحرب، شاهدة على الحياة التي تصرّ على البقاء رغم كل شيء.

ميدانيا، سلّمت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة “حماس”، فجر السبت، جثمان أسير إسرائيلي إلى الصليب الأحمر، في إطار تنفيذ المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار وإنهاء الحرب على قطاع غزة. وأعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي أن الصليب الأحمر تسلّم جثة أحد الرهائن من القطاع، ليرتفع عدد الجثامين التي سلّمتها القسام خلال خمسة أيام إلى عشرة.

وقالت كتائب القسام، في بيان عبر منصة “تليغرام”، إنها سلّمت جثة أحد أسرى الاحتلال التي تم استخراجها من تحت الأنقاض في غزة عند الساعة 11 مساءً، ضمن “صفقة طوفان الأقصى لتبادل الأسرى”. وأكد المتحدث باسم “حماس” حازم قاسم، التزام الحركة الكامل بتنفيذ اتفاق وقف الحرب وتسليم الجثامين، مشيرًا إلى أن الجهود متواصلة لإنجاز كامل مسار التبادل، مطالبًا الأطراف الدولية بالضغط على الاحتلال لوقف خروقاته، خاصة استمرار القتل اليومي ومنع إدخال المساعدات الإنسانية الكافية.

ويأتي هذا التسليم ضمن المرحلة الأولى من الاتفاق بين “حماس” و”إسرائيل”، الذي ينص على الإفراج عن جميع الأسرى الإسرائيليين الأحياء والقتلى وعددهم 48. وكانت كتائب القسام قد أفرجت مطلع الأسبوع عن 20 أسيرًا إسرائيليًا أحياء، ثم سلّمت على دفعات جثامين تسعة أسرى آخرين قُتلوا بنيران جيش الاحتلال. وفي بيان سابق، أكدت القسام أنها التزمت ببنود الصفقة وسلمت كل ما أمكن الوصول إليه من جثامين، مشيرة إلى أن ما تبقى منها يتطلب معدات خاصة للبحث والاستخراج من تحت الركام.

وفي سياق متصل، اتهم مدير عام وزارة الصحة في غزة، منير البرش، سلطات الاحتلال بسرقة أعضاء من جثامين الشهداء التي كانت محتجزة لديها، مشيرًا إلى أن أهالي الشهداء تمكنوا من التعرف على ستة جثامين فقط من أصل 120 تسلمتها الطواقم الطبية. وقال البرش في تصريحات لـ”التلفزيون العربي” إن فرق الطب الشرعي صُدمت من الحالة التي وُجدت عليها الجثامين، إذ حملت آثار تعذيب شديد، وقيودًا حديدية على الأيدي، كما أظهرت نتائج التشريح أن بعض الشهداء أُعدموا من مسافة قريبة، فيما تُرك آخرون ينزفون حتى الموت دون علاج.

وأضاف البرش أن الفحوصات الطبية أثبتت فقدان أعضاء بشرية من أجساد عدد من الشهداء، بينها القرنية والكلية والكبد، معتبرًا ذلك جريمة خطيرة تستوجب تحقيقًا دوليًا. وأشار إلى أن بعض الجثامين بدت عليها آثار نهش من كلاب استخدمتها قوات الاحتلال أثناء عملياتها الميدانية، ما تسبب في تشويه إضافي لأجساد الضحايا.

وكان المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان قد أكد أن فحوصات الجثامين التي سلمها الاحتلال كشفت عن أدلة واضحة على تعذيبٍ متعمّد وإعدامات ميدانية، مشيرًا إلى أن سلطات الاحتلال سلّمت عبر الصليب الأحمر جثامين 120 فلسطينيًا على ثلاث دفعات، بينهم عشرات المجهولين. واعتبر المرصد أن ما تم رصده يرقى إلى جرائم حرب تستدعي تحركًا عاجلًا من المحكمة الجنائية الدولية.

في الضفة الغربية، أعلن مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان مقتل 1001 فلسطيني منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، بينهم 449 مدنيًا لم يشاركوا في أي مواجهات، في وقت تواصل فيه قوات الاحتلال والمستوطنون اعتداءاتهم اليومية ضد الفلسطينيين. وأفادت وزارة الصحة باستشهاد طفل وشاب برصاص الجيش الإسرائيلي يوم الجمعة.

وفي قطاع غزة، استشهد عدد من المواطنين وأصيب آخرون إثر استهداف جيش الاحتلال مركبة تقل نازحين في حي الزيتون، أثناء محاولتهم العودة لتفقد منازلهم شرق الحي. وأفادت مصادر طبية أن القصف المدفعي استهدفهم بشكل مباشر، وأن الطواقم الطبية واجهت صعوبة في الوصول إلى الجرحى بسبب استمرار إطلاق النار على محيط المنطقة.

وفي الضفة الغربية، واصل المستوطنون اعتداءاتهم على المزارعين وقاطفي الزيتون في عدد من القرى تحت حماية جيش الاحتلال. ففي قرية فرخة جنوب سلفيت، أصيب المزارع محمود عبد الفتاح حجاج بجروح ورضوض بعد تعرضه للضرب المبرح أثناء قطف الزيتون مع عائلته. وقال رئيس المجلس القروي إن المستوطنين كانوا قد طردوا العائلة من أرضها الأسبوع الماضي، قبل أن يعودوا لمهاجمتها مجددًا.

وفي نابلس، هاجم مستوطنون قاطفي الزيتون في أراضي عقربا وأجبروهم على مغادرة أراضيهم، كما اعتدوا على شاب في بلدة سبسطية، وأصيب آخر في قرية قبلان بعد تحطيم مركبته. كذلك هاجم مستوطنون بحماية الجيش مزارعين في قرية سالم شرق نابلس، ومنعوهم من استكمال القطف.

وفي طولكرم، هاجمت قوات الاحتلال عددًا من الصحفيين والمتضامنين الأجانب أثناء تغطيتهم فعالية مساندة لمزارعي سهل رامين شرق المدينة. وأفادت الصحفية ديانا خويلد بأن مستوطنًا مسلحًا اقتحم الموقع واستدعى قوات الاحتلال التي احتجزت المزارعين والصحفيين ودققت في هوياتهم، واعتقلت المزارع أكرم السلمان وعددًا من الصحفيين، بينهم إيناس أبو جبل التي أُفرج عنها لاحقًا، فيما تعرض الصحفي حمزة حمدان للضرب المبرح قبل أن يُلقى في سبسطية وينقل إلى مستشفى رفيديا.

وفي رام الله، هاجم مستوطنون مزارعين في بلدة سلواد شرق المدينة، وأصيب خمسة مواطنين في الهجوم، وفق ما أعلنت وزارة الصحة.

وفي القدس، أدى عشرات الآلاف صلاة الجمعة في المسجد الأقصى رغم القيود المشددة التي فرضتها سلطات الاحتلال على مداخل البلدة القديمة، حيث أقامت حواجز عسكرية ودققت في هويات الشبان. وأفادت مصادر محلية بأن قوات الاحتلال اعتدت بالضرب على مسن وشاب عند باب الأسباط ومنعتهما من دخول المسجد.

تأتي هذه التطورات في وقت يترقب فيه الفلسطينيون تنفيذ باقي بنود اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، وسط استمرار الانتهاكات الإسرائيلية في القطاع والضفة الغربية، واستمرار المشهد الإنساني المأساوي الذي يفاقمه الحصار ونقص المساعدات الغذائية والطبية.

شارك الخبر:

اضغط على مواقع التواصل ادناه لتتلقى كل اخبارنا

آخر الأخبار

الشرع في البيت الأبيض ومصادر أمنية تكشف عن تعرضه لمحاولتي إغتيال من “داعش”

أخباركم - أخبارنا صل الرئيس السوري أحمد الشرع اليوم الإثنين إلى البيت الأبيض في...

وفد الخزانة يمنح لبنان مهلة 60 يومًا للإصلاح وضبط السلاح: “ننتظركم منذ 40 عامًا”

أخباركم - أخبارنا ذكرت مصادر نيابية لقناة OTV أن اللقاء الذي جمع عددًا من النواب...

إسرائيل تبني جدار إسمنتي خلف الخط الأزرق

أأخباركم - أخبارنا تقوم قوات اسرائيلية ببناء جدار اسمنتي خلف الخط الأزرق عند الحدود...

بلغاريا لن تسلم مالك السفينة المرتبطة بانفجار المرفأ وتطلب إلغاء عقوبة الإعدام

أخباركم - أخبارنا ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية "أ.ف.ب" بأن "القضاء البلغاري أرجأ النظر في...

More like this

الشرع في البيت الأبيض ومصادر أمنية تكشف عن تعرضه لمحاولتي إغتيال من “داعش”

أخباركم - أخبارنا صل الرئيس السوري أحمد الشرع اليوم الإثنين إلى البيت الأبيض في...

تحرّكات مكثّفة على جبهات غزة والإقليم: عودة كوشنر إلى المسرح الدبلوماسي، ضغوط على نتنياهو وسط انقسامات إسرائيلية، وخضّات سياسية واتهامات فساد في رام الله!

أخباركم – أخبارنا تقرير فلسطين السياسي تتحرك الدبلوماسية الأميركية على خطٍّ متسارع بين تل أبيب وأنقرة،...