خاص: أخباركم – أخبارنا
كشفت مصادر خاصة لـموقع “أخباركم – أخبارنا” أن الآلية الأمنية المعروفة باسم “الميكانيزم”، والتي تشكّل اللجنة العسكرية المشتركة المكلفة بمراقبة وقف الأعمال العدائية في الجنوب اللبناني، لم تُفعّل حتى الساعة، رغم الجهود التي تبذلها الأمم المتحدة وقيادة الجيش اللبناني لإعادة إحيائها في ضوء التطورات الميدانية الأخيرة.
وأوضحت المصادر أن إسرائيل ترفض تفعيل اللجنة في الوقت الراهن، مفضّلة الإبقاء على الوضع الميداني المتحرك لتواصل عملياتها الجوية والاستطلاعية داخل العمق اللبناني، فيما تتجنّب الالتزام بقيود ميدانية تحدّ من حريتها العسكرية.
في المقابل، قالت المصادر إن حزب الله، “ورغم التصعيد الكلامي ضد إسرائيل”، يتبنّى سياسة الصمت والعقل الاستراتيجي، مفضّلًا تمرير العاصفة دون مواجهة مباشرة، نتيجة إدراكه لحجم الخسائر التي يمكن أن تترتب على أي تصعيد واسع، ولعدم قدرته في هذه المرحلة على خوض حرب مفتوحة أو الدخول في مواجهة موازية مع الدولة اللبنانية.
وأضافت أن الحزب “سلّم عمليًا المنطقة جنوب نهر الليطاني لقوات الأمم المتحدة والجيش اللبناني ضمن ترتيبات ما بعد وقف النار، لكنه يرفض تسليم ما دون الليطاني أو الانسحاب الكامل من مناطق انتشاره في شمال الليطاني، وهو ما تعتبره إسرائيل خرقًا مباشرًا للقرار الدولي 1701 وغير مقبول أيضًا من قبل القوى الدولية والعربية الداعمة لمسار تثبيت الهدوء في لبنان”.
ما هي لجنة “الميكانيزم”؟
تُعرف لجنة “الميكانيزم” بأنها الهيئة الأمنية الثلاثية التي تضم ممثلين عن الجيش اللبناني والجيش الإسرائيلي وقوات الطوارئ الدولية (اليونيفيل)، ومقرها في الناقورة جنوبي لبنان.
أنشئت اللجنة بعد حرب تموز/يوليو 2006 بقرار من مجلس الأمن الدولي، بهدف ضمان وقف الأعمال العدائية ومتابعة أي خروقات برية أو جوية، والتنسيق الميداني بين الأطراف المعنية عبر الأمم المتحدة.
وتُعدّ الاجتماعات الدورية للجنة الأداة التنفيذية الأساسية لمراقبة تطبيق القرار الدولي رقم 1701، الصادر في 11 آب/أغسطس 2006، والذي نصّ على:
- وقف العمليات العسكرية بين لبنان وإسرائيل؛
- انسحاب القوات الإسرائيلية إلى ما وراء الخط الأزرق؛
- انتشار الجيش اللبناني في الجنوب بالتنسيق مع اليونيفيل؛
- حظر أي وجود مسلح خارج الدولة اللبنانية جنوب الليطاني.
تجميد اللجنة.. ومخاوف من انهيار التفاهمات
منذ نهاية الجولة الأخيرة من التصعيد الحدودي، سعت الأمم المتحدة وقيادة الجيش اللبناني إلى إحياء اجتماعات الميكانيزم في الناقورة، غير أن إسرائيل امتنعت عن المشاركة في أكثر من موعد مقترح، بحجة “عدم توفر ظروف أمنية مناسبة”، في حين ترى مصادر دبلوماسية أن الرفض الإسرائيلي يحمل بعدًا سياسيًا يهدف إلى الإبقاء على الضغط على حزب الله والدولة اللبنانية.
ويحذر دبلوماسيون من أن استمرار تعطيل اللجنة يعني شلّ آلية مراقبة القرار 1701، ما يفتح الباب أمام خروقات متبادلة واحتكاكات ميدانية قد تعيد التوتر إلى الحدود الجنوبية في أي لحظة.
توازن هش وقلق إقليمي
يرى خبراء عسكريون أن المرحلة الحالية تشهد توازنًا هشًا في الجنوب اللبناني:
إسرائيل تُواصل الطلعات الجوية اليومية وتكثّف المراقبة الحدودية، بينما يلتزم حزب الله التهدئة الحذرة ويحتفظ بمواقعه جنوب الليطاني، تجنبًا لمواجهة مباشرة لا يمكنه حسمها حاليًا.
هناك انطباع ان طرفي الاتفاق لم يلتزما باتفاقية الهدنة لبنان التزم فقط بوقف اطلاق النار بينما لم يلتزم بباقي مندرجات الاتفاق وإسرائيل فحدث ولا حرج فهي تتعامل مع الاتفاق وكأنه غير موجود.
وتشير المعطيات إلى أن تل أبيب تشترط انسحابًا كاملًا لحزب الله من الجنوب كمدخل لتفعيل لجنة الميكانيزم مجددًا، في حين تعتبر بيروت أن هذا الشرط يتجاوز نصوص القرار 1701، الذي أوكل مهمة فرض الأمن جنوب الليطاني إلى الجيش اللبناني واليونيفيل لا إلى أي ترتيبات جديدة. وهناك تباين داخل السلطة اللبنانية وبالتحديد ما بين فخامة الرئيس جوزاف عون المتهيب من الاصطدام مع حزب الله ودولة الرئيس نواف سلام الذي يقول ” لا يمكننا ان نعيش في بلد فيه جيشان”
بحسب معلومات “أخباركم – أخبارنا”، لا مؤشرات حالية على تفعيل قريب للجنة الميكانيزم، ما يعني استمرار حالة الغموض والجمود في تنفيذ القرار 1701، وسط تبادل رسائل التهدئة والمناورة بين إسرائيل وحزب الله.
وفيما تضغط القوى الدولية والعربية لإعادة إحياء اللجنة كخطوة ضرورية لتثبيت الهدوء، وتردد الدولة، يبدو أن الملف عالق بين التصعيد الإسرائيلي والحذر الاستراتيجي للحزب، في مشهد يعكس دقة اللحظة التي يمر بها الجنوب اللبناني والمنطقة ككل.



