كتب مسعود محمد: عاش النظام الإيراني يوماً عصيباً أمس في ذكرى اغتيال جينا “مهسا اميني”، فتبين ان النظام يعيش حالة من التوتر ظهَّرت مجموعة من الحقائق التي لا يمكن تجاوزها بعد اليوم.
تبين أمس ان الشعب الإيراني قد تجاوز النظام وملاليه وهو مصر على تغييره مقدمة للعيش بحرية ورفاهية.
وتبين ايضاً ان حاجز الخوف قد انكسر لدى الشعب الإيراني، اذ ان النظام شن حملة من الاعتقالات في صفوف الشباب الناشطين لمنع أي تحرك في الشارع ففاجئ الشباب النظام بحركة غير متوقعة “الاضراب العام” واقفال الشارع كلياً بدل تحريكه، فأربك النظام وسأل سياسي مخضرم متهكماً “هل سيخرج النظام الناس للشارع متهماً إياهم انهم جلسوا ببيوتهم؟”!
بإطار التحضير لمواجهة ذكرى “جينا” شن النظام الإيراني هجوم غير مسبوق على المعارضة الكردية الإيرانية الموجودة في شمال العراق متهماً إياها بتحريك الشارع في الداخل ليتبين ما يلي:
اولاً تبين ان تلك معارضة الموجودة في الخارج تعمل وفق ما يمليه عليها الداخل وليس العكس، وغير دقيق القول انها هي من تدير الداخل، رغم انها لها تنظيماتها الداخلية وجمهورها التاريخي، فلقد نضج في الداخل الإيراني (خاصة الكردي)، بدايات حركة شبابية مدنية (مجتمع مدني)، أصبحت هي من تصنع حركة الشارع، ونضجت هذه الحركة بسبب عدم قدرة معارضة الخارج انتاج برنامج مشترك للمواجهة فيه الحد الأدنى من التوافق والتفاهم، والكلام الكبير عن تأثيرها على سير الاحداث وتحالفها مع إسرائيل وعملها وفق الاجندة الأميركية كلام كبير يسوقه النظام الإيراني لتبرير تدخله في كردستان العراق والعراق عامة وللتغطية على ما يحصل من حراك حقيقي في الداخل ليتثنى للنظام قمعه لاحقاً.
ثانياً ليس واضح ما تريده فعلياً معارضة الخارج لإيران فبرامجها تتراوح ما بين العودة للملكية والفيدرالية والانفصال، بينما مطالب الداخل واضحة هي “الحرية والاستقرار والديمقراطية ونظام متصالح مع محيطه والحقوق لكل القوميات”.
ثالثاً هناك من يسأل بعد اكثر من ثلاثين عاماً من وجودها في كردستان العراق ماذا فعلت المعارضة الكردستانية الإيرانية لحماية قضيتها وتسويقها عالمياً ومحلياً واقليمياً، اذ اصبح جلياً انها تعاني حالة من الترهل فهذه المعارضة لم تعد تلك المعارضة الفاعلة التي قدمت في سبيل قضيتها شخصيات كبيرة على غرار الشهيدين الكبيرين “عبد الرحمن قاسملوا وصادق شرفكندي”، حيث كان حينها للقضية الكردية الكردستانية الإيرانية صديين دولي واقليمي ولها احترامها حيث لم يكن من السهل التدخل في تفاصيلها حتى في ظل الاخوين الاكبرين في كردستان العراق اذ قال يوماً عبدالله حسن زاده سكرتير الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني الأسبق “ان قرار الحزب الديمقراطي يصنع داخل الحزب الديمقراطي لا في قلعة شولان(مقر طالباني)، ولا في سره رش (مقر بارزاني)”، وكان يقصد حينها ليس فقط قرار حزبه بل قرار الحركة الوطنية الكردستانية الايرانية. اليوم تنقسم تلك المعارضة الكردستانية فلا هي متفقة داخلياً فيما بينها ولا هي متفقة مع باقي الطيف الإيراني المعارض لا بل هي منقسمة في ولائها فيما بين تلك المعارضة الفارسية (مجاهدين وملكيين)، وهي غير قادرة حتى على توحيد صفوف احزابها داخلياً وفق برنامج حد أدني لصالح القضية الكردستانية الإيرانية. والأخطر من عدم تفاهمها هو طرحها احياناً برامج عبثية ومنها على سبيل المثال “الكلام عن العودة للكفاح المسلح” دون امتلاك الحد الأدنى من مقومات بناء حركة تحرر وطني مسلحة، وهي بهذه الطروحات العبثية أصبحت تشكل خطراً على الامن القومي الكردستاني العراقي، مما يضطر قيادة الإقليم للتدخل مع إيران وبغداد لتهدئة الأمور في ظل انشغالها بحماية مكتسباتها على وقع ازمة حقيقية تضرب الإقليم تقتضي منا جميعاً الوقوف مع قيادته والابتعاد عن كل ما قد يتحول أداة بيد خصومه تسهل مهاجمته وفرض المزيد من الحصار عليه.
قد يسأل احدكم بعد هذا التوصيف ما المطلوب؟
اولاً العودة للأصول أي توضيح المطالب ورسم صورة توضح ما نريده من مستقبل لكردستان إيران التي لا تحظى بأهمية اليوم في ظل زحف العالم نحو التفاهم مع النظام الايراني.
ثانياً إعادة بناء الثقة ما بين الطيف المعارض الإيراني في الخارج ووقف حملات الاتهام والتخوين وإعادة مد الجسور مع جمهور الداخل وحمايته.
ثالثاً الابتعاد عن كل ما يمكن ان يشكل خطراً على كردستان العراق ودوره ووجوده فتلك المنطقة بما تمثل هي القاعدة التي ستنطلق منها كل الحلول المستقبلية التي ستظهّر الدور الكردي في ظل رسم خرائط جديدة للمنطقة.