اكد الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط بعد اجتماع موسع عقده المجلس المذهبي لطائفة الموّحدين الدروز ، في دار الطائفة في بيروت تأييد الحراك السلمي في السويداء وتفادي الدخول في أيّ صراعات.
واوضح جنبلاط انه جرى التشاور في الاجتماع حول شتّى الأمور الداخلية التي تتعلّق بطائفة الموحدين الدروز والبلاد”، معتبراً أنَّ “الجلسة كانت مفيدة، “.وقال جنبلاط: “تطرّقنا إلى الأوضاع في جبل العرب، وأكّدنا تأييد الحراك السلمي وتفادي الدخول في أيّ صراعات داخلية أو غير داخلية
بدوره قال شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ سامي ابي المن ان ،موضوعُ الحَراكِ المطلبي في السويداء، موضوعٌ أساسيٌّ نقاربُه باعتبار أنَّ الموحِّدين الدُّروز عائلةٌ توحيدية معروفية عربية واحدة، وأنّ هناك قرابةً روحية ودموية وثقافية وتاريخية فيما بينهم، غير أنَّهم يعيشُون في أوطانٍ لها سيادتُها واستقلالُها وحدودُها. وإذا كنَّا لسنا في وارد التخلّي عن أهلِنا هنا وهناك وهنالك، فهذا لا يعني أننا في واردِ التدخُّلِ المباشَرِ في شؤون أوطانِهم التي يعيشون فيها، فهم أدرى بحالِهم، ونحن قلنا منذ اليومَ الأوَّل للتحرُّك: إنه لا بُدَّ من التعاطي مع الأمور والقضايا بوعيٍ وحكمة، وأكَّدنا معَ أصحاب السماحة في الجبلِ الأشمّ على أحقيَّة المطالب الشعبية وضرورة احترام كرامة الجبل، إذ هو جبلُ العروبة والثورة ضدَّ الاستعمار، وعنوانُ وحدةِ سوريا. وبالمقابل، فقد نبَّهنا إلى أهميَّة عدم خروجِ التحرُّكُ عن طابعه الوطني السلمي، وألَّا يكونَ فيه أيُّ مجالٍ للكلام المسيء والتهجُّم المقيت على أيٍّ من المرجعيات الروحية أو السياسية في الطائفة، فهذا أمرٌ مُستنكَرٌ إن حصل، فالحريَّةُ المضبوطةُ بالوعي تُتيحُ التعبيرَ عن المطالب الواقعية والمشروعة التي أهملتها الدولةُ طويلاً وعجزت عن تحقيقِها أو توانت، ولكنَّها لا تُبيحُ الاعتداءَ أو التطاولَ عبر وسائل التواصل الاجتماعي وغيرِها، وهو ما لا نعهدُه في مجتمعِنا المعروفيِّ المحافظ، والذي أكَّد، بما لا يَقبلُ الشكَّ، أنّ التحرُّكَ الشعبيَّ المطلبيَّ الراقي كان عنوانُه منذ البداية وحدةَ الشعب ووحدةَ البلاد، وهو ما لمسناه وما أكَّدناه معَ قيادةِ الجبل الروحية، من ضرورة التشديد على وحدةِ أبناء السويداء لتكونَ سبيلاً للوحدة الوطنية، بعيداً عن أي شعاراتٍ انفصالية دخيلة لم تكن يوماً مطلبَ طائفتِنا في أيِّ مكانٍ وزمان، فالمسلمونَ الموحِّدون الدروزُ ليسوا خونةً ولا متآمرين، ولن يكونوا على الإطلاق، وإن طالتهمُ بعضُ الاتّهاماتِ من بعض الأقلام المأجورة، فهذه لا قيمة لها ولا صحة ولا اعتبار أمام وقائع التاريخ”.
ولفت شيخ العقل الى أهمية لقاء دار الطائفة في ظلّ ما نَشهدُه في بلدنا والجوار وفي المنطقة بأسرها والعالم من تغيُّرات وتجاذبات في أكثرَ من قضية وأكثرَ من بلد، وفي ظلّ ما نواجهُه من همومٍ وتحديات اقتصادية وسياسية وثقافية واجتماعية ومعيشية، وحتى مناخية وبيئية، وقال نرى أنّ هناك مسؤوليةً محتَّمة علينا جميعاً، كقيادةٍ سياسية ومشيخةٍ روحية ومجلسٍ مذهبيّ ومجتمَعٍ توحيديّ وطائفةٍ وطنية عربية إسلامية أصيلةٍ ولاحمة، مسؤوليةً وواجباً بأن نتصدَّى لجملة مواضيعَ عامَّة لا يمكنُنا تجاهلَها، ولا بُدَّ من بحثِها ومعالجتِها، تبصُّراً بالواقع واستدراكاً لما هو آتٍ.
وتوجه ابي المنى الى جنبلاط بالقول :ايها القائد الزعيم وليد بك جنبلاط،لن أتكلَّمَ طويلاً في الموضوع السياسي، فأنتم أدرى به، والواقعُ السياسي المأزومُ على مرأى ومسمعٍ من الجميع، لكن لا بدَّ من الإعراب عن أسفنا لما آلت إليه الأمورُ السياسية في لبنان من تعقيدٍ وتعنُّتٍ وانسدادِ أفقٍ وغيابٍ للحوار وعجزٍ عن التفاهم وإفشالٍ لكلّ مساعي التسويات المطروحة والممكنة لسدّ الفراغ الرئاسي وتسيير عجلة الدولة ووقف الانهيار المالي. وفي الوقت نفسه لا بدَّ من تقدير الدور الوطنيّ الوسطيّ المتوازن الذي تقومون به في مقدّمة عقلاء هذه البلاد، حصراً للتجاذبات وسعياً لإنقاذ الوطن من الفراغ والفوضى وانهيار المؤسسات، على أمل أن يبادرَ جميعُ المسؤولين في الداخل إلى تغليب المصلحة الوطنية العليا وتسهيل سُبُل الحلول لتمهيد الطريق للتدخُّل الخارجي المطلوب”.
و اكد ابي المنى الاهتمام بالموضوع الوطني أوَّلاً قبل الموضوع الطائفي وقال اننا وطنيين راسخين في ولائنا الوطنيّ قبل أيِّ ولاءٍ آخر، كما نؤكّدُ اهتمامَنا المركَّز بموضوع الطائفة كذلك دون أيِّ تردُّدٍ أو خجل، باعتبارِها طائفةً أساسيةً في هذا الوطن وفي بلاد الشام، ضامنةً للهويّة العربية، ضاربةً في عمق التاريخ والوجدان؛ بأصالتِها الممهورة ووطنيَّتِها المشهورة وتضحياتِها الكبيرة، فالموحِّدون الدروزُ ما كانوا يوماً سوى حماةِ الثغور والأوطان والمبادئ، ولم يعيشوا يوماً هاجسَ كونِهم أقليَّةً عدديّة، بل كانوا دوماً أكثريّةً مناضلة وأكثريةً محافظة وأكثريةً صادقة في انتمائها وتجذُّرها في الوطن.
تابع ابي المنى لقد كان الموحِّدون الدروزُ على مرِّ التاريخ الركنَ الأساسيَّ في تثبيت الوحدة الوطنية في أوطانِهم، ودعاةَ الحوار الأوائلَ، وصمَّامَ الأمانِ في مقاومة الاستعمار والطغيان، وإن كانوا مسالمين بطبيعتِهم ولائذين في حمى عقيدتِهم التوحيدية ومسلكِهم العرفاني، لا يعتدون ولا يقبلون أيَّ اعتداء، صادقين في إيمانِهم وفي محبّتِهم وفي شراكتِهم الاجتماعية والوطنيّة، لا طموحَ لهم سوى العيش بكرامةٍ إنسانية وعزَّةٍ وطنيَّة، مؤكِّدين أن الدينَ عاملٌ للجَمع وليس للفُرقة، وأنَّ العملَ المشترَك النابعَ من إرادةٍ طيِّبة وكلمةٍ طيِّبة هو الثمرةُ الطيِّبة لرسالة العيش معاً.
لكنَّ الواقع الدرزيَّ العام، أيُّها ، بات يُوحي بالخِشيةٍ على المستقبَل في خضمِّ ما نَشهدُه من متغيِّرات ومخططاتٍ ومؤامرات، وهو ما يحُثُّنا على واجب العمل المبرمَجِ والممنهَج في مجتمعنا للتصدي للتحديات، ولاحتضان العائلاتِ الدرزية وتمكينِها في مواجهة الصعوبات، ولترسيخ الثوابت التوحيدية والقيم الاجتماعية، والحفاظ على المبادئ والأسس الإيمانية والفكرية والأخلاقية، والتمسُّك بالجذور العربية الإسلامية للموحِّدين، وبالإرث اللبناني الوطني المشترَك، وتنميةِ حسّ الانتماء والولاء للوطن، وتقديرِ تضحيات الآباء والأجداد الجسيمةِ المبذولة عبر التاريخ، والمشاركةِ الفاعلة ثقافيّاً وعمليَّاً في حمل الرسالة التوحيدية ورسالة الحوار والسلام، ومواكبةِ التقدُّم الإنساني بوعيٍ وانفتاح، واحترامِ التكامل بين القيادة السياسية والمجتمعَين الديني والزمني، والتبصُّرِ معاً بآفاق المستقبل، وتَدارُكِ المخاطر ومواجهة التحديات بحكمةٍ وواقعية”.
يذكر ان اجتماع دار الطائفة الدرزية حضره الى جانب سماحة شيخ العقل ووليد جنبلاط ، رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب تيمور جنبلاط ووزراء ونواب وأعضاء المجلس المذهبي وفاعليات وشخصيات درزية عدة