كتب باسل عيد: مع بدء العام الدراسي الجديد في المدارس الرسمية والجامعة اللبنانية، ثمة شكوك كبيرة في إمكانية إستمراره بشكل كامل حتى نهايته، من دون ان يحصل ما يعكر تلك الاستمرارية، خصوصا الاضرابات التي أثرت سلبا على سير الاعوام الدراسية الماضية في المدارس الرسمية وفي الجامعة الوطنية، والتي هزت بدورها أسس التحصيل العلمي للطلاب في تلك الصروح.
ومع الوعود التي يغدقها وزير التربية على الاساتذة الرسميين، فإن ثقة هؤلاء بتلك الوعود يشوبها الكثير من الشكوك، وهو أمر يدعو هؤلاء الاساتذة للحذر مما هو قادم والاستعداد الدائم نفسيا وداخليا للتوقف عن التدريس في اي وقت يتم الدعوة فيه للاضراب والتوقف عن العمل، كما حصل في السابق.
يعود التلامذة والطلاب اليوم الى مقاعدهم الدراسية، والشك يسكنهم، وأهاليهم بدورهم، حول امكانية استكمال العام الدراسي بلا توقف. فالتجارب خلال الاعوام السابقة لم تكن مشجعة على هذا الصعيد. ولعل حالة الشك تلك اثبتتها انتقال عدد لابأس به من تلامذة المدارس الرسمية الى تلك الخاصة، في سعي من الاهل لضمان عام دراسي مكتمل لابنائهم.
فبرغم الضغوط الاقتصادية والمالية الهائلة على هؤلاء الاهل، هم فضلوا اختيار المدارس الخاصة، في حين لم يكن امام الاسر التي تعيش تحت خط الفقر خيار آخر سوى الرضى بالواقع وابقاء ابنائهم على مقاعد التعليم الرسمي، بغض النظر عما ستحمله الايام والاشهر المقبلة من مفاجآت خلال العام الدراسي الجاري.
ومع الازمات التي يواجهها التعليم الرسمي، الذي زاد من حدتها مشكلة النزوح السوري والتلامذة السوريين الذين ساهموا الى حد كبير في فرض المزيد من الاعباء على كاهل التعليم في لبنان بشكل عام، يبرز الدور الشبه غائب للدولة اللبنانية في رفد قطاع التعليم الرسمي بالدعم المطلوب، وسط غياب كامل للدعم الخارجي، الذي من شأنه، في حال تحقق، أن يرفع من مستويات التعليم الرسمي اللبناني ويعيده الى سابق عهده، الذي كان مثالا يحتذى في جودة التعليم ونتائجه المبهرة خلال العقود الماضية. فشهادات المدارس الرسمية والجامعة اللبنانية فيما مضى كانت من اقوى الشهادات في لبنان والعالم العربي، وهي لطالما صدرت خريجين كانوا على قدر كبير من العلم والمعرفة في شتى التخصصات، وبرعوا في لبنان وخارجه.
تراجع التعليم الرسمي في لبنان بشكل كبير خلال السنوات الماضية خاصة مع انفجار الأزمة المالية في البلد عام 2019، ونتيجة وباء كورونا وعدم استطاعة تلامذة المدارس الرسمية من التعلم عن بعد.
وأدى هذا الأمر لتزايد أعداد التلامذة في المدارس الخاصة والذين يشكلون نحو 75 في المائة من مجمل الطلاب في لبنان.
ويبلغ عدد الأساتذة المتعاقدين في التعليم الثانوي 20% بينما عدد الذين في الملاك 80%.
أما عدد الأساتذة المتعاقدين في التعليم الأساسي والذين في الملاك فيبلغون 30%، وأساتذة المهني المتعاقدون فنسبتهم 85% والذين في الملاك 15% فقط.
وبالتالي، وبشكل عام، في حال قرر من هم في الملاك العودة إلى التعليم بخلاف قرار المتعاقدين فهم يستطيعون تغطية التعليم الثانوي لا الأساسي.
أما مشكلة التعليم الرسمي فهي بالدرجة الاولى مشكلة سيولة وتمويل من جهة الدولة، الى جانب عدم قدرة الأستاذ على الاستمرار بالتعليم براتب لا يكفيه للانتقال إلى المدرسة، يضاف الى ذلك كله مشكلة انعدام الثقة بوعود وزارة التربية بحيث لجهة عدم قبض الأستاذ مستحقاته.
كذلك هناك مشكلة المتعاقدين الذين أوضاعهم غير سليمة ويعانون كلما أضرب الذين بالملاك فيخسرون ساعاتهم.