بدا لافتاً تغييب لبنان الرسمي عن “قمة القاهرة للسلام” أمس رغم كون مصر إحدى الدول العربية الأساسية المعنية دائماً بأوضاع لبنان والتي تظهر اهتماماً متواصلاً بمعالجة أزماته. ترك هذا الغياب أو التغييب، أصداء وتساؤلات لم تجد أجوبة وإيضاحات نظراً إلى عدم صدور بيانات توضح أسبابه. سياسي مخضرم قال لموقعنا “اذا كان لبنان غير مهتم بمشاكله هل تتوقع ان يهتم العالم به. وقال ان العالم يتعاطى مع لبنان كدولة فاشلة يتحكم فيها الحزب بدليل ان رئيس الحكومة قال ان حكومته لا تملك قرار الحرب وسال مصدرنا هل هناك دولة لا تملك قرار الحرب؟”.
القاهرة للسلام طالبتهم فيه “اتخاذ موقف موحد رافض للعدوان وداٍعم لاستثمار المكانة المعنوية والمادية والاقتصادية للدول العربية والدول الصديقة في تعزيز الجهود لمواجهة وردع ووقف هذا العدوان الظالم، واتخاذ الترتيبات اللازمة لعقد مؤتمر دولي من اجل تنفيذ المبادرة العربية للسلام واقرار حلّ الدولتين. كما فرض التزام إسرائيل وتطبيقها للقرارات الدولية ذات الصلة والبدء فوراً بإدخال المساعدات الغذائية والدوائية إلى غزة، وإنهاء حصار إسرائيل اللاإنساني وإنشاء صندوق عربي ودولي لإعادة إعمار غزة والمناطق التي تم تدميرها”.
وقد وَقّع على الرسالة أكثر من 50 شخصية عربية ولبنانية وقد شارك في التوقيع من لبنان الرؤساء: ميشال سليمان امين الجميل فؤاد السنيورة والرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط اما ابرز من وقع عربيا على الرسالة هم اياد علاوي طاهر المصري علي أبو الراغب الأخضر الابراهيمي عمرو موسى ونبيل فهمي ومحمد الصقر وعلي ناصر محمد.
وأشارت مصادر رفيعة الى ان عدم صدور البيان الختامي للقمة يعود الى خلاف بين المجموعة العربية وممثلي الغرب المشاركين في القمة، الذين عرقلوا صدوره”.
وإذا كانت قمة القاهرة قد ركزت على تأمين المساعدات الانسانية ورفض تهجير الفلسطينيين والعمل على التهدئة تمهيدا لوقف النار، فان الخلافات بين المشاركين فيها، خصوصا بين المجموعة العربية والدول الاوروبية المشاركة، حالت دون صدور بيان ختامي عنها واستبداله ببيان لرئاسة القمة. وذكرت مصادر دبلوماسي ان الخلاف حصل بسبب إصرار الاميركي والاوروبيين على جملة «حق اسرائيل في الدفاع عن نفسها» وادانة صريحة لحماس.
ونقلت شبكة “سي أن أن” عن مصادر دبلوماسية عربية إنه “لن يصدر بيان ختامي عن قمة القاهرة للسلام”، التي هدفت لاحتواء تداعيات الأزمة في قطاع غزة وخفض التصعيد العسكري في غزة. وأوضحت أن عدم صدور بيان ختامي عن القمة “كان معروفاً بشكل مسبق، قبل انعقادها، تقديراً للخلافات المحتمل ظهورها بين القادة والأطراف العربية والغربية المشاركة في الحدث، وذلك نتيجة لاختلافهم حول المفاهيم والموقف السياسي من أطراف النزاع، مثل حركة حماس”.
وقالت المصادر إنه بناءً على ذلك، تم الاتفاق على الاكتفاء بالبيان الصادر عن رئاسة القمة، ممثلة في الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي.
ونفى المتحدث باسم الرئاسة المصرية أحمد فهمي ما تردد عن أن مغادرة أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، لقمة السلام بسبب خلافات. وقال خلال مداخلة هاتفية مع برنامج “على مسؤوليتي” عبر قناة “صدى البلد”: “لا يوجد أي مشاكل على الإطلاق، وكانت مشاركة كبيرة من أكبر رمز في الدولة، ولكن هناك ترتيبات لديه”، مجدداً تأكيده أنه “لا يوجد أي مشاكل على الإطلاق كانت وراء المغادرة”.
فشل القمة
ورغم التباينات بين مواقف الحاضرين حول “حماس”، دافعت الرئاسة المصرية عن نتائج القمة، قائلة على لسان المتحدث باسمها أحمد فهمي، أن عدم صدور بيان ختامي لـ”قمة السلام” التي عقدت في القاهرة، “لا يعني فشل القمة”. وقال فهمي في تصريحات لوسائل الإعلام المحلية إن مجلس الأمن وفي مرات عدة لا يصدر أي بيان ختامي للقمم التي يعقدها.
ولفت الى أن إحدى نقاط الخلاف بين المشاركين في القمة يتصل “بمستوى الإدانة لأحد الأطراف”، مشيراً الى ان “احترام حقوق المدنيين وحل الدولتين كان من أهم نقاط التوافق بين المشاركين”.
بيان الرئاسة المصرية
وكانت الرئاسة المصرية أصدرت بياناً بعد انتهاء قمة القاهرة للسلام، قالت فيه إن مصر كانت تتطلع “إلى أن يطلق المشاركون نداءً عالمياً للسلام يتوافقون فيه على أهمية إعادة تقييم نمط التعامل الدولي مع القضية الفلسطينية على مدار العقود الماضية”.
وانتقد البيان “قصوراً جسيماً (في المشهد الدولي) في إيجاد حل عادل ودائم للقضية الفلسطينية” على مدى العقود الماضية، مُضيفاً: “كشفت الحرب الجارية عن خلل في قيم المجتمع الدولي في التعامل مع الأزمات، فبينما نرى هرولة وتنافساً على سرعة إدانة قتل الأبرياء في مكان، نجد تردداً غير مفهوم في إدانة نفس الفعل في مكان آخر”.
في ختام البيان، جددت مصر أنها “لن تقبل أبداً بدعاوى تصفية القضية الفلسطينية على حساب أي دولة بالمنطقة… ولن تتهاون للحظة في الحفاظ علي سيادتها وأمنها القومي فى ظل ظروف وأوضاع متزايدة المخاطر والتهديدات”.