![](https://akhbarkum-akhbarna.com/wp-content/uploads/2023/10/365438-800x500.jpg)
أخباركم ــــ أخبارنا
كتبت فاطمة حوحو: محبو الانتصارات كثر في السياسة والإعلام، لا يمكن احصاء عدد الانتصارات المسجلة على ألسنة قيادات حماس وحزب الله وحلفائه. منذ 7 اكتوبر والناس في دهشة، “حماس” خطفت واعتقلت اسرائيليين واقتحمت مستوطنات، وسجلت انتصارا على الجيش الاسرائيلي، والثمن كان اكثر من 30 الف شهيد ودمار وحرب ابادة واحتلال جديد واقتحامات لا تتوقف وجوع لا يسد ورعب لا يهدأ وهجرة الى المجهول.
في المقلب الآخر جنوبا نسمع الأمين العام للحزب الإلهي يظهر في خطابات طنانة رنانة انه لن يوقف الحرب ومستمر في اللعب مع إسرائيل، ليقنع الناس انه “مقاومة” ويهدد ولا يتوقف عن المغامرات الدونكيشوتية، مجبر أخاك لا بطل كما يبدو فهو مدوزن على الساعة الايرانية.
خطابات تخون وتعيد شعارات قديمة غير واقعية، مثل تحرير فلسطين من البحر الى النهر او ازالة الكيان الصهيوني من الوجود او الاستعانة بشعار المقاومة للتحفيز على الموت المجاني نتيجة الخرق الأمني الذي اتهم به “الهاتف الخليوي” او عدم الدراسة الموضوعية لأي مواجهة مع العدو.
وكل يوم مع تزداد الازمات التي يعيشها اللبناني على كل المستويات ويدفع ثمنها اهل الجنوب واللبنانيين الذين ينؤون تحت ثقل السياسات الجهنمية للطبقة الفاسدة التي سلمت قرار السلم والحرب للسيد، ونحت جانبا لتوفر على نفسها عناء دعم صمود من يتعرض للقصف والتهجير ومن يخسر عمله ومدرسته وجامعته وجنى عمره نتيجة المغامرات الفاشلة.
ماذا لدى لبنان ليخوض حربا مع اسرائيل وهل هو مهيء لذلك؟ عدا انتشار مسلحين يطلقون صواريخهم وفي عودتهم يقتلون بالمسيرات الاسرائيلية، وهل الحرب تخاض على هذا الشكل؟!
هل لدى “الحزب المقاوم” وفروعه في الأحزاب الممانعة التي تتحفنا ببيانات تعبئة مستعادة اكل الدهر عليها وشرب، سلاح طيران مدعوم من دول كبرى يدمر ويقتل ويحفر ارضا ويخرق، غير المسيرات الايرانية التي تشبه طائرات تصوير الاعراس والحفلات. هل تكمن المواجهة باطلاق صواريخ رعد وزلزال وبركان ومثيلهم من التسميات وهي مجرد صواريخ للغنج والدلال ذلك ان فعلها محدود جدا وبالتالي تأثيرها لا شىء في مسار الحرب الموعودة، فقصف مرابضها وملاحقة مطلقيها على قدم وساق وبالتالي الدعم الذي تتلقاه إسرائيل من الولايات المتحدة ودول الغرب مستمر وفي تزايد على الرغم من الانتقادات الكلامية لسياسات نتنياهو التي لا تؤثر على حجم الدعم العسكري الذي يقدم ويعلن عنه.
هل لبنان قادر على خوض حرب مع اسرائيل؟ وماذا حضر “ا ل ح ز ب” استعدادا لها عدا الخطابات الرنانة وتجاهل الرأي الآخر، فعلى المستوى النفسي معظم اللبنانيين لا يريدون الدخول في حرب وغير مستعدين لانتصارات على شاكلة حرب العام 2006 التي دمرت البلد واخذته الى الحضن الايراني وكادت تشعل حربا أهلية، كما ان لبنان بلد مفلس ومؤسسات الدولة في خبر كان، وليس لدى اللبنانيين ما يمكن ان يعوض تغييب الدولة عن القرار، ليس لدى لبنان مخزون من القمح او المحروقات او الأدوية، ففي اول معركة سيختفي رغيف الخبز والبنزين والمازوت وادوية الامراض المزمنة والمستعصية والاسعافات والبنج والدم وادوية معالجة المصابين، كما ان المستشفيات غير مؤهلة بعد انهيار القطاع الصحي، فهل هناك مثل مخزون من العلاجات التي تستخدم في حالات الحروب، الاحتراق والجراح والبتر والاوجاع والضغط وغيرها من مستلزمات كالبنج والدم وهل سيؤمن لها موتيرات الكهرباء لتبقى صالحة للعمل واستقبال ضحايا الحرب الموعودة.
هل سيكون لدى اللبنانيين مخزونا يكفيهم من المياه الصالحة للشرب ولخدمة المؤسسات وهل سيجري تأمين الغاز والمازوت والبنزين في الاسواق، هل سيكون هناك خطة إغاثة ومخزون كاف من الغذاء من طحين وسكر وأرز ومعلبات وأغذية أخرى ضرورية وهل تخزينها ممكنا مع انقطاع الكهرباء، وفي حال التهجير ماذا عن المساعدات للعائلات التي تهرب من القصف لتنجو أين ستسكن وهل سيؤمن لها حاجياتها من بطانيات وفرش وادوات صحية ومن مياه ومساعدات غذائية ونحن نرى ما نراه في غزة لا بل ما عشناه في لبنان في الحروب السابقة.
هل هناك احتياطات أخذت لمواجهة اي حرب كيماوية والقنابل الفوسفورية، هل هناك توجيهات لكيفية التعامل مع هذه الهجومات والغارات الجوية والصاروخية؟
هل هناك خطة للاجلاء لتأمين سلامة الناس وعدم سقوط قتلى وجرحى على طرقات غير آمنة، كيف سيكون عليه الحال في القرى الجنوبية وغيرها من المناطق التي سيستهدفها العدو مع اندلاع الحرب، وكيف سيأمن الناس في منازلهم في ظل الانفجارات وعدم وجود ملاجىء مجهزة من كل ما هو ضروري من اضاءة الى الطعام الى الاسعافات الاولية واماكن النوم والتدفئة للحماية من الغارات، وهل هناك تحضيرات لنقل العائلات الى اماكن آمنة، ربما باصات شبيهة بالباصات التي تم فيها نقل العناصر الداعشية من عرسال مثلا.
وهل هناك مؤسسات قادرة على ادارة الامور وباستطاعتها تخفيف الاعباء عن كاهل الاهالي الذين يعيشون الحرب الواقعة واذا توفرت هل ستكون شاملة لكل المتضررين أم ستعتمد سياسة “إيد ورجل” في المعادلة.
ثم السؤال الأهم في حال وقع اجتياح مثلا على الارض هل هناك معلومات وخطط لمكافحة “العملاء” وكيفية التعامل مع المشتبه بهم وعدم التسبب في الضرر للمقاومين عبر كشفهم للعدو.
الترويج الذي يجري بان التوازن قائم ما بين المقاومة وسلاحها مع الجيش الاسرائيلي ضرب من الجنون، الشهداء اليوم يسقطون في جنوب لبنان بالمئات والمعارك التي تجري لا تكافوء فيها، لماذا لانها تخاض وفق الساعة القديمة ولا يمكن ان يكون حال الحرب المحتملة بمواجهة كما حصل في العام 2006 فالتطور التكنولوجي يفرض نفسه، والعالم صار واحدا بحكمه، فليس لدى المقاومة انترنت خاص فهي تعمل على نفس الشبكة العالمية التي تعمل عليها إسرائيل، لقد جهد حزب الله لعمل شبكة هواتف خاصة بالمقاومة وكادت البلاد تحترق بحرب مذهبية عندما جرى الكشف عن تمديدات شبكة الهاتف الخاصة بالحزب في المطار، اليوم تغير الوضع مع التطور التكنولوجي.
ثم اين ستكون رحلة التهجير القسري نتيجة الحرب من سيستقبل اللبنانيين الهاربين من الجحيم، علاقات لبنان بالدول العربية ما تحت درجة الصفر فما زال الخطاب التخويني اليوم يتصاعد لدول الخليج ومصر والاردن، اين يذهب اللبنانيون هل الى سوريا ام العراق ام اليمن ام ايران وهل هذا الخط الاستراتيجي لـ “ا ل ح ز ب” مؤمن؟!
كل هذا الكلام لا يعني ان اللبنانيين لن يقاوموا الاحتلال الاسرائيلي ان وقع اجتياح جديد واللبنانيون الذين لا يريدون الحرب اليوم ليسوا خونة ولا تعنيهم القضية الفلسطينية وما تعانيه غزة او الضفة، هم مع الشعب الفلسطيني ومع حقه في اقامة دولته ومع حق العودة، ومع مقاومة الفسطينيين للاحتلال على ارضهم، هذا خيارهم الا انه لا يمكن يعود لبنان ساحة او يكون اللبنانيين رهائن سياسة “وحدة الساحات” الايرانية، فكفى، لم يعد بإمكان لبنان دفع فواتير عن إيران؟