![](https://akhbarkum-akhbarna.com/wp-content/uploads/2024/02/Ilias_Salim_Farhat-original.jpg)
كتب ابراهيم بيرم: من الثابت وفق الوقائع ان اسرائيل كانت تعلم يقيناً أن الهدف الذي انتقته الليلة الماضية في بلدة الغازية الساحلية، وامطرته بالقذائف من طيرانها الحربي لم يكن معداً لتخزين قذائف وصواريخ تابعة للحزب، اذ لا يمكن بناء مخزن من هذا النوع على حافة اوتوستراد دولي ومكشوف بهذه الطريقة، ولكنها (اسرائيل) اختارت هذه البقعة الجغرافية الاستراتيجية كونها تتوسط ثلاث مناطق مكتظة (صيدا والنبطية وصور) فضلاً عن انها منطقة صناعية – تجارية، لكي تبعث برسالة الى (ا ل ح ز ب) فحواها اننا مستعدون لكي نوسع مديات المعركة، وجاهزون للتفلت اكثر من قواعد الاشتباك لنضرب اهدافاً مدنية توجع وتؤذي.
ويشير الخبير الاستراتيجي العميد المتقاعد الياس فرحات الى هذا الاستنتاج الاولي الذي خرج به الى أن معادلة الدم بالدم التي لوّح الامين العام للحزب السيد حسن نصرالله في اطلالته الاعلامية الاخيرة باللجوء اليها، رداً على جريمة قتل اكثر من 10 مدنيين في غارات اسرائيلية استهدفت قلب النبطية وبلدة الصوانة، قد اخذها الاسرائيلي على محمل الجد كعادته في التعامل مع أي تعهد ووعد يطلقه نصرالله، وسعى الى ردعها بشكل مبكر.
ويضيف العميد فرحات: ان القيادة الاسرائيلية إستشعرت جدية المقاومة عندما رمت بكلام نصرالله قفاز التحدي في وجهها، واعلنت استعدادها للمضي قدماً في الابعد والاخطر وتجاوز المألوف الى المحظور، في سياق صراعها المفتوح مع الكيان الصهيوني. فلم يكن امام هذه القيادة المحشورة الا المسارعة الى فعل لأخذ زمام المبادرة، وتوجيه القذائف والصواريخ الى اهداف يعرف العدو انها قد خلت لتوها ولن تحدث مجزرة تؤدي الى إلحاق الاذى بالمدنيين العاملين فيها، ولكنها تريد توجيه رسالة يعلم (ا ل ح ز ب) مؤداها وشيفرتها وهي على النحو الآتي:
- إياك ان تنفذ معادلة الدم بالدم التي تهدد بها لأننا لن نتورّع عن الرد والتوسعة والمضي الى ما هو ابعد واخطر.
ويشير فرحات الى ان الاسرائيلي غطى جريمته تلك (قصف الغازية) بابتكار كذبة وذريعة عنوانها ان مسيّرة للحزب قد سقطت بالقرب من طبريا بعدما اجتازت اكثر من 10 كيلومترات في العمق الاسرائيلي من دون ان تكشفها اجهزة الرصد والردارات المتطورة، علماً أنه كان اعلن قبل وقت قصير أن المسيّرة عائدة له.
ويخلص العميد فرحات في تصريح لموقعنا، ان اسرائيل بفعلتها الجديدة تلك تحاول “تثبيت معادلة الرد” القائمة بينها وبين (ا ل ح ز ب) منذ زمن، اما رد (ا ل ح ز ب) فلا يمكن لأحد التكهن به كونه ملك قيادته الميدانية التي تقدر الامور بقدرها.
وفي كل الاحوال، يبدو أن المعركة على الحدود اللبنانية – الاسرائيلية قد انتقلت من دائرة المشاغلة لتصير “تماساً مع الحرب” لأن طرفي النزاع أي (ا ل ح ز ب) والاسرائيلي قد فرضت عليهما تطورات الميدان أن يقتربا اكثر فأكثر من المواجهة والصدام الأوسع، خصوصاً ان الجانب الاسرائيلي يبدو اكثر توتراً واكثر حاجة الى القيام بفعل كاسح للحزب.
وقد ارتفع منسوب ذلك التوتر بعد تهديد نصرالله ووعيده بمعادلة عسكرية جديدة، وفق قول الباحث السياسي القريب من (ا ل ح ز ب) الدكتور وسيم بزي.
ويستنتج الكاتب الفلسطيني المقيم في غزة حلمي موسى، بأن التصريح الاخير لوزير الدفاع الاسرائيلي غالانت والذي توعد فيه باعادة مستوطني الشمال المهجرين الى اماكن سكنهم من خلال اتفاق او غير ذلك، بأنه ينطوي “على تهديد مبطن ويظهر أن الاجواء مع لبنان آيلة الى تصعيد مفتوح رغم الحذر الذي صار اشد ظهوراً”.
وكتب موقع “تي تايمز اوف اسرائيل” العبري، أن “المنطقة الشمالية متوترة الى اقصى الحدود، ومن الواضح للجميع أنه إذا توتر الوضع اكثر قليلاً، فان ابواب الجحيم ستفتح”. هذا صحيح، ويعرفه الجانبان في بيروت وفي القدس، فيحاولان السير بحذر على حافة الهاوية من دون الوقوع فيها. لكن الجميع يدركون أن الأمر بهذه الطريقة ولا يمكن ان يستمر لفترة اطول.