كتب ابراهيم بيرم لـ “أخباركم- أخبارنا”
أي جديد حملته زيارة الموفد الاميركي الخاص آموس هوكشتاين الاخيرة الى بيروت وقبلها الى تل ابيب، طياً لصفحة مرحلة قد تولت، وفتحاً لمرحلة جديدة اكثر ضراوة عنوانها تصعيد بلا سقوف على الحدود الجنوبية اللبنانية – الاسرائيلية بين حزب الله واسرائيل؟ وهل فعلاً حمل معه “رسالة الانذار الاخير” معه الى المسؤولين فيها؟
ثمة من يتحدث عن 3 وقائع ومعطيات اكسبت الزيارة الثامنة لموفد واشنطن الى المهمات الصعبة الى بيروت منذ ان فتحت حركة “حماس” عبر عمليتها الشهيرة “طوفان الاقصى” حرباً متدحرجة تختلف عن كل ما سبقها من جولات الصراع العربي – الاسرائيلي وحروبه الواسعة والمحدودة:
- انها اتت طارئة ومستعجلة، لا سيما بعدما بلغت المواجهات على الحدود الجنوبية مبلغاً غير مسبوق، بفعل رسائل حزب الله الميدانية اليومية المكثفة، تفصح عن استعداده التام للتفلت من قواعد الاشتباك المعهودة منذ اشهر والتمرد عليها، وتشي برغبته بالانطلاق نحو تصعيد اقرب ما يكون الى حرب مفتوحة وشاملة د.
- ان حزب الله ما لجأ الى الاستعانة اخيراً بما في جعبته وترسانته من مفاجآت خصوصاً في مجال الجو، الا بعد اقتحمت القوات الاسرائيلية في 20 ايار الماضي معبر رفح، وهو ما عد مقدمة لفعل عسكري مفتوح ينتهي بالقضاء على حركة “حماس” وتصفية المقاومة وتوجيه ضربة ماحقة لها وهو امر ادرجه محور المقاومة منذ الاساس في خانة الخطوط الحمراء والمحظورات مهما كلف الامر.
- ان الزيارة اتت بعد تعمق الازمة السياسية في الداخل الاسرائيلي على وقع التطورات العسكرية الدراماتيكية المتسارعة، المترافقة مع عجز القيادة العسكرية الاسرائيلية عن الحسم كما تعهدت ووعدت ضمن المهلة الافتراضية، وهوة ما انتج تبايناً خرج دفعة واحدة الى دائرة الضوء بين حكومة نتنياهو وبين المؤسسة العسكرية الاسرائيلية، وما تجلى في ما صار يعرف ب “الهدنة التكتيكية” التي اعلنتها القوة التي تقاتل في غزة صبيحة اول ايام يد الاضحى من دون علم الحكومة والقيادة السياسية في تل ابيب، والتي ولدت سجالاً بدأ ولم تنته فصوله بعد.
والمعلوم ان هذا التطور الخلافي اتى مباشرة بعد نحو 36 ساعة على الازمة التي عصفت بحكومة نتنياهو باستقالة وزيرين منها.
في ضوء كل هذه المستجدات، وصل هوكشتاين الى بيروت، وهو الذي استنكف عن زيارتها واحتجب عن الحضور اليها منذ نحو ثلاثة اشهر، وقد غادرها منذ ذاك التاريخ بعد ان ابلغ من يلتقيهم فيها من المسؤولين انه ليس في وارد العودة الا اذا استشعر ان ثمة ارضية صالحة وظروفاً مؤاتية لوضع اتفاق تهدئة على الحدود المشتعلة، خصوصاً انه قد يئس من امكان ان يفرض على الحزب ما من شأنه ان يجبره او يقنعه بفصل الجبهتين وقطع المسارين.
يستنتج الخبير الاستراتيجي العميد الياس فرحات بأن جولة هوكشتاين الاخيرة المفاجئة “ما اتت الا بناء على امرين:
الاول انفاذاً لطلب اسرائيلي مباشر وعاجل جوهره: مارسوا نفوذكم وتاثيركم حيث يجب للحيلولة دون تدهور واسع على “جبهة الشمال”، وبمعنى آخر لكبح جماح حزب الله عن اي “فعل متهور” لا سيما ان اداءه العسكري في الاونة الاخيرة وتحديداً منذ العشرين من ايار الماضي، بات على درجة عالية جداً وغير مسبوقة من الحماوة والمخاشنة.
الثاني ان الاميركي سارع مضطراً الى تلبية الطلب الاسرائيلي على الرغم من اقتناعه المسبق بلا جدوائية حراك الموفد هوكشتاين وجولته الجديدة، لانه على يقين تام من ان حزب الله ومحوره لا يملكان ادنى استعداد لترك حركة “حماس” تستفرد وحيدة من جانب الوحش الاسرائيلي في معقلها الاساس وحصنها التاريخي”.
لذا، يستطرد العميد فرحات ان في طوايا الرسالة التي حملها هوكشتاين، حسب ما سرى من معلومات الى الذين التقاهم في بيروت اي الرئيسين نبيه بري وميقاتي، مضموناً واحداً يمكن اختزاله ب “ساعدونا على تهدئة نتنياهو من موجة الغضب التي تتلبسه، لنمنعه من ركوب رأسه والانزلاق الى موجة جنون وتهور قد تأخذ المنطقة كلها الى حرب اقليمية.
ويضيف العميد فرحات ان هذا هو جوهر ما عبّر عنه بعض الاعلام اليوم عندما اورد ان هوكشتاين حض الجميع على العودة للالتزام بقواعد الاشتباك المألوفة وعدم تخطيها.
وهذا الامر برأي فرحات يفصح عن قناعة اميركية باستحالة ان يقبل الحزب في لحظة ما بوقف المواجهات التي يخوض غمارها على جبهة الجنوب ما دام الاسرائيلي يشن حرب الابادة على غزة بشراً وحجراً على مدار الساعة، ويرفض كل مشاريع الحل التي تقدم من هذه الجهة او تلك.
ورداً على سؤال اجاب: ان فيلم عملية المسح الجوي الذي نفذته مسيرات الحزب ومن ثم عمل الجهاز الاعلامي في الحزب على بثه وتعميمه (عملية الهدهد) ينطوي على ابعاد مهمة: - توقيت البث المترافق مع زيارة هوكشتاين الى بيروت، فبدت وكأنها رد استباقي مباشر على ما يحمله من رسائل وانذارات.
- انها تجسد خطاب التصعيد العملاني الذي يمارسه الحزب منذ زمن بعيد، استكمالاً للتصعيد الكلامي الذي يطلقه على نحو يومي منذ ان انفتحت ابواب المواجهة الحدودية.
- ان فحوى الرسالة التي شاءها الحزب من وراء بث هذا الشريط هذا هو بنك الاهداف الذي بحوزتنا وبمقدورنا الوصول اليه والنيل منه عندما نرى حاجة وضرورة.