![](https://akhbarkum-akhbarna.com/wp-content/uploads/2024/06/33056-nafida-720x405-1.jpg)
كتب حنا صالح في صبيحة اليوم ال1710 على بدء ثورة الكرامة
قمة المأساة أن يصبح الخارج، حتى الذي يحمل صفة العدو الإمبريالي، أكثر حرصاً على لبنان ومصالح اللبنانيين من النكبة المتمثلة بتسلط منظومة الفساد الإجرامية. قمة مأساة اللبنانيين ليست فقط بخارج يريد السيطرة على البلد، بل بالتحالف الداخلي المافياوي سياسي البنكي الميليشياوي المتجبر والذي يتحكم بالبد وبحياة أهله، وكأن الناس لا قيمة لحياتهم ولا معنى لأحلامهم وآمالهم وما يحلمون به ويريدون تحقيقه!
حتى صندوق النقد الدولي، البعبع”، قال بوضوح لا بديل عن المحاسبة ولا مندوحة من إعادة هيكلة المصارف، ولا سبيل غير قانون شفاف برفع السرية المصرفية لمعرفة حجم المنهبة والطرق المبتكرة بالفساد وإرتكاب جريمة العصر بحق اللبنانيين كافة والتي ما زالت دون مساءلة أو حساب! حتى هذا “البعبع” حذّر المتسلطين على البلد من خطورة ما يسعون إليه تحت عنوان “صندوق سيادي” أو “إئتماني”، لأنه سيضيع أصولاً للدولة تعود لكل الشعب اللبناني وبعدها سيكون من سابع المستحيلات إعادة وضع لبنان على سكة التعافي والنهوض.
قال لنا الخارج إحتفظوا بإحتياط الذهب ولا تفرطوا به، إحتفظوا بكل الأصول، والمنطلق ينبغي أن يكون محاسبة الناهبين الذين سطوا على المال العام وسرقوا الودائع. المحاسبة وحدها، ولدينا التدقيق الجنائي، ترسم طريق الخروج من الكارثة..لكن المافيا قررت السطو على المستقبل والمضي في عملية تدمير ممنهج سيتم تقريشها في طاحونة المشروع السياسي البديل الإلحاقي الذي يحمله حزب الله ويتابع تنفيذه.
زيارة هوكشتين، الموفد الأميركي، لم تحمل اي مبادرة ولا وعد بأي ترتيبات. كانت زيارة قرع ناقوس الخطر: “هذا النزاع على جانبي الخط الأزرق طال بما فيه الكفاية..من مصلحة الجميع حل النزاع بسرعة وسياسياً، وهذا ممكن وضروري وفي متناول اليد”..نبه من إلتقاهم أن المستوى السياسي في إسرائيل من حكومة نتنياهو ومعارضيه في موقف واحد ضاغط لإنهاء مسألة الشمال وعدم قبول إستمرار واقع تهجير الأهالي.. وهذا أمر يضاعف رغبة نتنياهو في توسيع الحرب. وقال هوكشتين: “نريد تجنب مزيد من التصعيد بين إسرائيل ولبنان بدلاً من حربٍ مفتوحة..”
قول واحد في السراي وعين التينة، خبّرتنا جريدة الأخبار، مفاده أن “لبنان لا يريد الحرب، وأن حزب الله يخوض المعركة وفق قواعد وضوابط واضحة ويتجنب إستهداف المدنيين رغم أن العدو يضرب المدنيين اللبنانيين”! في السراي وعين التينة مجرد سعاة بريد ينقلون الرسائل الذي حزب الله، الذي ينتظر بدوره الإشارة من طهران، وقد أصبحت “المشاغلة” في خانة الحرب الإيرانية لخدمة أهداف حددها وزير خارجية إيران بالوكالة وهي حجم الحصة الإيرانية في المنطقة!
كل هذا الوضوح لم يحرك السلطة التنفيذية ورئيسها تحديداً للكف عن نهج التخلي عن صلاحيات دستورية واضحة. لقد أناط الدستور صلاحيات التفاوض والإتفاقات إلخ.. بهذه السلطة حصراً في غياب رئيس الجمهورية، فمتى يتحمل ميقاتي مسؤولية الموقع الذي يشغل والصلاحيات المنوطة به؟ ومتى تعود الأولوية لحماية أرواح اللبنانيين وحقوقهم ومصالح البلد؟
بالتزامن طغى في الإعلام فيلم الدقائق العشرة الذي عاد به “هدهد” حزب الله من الأجواء في إسرائيل فقدم للمشاهدين صوراً ثابتة ومتحركة عن حيفا ومحيطها، ليعلن عن قدرات يمتلكها حزب الله ولم يستخدمها بعد في حرب “المشاغلة”. ما حدث سيترك ولا شك تأثيراً نفسياً، والحرب النفسية جزء مكمل للحرب وفي صلبها. لكن صورة القوة التي إرتسمت ليست في مكانها، فكل هذا الفيلم يمكن الحصول عليه من “غوغل آيرث”، وفوق ذلك هل تعني الصور أن التوازن تحقق في السيطرة على الأجواء؟ يعني “هدد” حزب الله يوازي ال F35 مثلاً؟
أما لمن يريد القول أن حيفا ومحيطها، المنطقة التي تضم نحو 400 ألف ويزيد من السكان، هي بنك أهداف حزب الله، فمثل هذا الترويج خطير لأنه سيترك صدمة لدى الجمهور. بداية حقل “كاريش” أقرب وهو أكثر مناطق إسرائيل أمناً؟ أما إستهداف مناطق مدنية كحيفا فهو يطرح الأسئلة القاسية ماذا عن صور؟ والنبطية؟ وصيدا؟ وماذا عن مدينة بعلبك؟ وماذا عن الضاحية الجنوبية وماذا عن العاصمة بيروت وغيرها؟
كفى، ما سيحمله الخطاب ما بعد “الهدهد” معروف. لكن المنتظر من المتسلطين مرة واحدة إلتفاتة إلى الناس، إلى الدمار، إلى التهجير، أما الإحتفاء بتفقد بعض الأهالي المدافن يوم العيد فلم يؤمن عودة الذين فقدوا حياتهم، ويعيد إعمار البلدات المهدمة، التي حولها التوحش الإسرائيلي قبل الحرب المفتوحة إلى ركام!
وكلن يعني كلن وما تستثني حدن منن.