![](https://akhbarkum-akhbarna.com/wp-content/uploads/2023/06/eeeb39c6-e87e-4f75-abf5-4a40ca6dc752-800x500.jpg)
كتبت استال خليل: بعد أعوام من التحضير، خرج فيلم “الطريق” (The Road) إلى الضوء، وذلك بمساع نضالية من المخرج السينمائي، والذي يدرس حالياً الحقوق في الجامعة اللبنانية، جورج تادروس.
![](https://akhbarkum-akhbarna.com/wp-content/uploads/2023/06/2cf03923-ba3f-40bd-9310-bdf233f68a75-1024x540.jpg)
لم يرد جورج الشاب الثلاثيني، أن يكون هذا العمل عادياً، بل أصر أن يوصل الحقيقة كما هي، كاشفاً الظلم الذي تعرض له اللبنانيون من دون تزييف، ومضيئاً على الشراكة بين النظامين الأمنيين اللبناني والسوري.
ابن زغرتا أحب أن يشاركه العمل الذي كتبه وأخرجه بنفسه أكبر الممثلين، على رأسهم الممثلة القديرة وفاء طربيه التي أبدعت بدورها كالعادة والشفافة والصادقة بتمثيلها، والممثل السوري أيمن حموي لأنه أراد أن يلعب دور الشخصية السورية ممثلاً سوريا. إضافة إلى الممثلين إيلي ميتري، الذي لمع بأدائه في فيلم قصة حياة مار شربل، ومجد زغيب الذي أضاف واقعية إلى شخصية الضابط اللبناني، وأسمى المصري التي أحبت أن تبدأ مسيرتها بهذا العمل. كما شارك في العمل كل من جورج يونس وسركيس عكاري وفريد رحمه ورينيه معوض وأنطوني باسيل الذين أبدعوا بأدوارهم، وأيضا ميشال أضباشي الغني عن التعريف.
تم تصوير هذا الفيلم عام 2018، ولتغطية تكاليف إنتاجه، قام تادروس ببيع سيارته.
يقول تادروس في حديث عبر “أخباركم أخبارنا”، “الطريق” فيلم قصير تدور أحداثه في العام 1994، يوم سعت الإستخبارات السورية بغطاء من الدولة اللبنانية إلى إسكات الصوت المُطالب بالسيادة والاستقلال، فقامت بتوقيف العديد من الشبّان وممارسة جميع أنواع التعذيب بحقّهم لإجبارهم على الاعتراف بما لم يرتكبونه”.
ويصيف: “لعب إيلي ميتري دور “بطرس”، الشاب اللبناني المتزوّج الذي أُلبِس تهمة التعامل مع إسرائيل، وتمّ أخذ بصمته وهو تحت تأثير التعذيب كإعترافٍ غير شرعيّ، وحُكِم عليه بالسجن المؤبَّد. وتوفي في ما بعد يوم ولادة ابنه بول ماري الذي لعب دوره جورج يونس، وكبر وتجول في رأسه مجموعة من أسئلة حول القضية التي استشهد في سبيلها والده”.
وتابع: “هذا الفيلم كان تجربتي الأولى في عالم الكتابة والإخراج السينمائي. أحببت أن يكون الموضوع الأول الذي سأتحدث عنه يعنيني، وأن يعبر عن قضية أعتز أنني تربيت عليها وتشربتها. لكن مع البحث والإستماع إلى بعض الشهادات الحيّة المتعلقة بناس دفعوا ثمن قضيتهم دما لنبقى ونستمر، رأيت أن هذا الموضوع أصبح الحديث عنه واجباً ليذكره التاريخ من دون تزوير، ولمنع أن تصبح الضحية جلادا بعيون جيل حصل على لبنان وهو محصن بدم هؤلاء الشهداء”.
![](https://akhbarkum-akhbarna.com/wp-content/uploads/2023/06/70f9c084-666d-4758-951d-cf4137f4eba2-1-1024x540.jpg)
ولفت تادروس إلى أن “لغة الفيلم هي لغة واقعية، وقاسية كثيراً بالنسبة لمدته التي لا تتخطى الربع ساعة”، مضيفاً “حاولت الإضاءة على معاناة عمرها سنوات وكان من الصعب اختصارها في وقت قصير. حاولت أن أخرج العمل بنسخة مخففة من دون شتائم ولغة قوية، لكنني رأيت أنه خسر كثيراً من واقعيته، لذلك فضلت عرضه على منصات التواصل الإجتماعي من دون تجميل أو تحريف”.
وشدد على أن “الصورة الحقيقية قاسية جداً، وما رآه شبابنا وأهلنا أكبر من أن يحصر، فالفيلم هو نقطة ببحر، ولنترك هذه النقطة مالحة من دون أن نرش عليها السكر، لكي نتذكر ولا ننسى ونحمل الأمانة بأمانة ونحافظ عليها مهما حصل”.
وأضاف: “هناك جملة قالها جورج نصر، أب السينما اللبنانية، وأعتبرها مادة دستورية على كل صانع سينما أن يلتزم بها: السينما عبارة عن مرآة تعكس حقيقة المجتمع كما هو… وأعتقد أن هذه هي حقيقتنا وهذا هو تاريخنا النضالي الذي بدأ مع أول مسيحي حمل صليبه في هذا الشرق ويستمر حتى نهاية الأزمنة. والأكيد أن هذا الفيلم هو البداية لتوثيق أبرز المحطات التاريخية المجيدة لبلد اسمه لبنان. في النهاية مثلما الرسام يستخدم الألوان ليعبر عن نفسه وعن أفكاره، نحن كمخرجين نستخدم كل مشهد لنعبّر عن أفكارنا ونحاول إيصالها كما هي، عله يأتي اليوم الذي تعود فيه السينما اللبنانية مرآة حقيقية وشفافة تعكس حقيقة لبنان الذي حلموا به شهدائنا واستشهدوا لأجله والذي نحن بدورنا نحلم به”.
وأردف تادروس قائلاً: “أتذكر اليوم الذي زرت فيه القديرة وفاء طربيه في منزلها في الأشرفية أنا ومجموعة من رفاق الجامعة… يومها لا أنسى الإنسانة الرائعة التي لم تكن تعرفنا، كيف استقبلتنا على درج البيت حاملة مسبحة الوردية بيدها. أعطيتها النص وأنا جالس وأتأمل تاريخنا الفني على جدران منزلها ومذهول بالصور المعلقة، وإذ أرى عينيها تدمعان وهي تقرأ، لتبكي بعدها مع كل حرف. وعندما أنهت قراءة النص، أخبرتنا عن تجربتها مع الإحتلال وكيف كانوا يغطون الأحداث تحت القصف بالإذاعة. كانت ساعات لا تنسى… نشوة فنية ووطنية لا مثيل لها. وعندما سألتها عن الاجر الذي تريده مقابل مشاركتها بهذا العمل، قال: عيب يا صبي منك أكرم مني مع التاريخ ومع لبنان ومع القضية. ورفضت أي كلام بالماديات، ويومها أصبحت وفاء طربيه القديرة عرابتي في عالم الفن”.
![](https://akhbarkum-akhbarna.com/wp-content/uploads/2023/06/0db70ffa-56a3-4fad-a0b6-9ba55812d468-1024x540.jpg)
وختم قائلاً: “الجو والإحساس والإبداع الذي كان مسيطراً يوم التصوير، أعادني إلى زمن التسعينيات، ومنعني من قول كلمة “cut” حتى… 9 دقائق لخصت معاناة كل أم في هذا البلد، ولم أشعر بقيمتهن إلا يوم فقدت أمي،، وعرفت عندها ان هذا البلد يستحق كل التضحيات، وما من شيء أغلى من هذا الوطن”.