![الجنرال ميشال عون](https://akhbarkum-akhbarna.com/wp-content/uploads/2023/06/91CBAAA7-5E52-4EA6-AAC2-A2F6D68A9BBF-800x500.jpeg)
كتب ميشال ن. أبو نجم: في المحطات المفصلية يرسم ميشال عون مواقف مبدئيةً، وطنية بقدر ما تعبّر عن اتجاهات عابرة للطوائف ولا تستند إلى العصبية المعتادة في تغذية الصراعات السياسية اللبنانية. هي مواقف تجمع بين البعد الوطني والتفكير الإستراتيجي الذي يستنِد عليه في قراءته التغيّرات والتحولات، ويضعها سقفاً توجيهياً للتيار الذي أسسه لا يتخطاه أحد، سواء تجاه محطات وأحداث يدور عليها جدل أم لا.
سبق وأن رسمَ الخط الفاصل في التعاطي مع حادثة الكحالة الشهيرة، ضبطاً لوضع تريد قوى استخباراتية توريط بعض اللبنانيين فيه بفتنة من دون طائل. لم يتردد في وضع السقف الذي تلقفته شرائح ونخب إسلامية واسعة، سواء كانت شيعيةً أم سُنية ولو تناصبه الخصومة. لكن في الموقف من “حرب تشرين” الفلسطينية يبرز البعد الإستراتيجي الذي حكم موقفه، كما في حرب تموز، بتشديده على خلاصة انتصار الإنسان على آلة التدمير.
هو أصلاً لم يتخلَّ عن اتجاهاته تجاه القضية الفلسطينية منذ أيام النفي، وصولاً إلى مرحلة ما بعد ال2005 ومنعطف ال2006 حين أصرَّ على رؤيته بهزيمة إسرائيل الحتمية وانتصار المقاومة. وهو اليوم يعيد تسليط الضوء على “الخطيئة الأصلية” المسببة لجروح الشرق الأوسط وحروبه والمتمثلة بعنجهية إسرائيل وتمسكها بمنطق القوة ورفض الحق الفلسطيني. ذلك أنّه غالباً ما تتجاهل الطبقة السياسية اللبنانية، عن غباء أو عن تورط، المعضلة الأساسية المتمثلة بعدوانية إسرائيل التي صنعت اللجوء الفلسطيني ومزقت مع السياسات الغربية العالم العربي وفككت دوله، وأنتجت كل التداعيات المدمرة على النسيج الإجتماعي المتنوع.
في القراءة السياسية، يرتبط موقف “التيار” مع موقف “الجنرال” بالركيزة الأساسية، أي البعد الوطني والأخلاقي في تحميل إسرائيل المسؤولية برفضها إقامة الدولة الفلسطينية واستمرار اضطهاد الفلسطينيين. يربط “التيار” وعلى لسان جبران باسيل ذلك بالتمسك بمكامن القوة في لبنان، أي عملياً مقاومة حزب الله، حفاظاً على حقوق لبنان وردعاً لإسرائيل عن المغامرة مجدداً تجاه لبنان.
في الركائز المبدئية، لا اختلاف في موقف التيار الوطني الحر. لكن هذه المرة هي ليست حرباً إسرائيلية على لبنان، ولو أن واقع الحال الإستراتيجي يجعل من التقاطع بين الفصائل الفلسطينية وحزب الله وصولاً إلى جبهة الجولان أمراً حتمياً في الدعم والإسناد. وبالتالي، فإن تركيز المقاومة في الداخل الفلسطيني هو الأساس للوصول إلى الأهداف المنشودة، وليس استعمال جبهات أخرى وجنوب لبنان تحديداً، لتوريط لبنان المثقل بالأزمات في ما لا طاقة له عليه.
وهذا الإختلاف في طبيعة المعركة بين تموز 2006 وتشرين 2023، هو ما يجعل “التيار” برئيسه وهيئاته يرسمون الحد الفاصل بين الموقف الوطني والأخلاقي، وبين الحفاظ على مصلحة لبنان. وهذا ما جعل لازمة عدم الإنزلاق واستعمال الجنوب من قبل المنظمات الفلسطينية، تتكرر مراراً في الأيام الأخيرة، وصولاً إلى مواقف ثلاثة متتالية في تكتل “لبنان القوي”، وتغريدة لباسيل ومن ثم لمستشاره السياسي والإعلامي أنطوان قسطنطين، استحضرت التحذير من “فتح لاند” والدعوة لتضامن “الساحات” الإنساني والسياسي، لا العسكري كما يتحدث أنصار “محور المقاومة.
هنا، البعد اللبناني يصنع مجدداً الثابت والمتغير في صناعة موقف “التيار” من “حرب تشرين” المُستعادة فلسطينياً.