![](https://akhbarkum-akhbarna.com/wp-content/uploads/2023/08/2890844_1690872008-800x500.jpg)
كتب ابراهيم بيرم: هل فعلاً ان اسرائيل ارتكبت خطأ ميدانياً عندما تساقطت قذائف مدفعيتها اخيراً على مواقع القوة الدولية العاملة في الجنوبية (اليونيفيل) واستهدفت ايضاً مواقع للجيش اللبناني؟
من المعروف ان مواقع اليونيفيل تعرضت منذ الثامن من تشرين الاول الماضي ثلاث مرات متتالية للقصف الاسرائيلي، الاولى كانت بعد اقل من اسبوع على اشتعال جبهة الحدود الجنوبية، عندما فوجئت القوة الدولية بأكثر من خمس قذائف مدفعية تنهمر فجأة على مقر قيادة هذه القوة في بلدة الناقورة الحدودية.
وبعدها بنحو اربعة ايام سقطت اكثر من قذيفة اسرائيلية على آلية لهذه القوة كانت تسير على طريق في الجانب اللبناني من الحدود بالقرب من بلدة بليدا.
وقبل اقل من 48 ساعة انتشرت انباء عن استهداف قذائف اسرائيلية لبرج المراقبة التابع لمركز دولي بالقرب من بلدة الخيام في منطقة مرجعيون – حاصبيا.
يستبعد الخبير الاستراتيجي العميد المتقاعد الياس فرحات تماماً فرضية الخطأ في مثل هذه الحال عند الجانب الاسرائيلي ويقول لموقعنا: ان هامش الخطأ خصوصاً في منطقة مثل منطقة الحدود الجنوبية التي هي منطقة نشاط عسكري قديم، يكاد يكون منعدماً تماماً. فعلى طول الحدود بين لبنان والاراضي الفلسطينية المحتلة من الناقورة ساحلاً صعوداً حتى اعالي منطقة العرقوب والتي تقدر بنحو 105 كيلومترات، هي منطقة مستطلعة ومعلمة على خرائط غرفة العمليات الاسرائيلية، خصوصاً عندما يتعلق الامر بنقاط مكشوفة وواضحة وثابتة الى حد بعيد.
وعليه، يستنتج فرحات ان القصف الاسرائيلي المتكرر للقوة الدولية، وان كان محدوداً، الا انه لا يمكن التعامل معه الا على اساس انه عبارة عن رسائل ذات اهداف مكثفة وموجهة الى اكثر من جهة، لا يمكن عزلها ابداً عن الحديث المتعاظم عن مستقبل الوضع على الحدود الجنوبية، خصوصاً في ضوء الكلام عن ترتيبات جديدة بناء على ما يسمى تفعيل القرار الدولي 1701 وادخال تعديلات عليه، ولن يطول الوقت حتى تتكشف معالم الرسالة الاسرائيلية.
في المقابل، ابلغت مصادر على صلة ب”حزب الله “بأن ثمة روابط بين الاستهداف الاسرائيلي المتكرر لقوة اليونيفيل والاستهداف المحدود لمواقع الجيش اللبناني.
والمعلوم ان قذيفة مدفعية بعيدة المدى سقطت قبل ايام على موقع ثابت للجيش اللبناني بالقرب من بلدة عيتا الشعب الحدودية، ما ادى الى استشهاد رتيب وجرح ثلاثة آخرين من رفاقه في الموقع اياه.
وبعدها بأقل من 36 ساعة، استهدفت قذيفة اسرائيلية مركز استشفاء ميداني للجيش بالقرب من بلدة عين ابل، ما ادى الى احتراقه بالكامل.
والواضح، وفق المصادر عينها، ان ثمة قاسماً مشتركاً من “رسالتي” اسرائيل الى كل من قوة “اليونيفيل” والجيش، وهي تتصل بمستقبل الوضع على الحدود الذي تعتبر اسرائيل انه لا يمكن ان يحافظ بعد اليوم على “الستاتيكو” الذي كان عليه قبل 8 تشرين الاول الماضي، ولكن بطبيعة الحال ثمة فارق في مضمون كلتا الرسالتين. اذ أن الجلي، ان البعض يجد في طوايا الرسالة الاسرائيلية الى الجيش احتجاجاً شديد اللهجة على ادائه الحالي على الحدود، وعدم وقوفه في وجه تحركات حزب الله والقوى المتحالفة معه، وهي تخوض معاً منازلة يومية بالنار بدأت كحرب مشاغلة لتنتهي حرب استنزاف.
وليس خافياً ان الجيش هو جزء اساسي من انفاذ القرار الاممي الرقم 1701 اذ يفترض به وفق هذا القرار ان يكون هو والقوة الدولية متحفزين للحيلولة دون اي وجود مسلح في بقعة جغرافية حددها القرار (جنوب نهر الليطاني) ترفضه اسرائيل بطبيعة الحال.
وفي السياق عينه، تتحدث المصادر اياها عن تعارض في النظرة الى مستقبل الترتيبات على الحدود بين الجانبين الفرنسي والاميركي.
ففي حين كشف الموفدون الفرنسيون الذين وفدوا الى بيروت في الايام الماضية للذين التقوهم في العاصمة اللبنانية عن توجه جديد يقوم على فكرة اعادة صوغ جديد لدور اليونيفيل على نحو يسمح بتطبيق القرار 1701. وعليه فان الجانب الفرنسي يعتبر ان هذا القرار مؤلف من عشرة بنود وان 3 بنود فقط بقيت من دون تنفيذ وواحد منها يتعلق باخلاء بقعة عمليات اليونيفيل من اي وجود واية مظاهر مسلحة.
في حين ان الرسل الاميركيين، وفي مقدمهم هوكشتاين ركزوا في لقاءاتهم المتكررة في بيروت، على منطلق اساس وهو ترسيم للحدود البرية على نحو يضمن معالجة النقاط ال13 المتحفظ عنها بما فيها نقطة البي 1 في الناقورة، وتضمن ايضاً اخلاء القوات الاسرائيلية لمنطقة شمالي الغجر (خراج بلدة الماري اللبنانية) وقسم من مزارع شبعا وتلال كفر شوبا .لتكون كل تلك الاجراءات مقدمة لتطبيق مختلف للقرار 1701.
وعندما سأل الموفدون الاميركيون عن رؤيتهم للتطبيق المختلف للقرار 1701 أسهبوا في الحديث عن مزايا تجربة قوة “الاندوف” العاملة على الحدود بين سوريا واسرائيل، وهي اساساً قوة مراقبة محدودة العدد، ولكن اداءها كان ايجابياً.
وعليه، وجد المعنيون بالامر في بيروت، ان الاميركيين ربما يضمرون في وجدانهم رغبة في انهاء دور اليونيفيل كقوة كبيرة وصولاً الى اضعاف دور الكتيبة الفرنسية العاملة في اطار هذه القوة والتي تتولى امر عمليات هذه القوة.
وفي كل الاحوال، فان هؤلاء المعنيين لا يرون واقعية في اي طرح عن مستقبل الوضع على الحدود، وفي مسألة الترتيبات المحتملة التي ستفرض لاحقاً والمواجهة في ذروتها في غزة وعلى الحدود الجنوبية، اي ان الكلمة هي الآن للميدان.